'نصف ثورة ونصف انقلاب'.. ياسر الصالح واصفاً الثورة المصرية
زاوية الكتابكتب يونيو 20, 2012, 1:11 ص 733 مشاهدات 0
الكويتية
يا ثورة ما تمت
د. ياسر الصالح
أفضل وصف للثورة المصرية هو أنها نصف ثورة ونصف انقلاب، صحيح بأن الثوار خرجوا للميادين رافضين مبارك ونظامه، ولكن الجيش كذلك كان لا يريد التوريث، ولذلك كان موقفه داعما لتحرك الثوار بالحماية تارة وبالحياد تارة أخرى.
حدود التوافق بين النصف الثائر والنصف الانقلابي العسكري هو إسقاط مبارك وأولاده، أما إسقاط كامل النظام فلم يكن محل اتفاق، فالعسكر كان يريد إسقاط «بعض» النظام، خصوصا الجزء المرتبط والقريب من مبارك وأولاده، ولكنه بلا شك يريد الإبقاء على جزء كبير من النظام، وهو الجزء الذي أبقاه واستخدمه خلال السنة الماضية لتمرير خطته وأجنداته.
بعد سقوط مبارك وأولاده بدأ التنافس بين النصفين المنتصرين، الثوار والعسكر، على تحديد شكل الواقع السياسي في مصر، وهنا برز بشكل واضح ضعف جانب الثوار في هذه المنافسة، فلم يكن لهم قيادات ناضجة وجاهزة ومحنكة تستطيع خوض هذه المنافسة مع المحنكين من العسكر وحلفائهم في النظام السابق، وهنا ظهرت انتهازية الإخوان الذين لم يشاركوا في الثورة من بدايتها، وحين شاركوا فيها على تردد كان قياديوهم يجلسون مع اللواء عمر سليمان، في الوقت الذي كان نظامه يقتل الثوار في الميادين، ولكن الإخوان استطاعوا بسبب ضعف الثوار في الجوانب التنظيمية والحنكة السياسية، وبسبب قوتهم التنظيمية، وكذلك بسبب دعم جهات خليجية رسمية وشعبية لهم ماديا وسياسيا، استطاعوا أن يتصدروا الساحة السياسية الثورية، ويسحبوا البساط من تحت القوى الثورية الحقيقية التي بذلت التضحيات، واستطاعوا أن يستفيدوا من تضحيات هذه القوى بعد كل صدام دموي يقع بينها وبين الجيش، وقد انتبه الثوار لهذا الاستغلال الإخواني ولكن متأخرا.
النقطة المفصلية كانت عند الانتخابات الرئاسية، وهي التي كشفت انتهازية وعدم مصداقية الإخوان بشكل واضح لعموم القاعدة الشعبية المؤيدة للثورة، فإصرارهم على خوض الانتخابات الرئاسية بمرشح منهم رغم المخاطر التي تم تنبيههم لها وثبت صدقها فيما بعد، ورغم أنهم كانوا يسيطرون على البرلمان مما دفع بالكثيرين للتصويت لمرشح الانقلابيين العسكريين وإنجاحه للوصول للدور النهائي، وبفرصة جدية للفوز بمنصب الرئاسة، ما يعني عمليا خسارة النصف الثوري للنصف الانقلابي العسكري.
عند هذا المنعطف المصيري للقوى الثورية وخوفا من خسارة الثورة وضياع التضحيات اقترح الثوريون على الإخوان توحيد الصفوف وتكوين مجلس رئاسي يجيء مرشحه للرئاسة بنسبة كاسحة تعطي الثوريين شرعية التمثيل الشعبي، ولكن الإخوان رفضوا وأصروا على التشاطر والأثرة، وتهميش القوى الثورية الحقيقية، وهنا قرر قطاع كبير من هذه القوى الثورية فك العلاقة مع الإخوان وكشفهم في الصراع مع العسكر، وهذا ما تنبه له المجلس العسكري فقام بحل البرلمان، وأصدر البيان الدستوري التكميلي الذي يجعل من منصب الرئيس منصبا أقرب لأن يكون تشريفيا، وسحب منه كذلك رئاسة الأركان ليجعل قرار الحرب بيد مجلس أمني لأعضائه العسكريين الكلمة الفصل..
وبذلك يكون الإخوان قد تسببوا بإجهاض الثورة المصرية..
إخفاق الإخوان وفشلهم في الساحة المصرية سوف تكون له ارتدادات كبيرة في المحيط الإقليمي على المستويات الثورية والسياسية والثقافية والدينية، مما سيؤثر على مسير الحراك الشعبي الإقليمي والعربي بشكل خاص.
تعليقات