الدستوران الكويتي والأميركي

زاوية الكتاب

قراءة في إجراءات التعديل ومقاصده

كتب 2991 مشاهدات 0


 
* صعوبة تعديل الدستورين الأميركي والكويتي ضمنت الاستقرار السياسي والتطور الديمقراطي في البلدين
 
* محاولات تعديل الدستور الكويتي فشلت لكونها نحت باتجاه يخالف مقاصده
 
* وازن الدستور الكويتي بين سلطة الأمير ومجلس الأمة، فيما وائم الأميركي بين سلطة «الكونغرس» والهيئات التشريعية في الولايات عند أي تعديل دستوري     

                                            
مقدمة

في أجواء إثارة موضوع تعديل الدستور الكويتي والحوارات الدائرة حوله، قد يكون من المفيد إجراء مقارنة بين الدستور الكويتي ودستور الولايات المتحدة الأميركية، مع الأخذ بالاعتبار ظروف نشوء وتكوين كلتا الدولتين، والملاحظ أن هناك تشابها مثيرا لا من حيث كونهما من الدساتير الجامدة وحسب، بل لكونهما وضعا ليدوما لاجيال قادمة، وان يتكيّفا تبعا لذلك مع مختلف الشؤون الانسانية، والتطور الحضاري والانساني.. والمفارقة في الدستورين ان التعديل الأبرز تم على الدستور الأميركي بعد عامين من اقراره العام 1787م، وهي التعديلات العشرة المعروفة باسم «ميثاق الحقوق»، وقد وافق عليها الكونغرس كمجموعة واحدة العام 1789م، مستدركا بذلك الاختلال الذي اعترى الدستور في بداية تكوينه، ولا تخرج في مجملها عن تلك التي حرص الدستور الكويتي على تحصينها من أي تعديل عند صدوره والمتعلقة بمبادئ الحرية والمساواة ونظام الحكم.
 
لسنا هنا في مجال البحث والمقارنة بين المواد الدستورية في كلا الدستورين فهناك بون شاسع، فالدستور الأميركي رئاسي ــ فيدرالي فأما الكويت فهي إمارة وراثية، وانما سنقارن بين بعض الآليات المتعلقة بالصلاحيات المتوازنة فيما يخص التعديل ومقاصده على وجه التحديد، فالهيئة التأسيسية التي وضعت الدستور الاميركي والمكونة من 55 مندوباً حاولت المواءمة بين سلطات الحكومة الاتحادية أو الفيدرالية، والاستجابة لمطالب الولايات التي يتشكل منها الاتحاد، حتى تضمن تمرير وثيقة الدستور في ظل هشاشة الوضع الاتحادي حيث كانت الحكومة الفيدرالية تحت رحمة الهيئات التشريعية في الولايات والعلاقة فيما بينها ليست بالوثقى في القرن الـ 18، وفي نفس الوقت وازن الدستود الأميركي من حيث التشريع بين الكونغرس بمجلسيه وسلطة الرئيس كون الأخير منتخب من كل الولايات وأعطى حق الاعتراض «الفيتو» على التشريعات وقرارات الكونغرس دون الحق في حله.
وفي الكويت، وازن المجلس التأسيسي بين سلطة الأمير التاريخية ومجلس الأمة الذي يعبر عن الارادة الشعبية، فمزج بين النظامين الرئاسي والبرلماني بطريقة مبتكرة وفعالة، وان كان أميل إلى النظام البرلماني لانه الانسب للانظمة الوراثية، لذا وضع اشتراطات وقيودا تمنع محاولات النكوص عن هذا المسار، الدستور الكويتي يعطي الحق للأمير في حل البرلمان وفق إشتراطات محددة وكذلك حق الاعتراض «رد القوانين» وفي هذه الحال تحتاج أغلبية الثلثين لتمريرها أما فيما يخص تعديل الدستور فموافقة الأمير وثلثي الأعضاء ضرورية، وكذلك الدستور الاميركي وضع قيودا تحدّ من أي تعديلات لا تقرها الهيئات التشريعية في الولايات، كما سيتضح معنا لاحقاً.
هذا التشابه بين الدستورين من حيث اجراءات وصعوبة التعديل، لايعكس في الجانب الآخر انسجام الاهداف الكامنة وراء محاولات تعديلهما، اذ إن التعديلات التي حرص المشرع الأميركي على اضافتها الى الدستور تهدف الى المزيد من الضمانات والحقوق للمواطن وحمايته من التعسف، وسد الثغرات في هذا الشأن عند اصداره في العام 1787، اما التعديلات المقترحة على الدستور الكويتي فمعظمها هدفت الى تقليص هوامش الحرية والمساواة والحقوق والمكتسبات الشعبية والديموقراطية بشكل عام.
مقترحات لجنة تنقيح الدستور الكويتي
إذا عدنا الى العام 1980 ومقترحات اللجنة المكلفة بتنقيح الدستور، فقد خلصت، بعد 18 اجتماعا ودراسة 13 مقترحا مقدمة من الحكومة وواحد من الاعضاء لتعديل الدستور، الى رفض معظم المقترحات، وأوصت في تقريرها النهائي بتعديل مادتين؛ الاولى هي المادة الثانية بحيث تصبح «الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي للتشريع» بدلا من النص بأنها مصدر رئيسي من مصادر التشريع، وكذلك المادة 80 المتعلقة بعدد اعضاء مجلس الأمة، واوصت بزيادة عدد الاعضاء الى 60 بدلا من 50 نائبا، كما وافقت من حيث المبدأ على 10 اقتراحات شكلية تتعلق بأعمال المجلس والميزانيات، الا ان التعديل المقترح على المادة الثانية من شأنه ان يعطل كثيرا من القوانين، ويشل كثيرا من مواد الدستور الاخرى ولاسيما المتعلق منها بالحرية والمساواة والحقوق المدنية الاخرى، ويدفع باتجاه جعل الكويت دولة دينية لا مدنية، ويدخل المشرّع في دوامة الاجتهادات الفقهية.. وتم رفض هذا التعديل من قبل الأمير.
مقترحات الحكومة
مع عودة الحياة البرلمانية العام 1981،بعد انقطاع دام اربع سنوات، تقدمت الحكومة في 5 ابريل العام 1982، بمشروع لتعديل 17 مادة من مواد الدستور، هدفت جميعا الى تقليص صلاحيات السلطة التشريعية لصالح السلطة التنفيذية والأمير، وتم التصويت على مبدأ التنقيح في جلسة 14 ديسمبر 1982 ووافق على المبدأ 37 عضوا بينهم 16 وزيرا وعارضه 27 نائبا منتخبا من مختلف التوجهات، أي انه أُقر من حيث المبدأ وعندما احيل مشروع التعديلات الى اللجنة التشريعية والقانونية في مجلس الامة تم رفض التعديلات بمجملها، مما دفع الحكومة الى سحبه قبل التصويت عليه من حيث الموضوع، ولاسيما بعد تحرك شعبي قاده أعضاء في مجلس الأمة ونواب سابقون ومنظمات المجتمع المدني وجمعيات النفع العام والنقابات العمالية والطلابية.. ومن هنا نرى ان التشدد في اجراءات تعديل الدستور بشكل يتنافى مع مقاصده حمت البلاد من الدخول في دوامة عدم الاستقرار.
وشمل التعديل المواد 50، 65، 66، 71، 73، 80، 83، 87، 91، 93، 95، 100، 101، 104، 105، 112 من الدستور، بما يفرغها من محتواها ويهمش دور البرلمان في الرقابة والتشريع.. ومن ابرز التعديلات تمديد الفصل التشريعي الى خمس سنوات بدلا من أربع، وزيادة عدد النواب المنتخبين الى 60 نائبا بدلا من 50 نائبا، منح الأمير اصدار مراسيم لها قوة القانون في موصوع معين دون حاجة لموافقة مجلس الامة، مدّ فترة مناقشة الاستجواب الى اسبوعين من تاريخ تقديمه، واشتراط توقيع 15 نائبا على طلب طرح الثقة بالوزير بدلا من عشرة.
اما ما حصل في اواخر العام 1989 فهو تحرك شعبي يطالب بعودة العمل بالدستور بعد تعطيل لاعمال مجلس الأمة استمر حوالي ثلاث سنوات، وقد قابلته الحكومة بانشاء المجلس الوطني العام 1990 وتجميد مؤقت للعمل بالدستور برمته دون تعديله، وتحويل البرلمان الى مجلس استشاري لا يملك اية فعالية رقابية او تشريعية، الا ان تطور الاحداث التي اعقبت الغزو العراقي الغاشم للكويت، ادى الى التحام الشعب حول قيادته الشرعية وتم تجديد العهد بين القيادة السياسية والقوى الشعبية والوطنية على العودة الى التمسك بالعقد الاجتماعي الذي اقر في العام 1962 متمثلا بدستور 1962، وذلك في مدينة جدة السعودية في 15 اكتوبر 1990، وبعد التحرير في 26 فبراير العام 1991، واستقرار الوضع الداخلي وتجاوز آثار الغزو والاحتلال، اجريت الانتخابات العامة في 15 اكتوبر 1992، ومنذ ذلك التاريخ لم تطرح رسميا اي مقترحات لتعديل الدستور وانما سارت الامور باتجاه المزيد من الديموقراطية والمساواة، ومنها اقرار الحقوق السياسية للمرأة والسماح باصدار الصحف والمحطات التلفزيونية، والسماح بحرية التجمعات بعد الغاء القانون رقم 65 لعام 1979 بشأن الاجتماعات العامة والتجمعات من قبل المحكمة الدستورية في الأول من مايو العام 2006، وفصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء.. الخ.
ما يتم تداوله الآن حول تعديل بعض مواد الدستور لا يعدو ان يكون افكارا، ربما تفسر كردود فعل على تعسف بعض النواب في استخدام الاستجواب كوسيلة اولى للمساءلة السياسية لاعضاء السلطة التنفيذية، وهذه التعديلات المقترحة وان كان ظاهرها يحدّ من قدرة النائب منفردا في الاستجواب، الا انها في جانب آخر تفسر على انها محاولة لترشيد حق الاستجواب، ويرى آخرون أنها ليست جادة وأن الهدف منها صرف انظار الشارع والندوات العامة عن مشروع قانون الخصخصة، وهو قانون له معارضوه، وانفراده بالتداول في الساحة الشعبية قد يؤدي الى فشله في المداولة الثانية. ويدللون على ذلك بزيادة اعضاء مجلس الامة الى 60 نائبا، بهدف زيادة عدد الوزراء، وهو مقترح يتعارض مع مشروع قانون الخصخصة، اذ ان نجاح هذا المشروع يستلزم تقليص عدد الوزراء لا زيادتهم، لان معظم المهام المناطة بهم، ستصبح في يد القطاع الخاص، ومهمة الحكومة باتت اشرافية اكثر منها تنفيذية.
ميثاق الحقوق الأميركي
ولو عدنا الى المقترحات والتعديلات الـ 27 التي أدخلت على الدستور الاميركي لوجدنا انها من المبادئ القانونية والانسانية التي استقرت في الضمير الانساني والقانون العام والخاص، وهدفت لصيانة حقوق الفرد وابرزها التعديلات العشرة المعروفة بـ «ميثاق الحقوق». (وهي تكاد تكون نفسها التي حرص الدستور الكويتي على حمايتها من اي تعديل منذ البداية).. ولاتزال هذه التعديلات سليمة لم تمس كما صيغت منذ اكثر من قرنين، ويضمن التعديل الاول حرية العبادة، والاعلام، وحرية النقد حديثا او كتابة، وحق التجمع والتظاهر السلمي، والحق في مطالبة الحكومة بتصحيح الاخطاء ورفع الظلامات.. ويضمن التعديل الثاني حق المواطنين في حمل الاسلحة، وينص التعديل الثالث على انه لا يجوز للجنود الاقامة في اية منازل خاصة دون رضى مالكيها، اما التعديل الرابع فيحمي من التفتيش والاعتقال وحجز الاملاك بصورة تعسفية غير معقولة.
والتعديلات الأربعة التالية تتعلق بالنظام العدلي، فالتعديل الخامس يمنع محاكمة المتهم في اية جريمة كبرى الا بعد تجريمه من قبل هيئة محلفين كبرى، كما يمنع تكرار محاكمة الشخص لنفس الجريمة، ويمنع المعاقبة دون اتباع الاجراءات القانونية المعمول بها، وينص على عدم جواز اكراه المتهم على الادلاء بشهادة تعود عليه بالضرر. واما التعديل السادس فيستلزم ان تجري المحاكمة فورا، امام هيئة محلفين غير متحيزة، ويضمن حق هذا المتهم في الاستعانة بمحام، وينص على اجبار الشهود على حضور المحاكمة والادلاء بشهاداتهم في حضور المتهم، ويضمن التعديل السابع ان تجرى المحاكمة من قبل هيئة محلفين في القضايا المدنية التي تزيد قيمتها على عشرين دولارا، ويمنع التعديل الثامن فرض كفالات او غرامات باهظة، او انزال عقوبات قاسية او غير مألوفة.
أما آخر تعديلين من هذه التعديلات العشرة فيتضمنان بيانات واسعة النطاق جدا حول السلطة الدستورية بما يعطي هامشا اوسع للحرية، فالتعديل التاسع ينص على ان قائمة الحقوق الفردية التي نص عليها الدستور لا تعني شمول جميع هذه الحقوق، بل ان للناس حقوقا ليست مذكورة بالتحديد في الدستور، وينص التعديل العاشر على ان السلطات التي لا يفوضها الدستور للحكومة الفدرالية ولا يمنعها عن الولايات، تحفظ لهذه الولايات او الشعب. (موجز الحكم نظام الحكم الأميركي، وكالة الإعلام الأميركي - ص18».
التعديلات الأخرى
والتعديلات اللاحقة لميثاق الحقوق، تشمل مجالا عريضا من المواضيع، وأبعدها اثراً هو التعديل الرابع عشر، الذي تمت المصادقة عليه العام 1868، والذي نص على تعريف واضح وبسيط للمواطنة، ومنعت الرق، وحمت المواطنين من حرمانهم من حق التصويت بسبب العرق أو اللون او الجنس، او حالة استبعاد سابقة، وعززت سلطة الكونغرس في فرض الضرائب لتشمل فرض ضرائب على الدخل، ونصت على انتخاب اعضاء مجلس الشيوخ بطريق الاقتراع المباشر، وحق التصويت للجميع دون قيد اوشرط، وخفض سن الناخب الى 18 سنة... الخ (الموسوعة الحرة، وموجز نظام الحكم الأميركي ص 18).
ويلاحظ ان اكثرية التعديلات الـ27 على الدستور الاميركي نبعت من جهود مستمرة رامية الى توسيع مدى وهامش الحريات الفردية او المدنية، او السياسية، في حين ان القليل جدا منها تناول توسيع البنية الحكومية الاساسية التي تمت صياغتها في فيلادلفيا العام 1787.
أحكام تعديل الدستور الأميركي
كان واضعو الدستور الأميركي مدركين تماما انه اذا كان للدستور ان يدوم ويماشي نمو البلاد، فهناك ضرورة لتعديلات تجرى عليه من وقت إلى آخر، وكانوا واعين ايضا ان عملية التعديل يجب الا تكون سهلة بحيث تتيح اجراء تعديلات غير مدروسة جيدا تحظى بموافقة متعجلة، وبنفس المنطق، ارادوا ان يضمنوا الا تتمكن اقلية من الحيلولة دون اتخاذ اجراء تحبذه غالبية الشعب.
وكان الحل ابتكار عملية مزدوجة يمكن بواسطتها تعديل الدستور، وهكذا اصبح يمكن للكونغرس بأكثرية ثلثي اعضاء كل من مجلسيه، ان يقترح تعديلا، او يمكن لثلثي الهيئات التشريعية في الولايات ان تطلب الى الكونغرس ان يدعو الى مؤتمر وطني لبحث وصياغة تعديلات، وفي الحالتين يجب ان تحظى التعديلات المقترحة بموافقة ثلاثة ارباع الولايات لتصبح نافذة المفعول. (موجز نظام الحكم الأميركي ص 16و17).
ويعتبر دستور الولايات المتحدة وثيقة علمانية تبدأ بعبارة «نحن الشعب» ولا تحتوي الوثيقة علي اي ذكر لكلمة الرب او المسيحية، واستخدمت الاشارة الى كلمة دين في الدستور للتأكيد على عدم التمييز بين المواطنين على اساس عقائدهم، فالفقرة السادسة من الدستور تنص على انه ليس من الوارد اجراء اختبار ديني لاي شخص يرغب في شغل اي وظيفة حكومية كما نص اول تعديل ادخل على الدستور على ان الكونغرس لن يقوم بأي حال من الاحوال بتشريع قانون قائم على اساس ديني. وهذه بشكل عام تقررها المواد المتعلقة بحرية الاعتقاد والرأي والمساواة في الدستور الكويتي وما نصت عليه السادسة من ان نظام الحكم في الكويت ديموقراطي السيادة، فيه الأمة مصدر السلطات جميعا. وقد حصن الدستور هذه المواد من اي تعديل الا بالمزيد من الحرية والمساواة.
أحكام تعديل الدستور الكويتي
كما هي الحال مع الدستور الاميركي، شدد المجلس التأسيسي في الكويت على اهمية الدستور كمرجعية لنظام الحكم في البلاد، وموجه لتطوره، لذا احاطه بنوع من الثبات والجمود حتى لا يصبح عرضة للتعديل تبعا لتقلبات الاهواء والظروف العارضة.. فأناط مهمة تعديله بمرجعيتين، امير البلاد ومجلس الأمة، والتدرج في ذلك من حيث المبدأ او الشكل ومن ثم الموضوع، وحصن المبادئ والمواد المتعلقة بالحرية والمساواة من اي تعديل باعتبارها حقوقا طبيعية، كما ورد في حيثيات حكم المحكمة الدستورية بالغاء قانون التجمعات رقم 65 لسنة 1979 م، وقد حددت المواد 174 - 176 أحكام تعديل الدستور الكويتي.
ونصت المادة 174 على اجراءات التعديل بالقول «للامير ولثلث اعضاء مجلس الامة حق اقتراح تنقيح هذا الدستور بتعديل او حذف حكم من احكامه، او باضافة احكام جديدة اليه، فاذا وافق الأمير وأغلبية الاعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة على مبدأ التنقيح وموضوعه، ناقش المجلس المشروع المقترح مادة مادة، ويشترط لاقراره موافقة ثلثي الاعضاء الذين يتألف منهم المجلس، ولا يكون التنقيح نافذا بعد ذلك الا بعد تصديق الأمير عليه واصداره، وذلك بالاستثناء من حكم المادتين 65 و66 من هذا الدستور. واذا رفض اقتراح التنقيح من حيث المبدأ او من حيث موضوع التنقيح فلا يجوز عرضه من جديد قبل مضي سنة على الرفض، ولا يجوز اقتراح تعديل هذا الدستور قبل مضي خمس سنوات على العمل به»، أي ان موافقة طرفي المعادلة السياسية امير البلاد ووثلثي مجلس الامة بما فيهم الوزراء ضرورية لنفاذ التعديل.
استثناءات التعديل
فيما أوردت المادتان 175، 176 استثناءات التعديل واشتراطاته، فجاء في المادة 175 الآتي: «الاحكام الخاصة بالنظام الأميري للكويت وبمبادئ الحرية والمساواة المنصوص عليها في هذا الدستور لا يجوز اقتراح تنقيحها ما لم يكن التنقيح خاصا بلقب الامارة او بالمزيد من ضمانات الحرية والمساواة»، فيما قضت المادة 176 على ضرورة موافقة الأمير بالاصالة لا النيابة في اي تعديل يخص صلاحياته، وقالت «صلاحيات الأمير المبينة في الدستور لا يجوز اقتراح تنقيحها في فترة النيابة عنه».
وعلى ضوء ما تقدم، نجد ان الدستور الأميركي اشترط تلاقي ارادتين لاجراء اي تعديل، هما ارادة السلطة التشريعية الفيدرالية ممثلة بالكونغرس بأغلبية الثلثين وموافقة ثلثي الولايات الأميركية الخمسين وباغلبية ثلثي هيئاتها التشريعية.. وفي الكويت وازن الدستور بين ارادتين؛ الرغبة الأميرية وموافقة ثلثي اعضاء مجلس الأمة، وشدد على ضرورة تلاقي الارادتين على اجراء التعديل مع استثناء مبادئ الحرية والمساواة من اي تعديل، وجاءت احكام المحكمة الدستورية لترسخ مبدأ قانونيا يرفض اي تجاوز على هذه المبادئ في الحكم المشار اليه آنفا.
وهذا التشدد في تعديل الدستور الكويتي ينبع من كونه يمثل القانون الاعلى للبلاد، او كما يسمى (ابو القوانين) وهو الموجه والضابط لايقاع تطور المؤسسات والتطور الديمقراطي، كما انه يوفر الاساس للاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي، وأما ما يثار من خلل في الاداء البرلماني والسياسي فيرجع في الاساس الى الضمور الملحوظ في فاعلية منظمات المجتمع المدني، والتي لا تنشط الا في حالات الضرورة، وكذلك غياب العمل السياسي المنظم وفقا للقانون. ومن هنا نجد ان العمل البرلماني والنشاط السياسي في الكويت يدخل في باب الاجتهادات الفردية ومعظمها من قوى ضغط خاصة او مصلحية وغير منزهة من المآرب الشخصية، إلا ان وجود الدستور كمرجعية عليا وصعوبة تعديله حمى البلاد من الانزلاق الى الفوضى وعدم الاستقرار، كما اسلفنا، ومن
واقع التجربة.
كما ان الضمانات التي وضعها الدستور الامريكي للحقوق المدنية والتعديل حمت هذه الحقوق والمكتسبات الانسانية من الانقلاب عليها
ابان حكم المحافظين الجدد وحمت مسلمي امريكا من فوبيا الاسلام والحرب على الارهاب، لا على مستوى الكيان الفيدرالي بل على مستوى التشريع المحلي في الولايات الاميركية الخمسين ، ومن هنا نى ان محاولات البعض في مجلس الامة العبث في بعض مواد الدستور . وهذه الحريات المصانة هي التي كانت وراء الغاء قانون التجمعات ، خاصة ونحن نرى ان مقابل الحماس لمناصرة الشعب السوري هناك من يفتي  من' رجال الدين' ان الثورة في سورية خروج على ولي الامر ..
الكويتي يلحق ضررا بالغا في المواد التي حصنها الدستور من اي تعديل .

بقلم / دبي الحربي

تعليقات

اكتب تعليقك