ثائر التويتر يخفي نتانته الطائفية 'بديودرانت' الثورة.. جعفر رجب مستنكراً
زاوية الكتابكتب يونيو 17, 2012, 1:12 ص 2194 مشاهدات 0
الراي
تحت الحزام / ثوار التويتر
جعفر رجب
محدثو الثروة، قوم ينزل عليهم الخير فجأة، بعد ضنك عيش، منهم من يصاب بجنون الثروة، يبني بيتا كبيرا بزخرفة مبالغة وقبيحة، يشتري سيارات فاخرة ليوقفها عند البيت، يلبس اغلى الثياب والساعات، يحقر الجميع، المال عنده قناع يخفي خلفه وضاعته... وفرق بين من يخفي ثروته، وبين من يتخفى خلف ثروته!
من محدثي الثروة الى محدثي الثورة، بعد سنوات من ترديد جمل «الحيطان لها ودان، اسكت لا نروح ورا الشمس، واحنا احسن من غيرنا، والاهم الامن والامان، والله يعز الحكومة»، وسنوات من الخوف من تغيير لون قميصه، وامتناعه الرد على ارقام الهواتف الغريبة، وخوفه من طرقات الباب بعد الساعة الثامنة مساء، وحتى رفضه محاربة القشرة في شعره، ومكافحة التسوس في اسنانه، لخوف ان يحسب ذا ميول معارضة... فجأة يصبح ثوريا، وحلاقا على رؤوسنا ورؤوس من خلفونا، لان حال الطقس في نشرات الاخبار تشير الى الثورة، محدث الثورة هذا سيماه في وجهه:
مثل ثوار الفنادق في القرن الماضي، يحمل لقب ثوار التويتر والفيس بوك، ومن خلال موقعه يتحدث ويطالب ويشجب ويستنكر، دون ان يتحرك من قنفته الوثيرة...!
يطالب بتسليح الجماهير العربية، والكفاح المسلح، وهو لم يحمل يوما سكينة مطبخ، ولم يقطع يوما بصلة لخوف ان تدمع عيناه، ولا يقلم اظافره الا بعد بنج موضعي!
يطالب بالهجرة، لاعداد معسكرات تدريب في المنفى، وهو لا يخرج من بيته ظهرا خوفا على بشرته الناعمة، ويفكر حاليا ان يصيّف بدلا من باريس في فينسيا، ويسير بقاربه تحت جسر التنهدات، متنهدا على قانون منع النقاب في فرنسا!
يحفظ كلمتين لغاندي، وخطبة لمارتن لوثر، ويطلب من موقع «الامازون»، شراء «تي شيرت» لتشي غيفارا، ليلبسه عند ممارسته الرياضة في النادي الرياضي الفخم!
يطالبك بالثورة، ضد طغاة في العالم، عدا الطاغية الذي يعيش تحت حذائه، فهو ولي نعمته، يخطئ ولكنه يحب شعبه، يحتاج الى النصيحة في السر لا الى الثورة!
يطالب ان تخلى السجون العربية من المعتقلين السياسيين، وهو في بلد كل الشعب معتقل، سواء من كان داخل السجن او خارجه، ويطالب بنظام ديموقراطي وانتخابات نزيهة في مصر، ويحلل الوضع الانتخابي المصري، وفي بلده لا يستطيع حتى اختيار زوجته، الا بعد موافقة امه...!
يطالبك بمواقف واضحة وصريحة، وان تكون مثله بالضبط، نسخة مكررة من «سنحته»، وهو قبل سنة لم يذكر اسم وزير او موظف عام الا بعد وضع لقب «بيه، باشا، افندم، طال عمرك، استاذنا، دكتور...» والآن يطالبك بصريح العبارة ان تضحي للثورة بدلا منه!
يبحث عن حروب وهمية، وصراعات خيالية، فقط ليثبت ثوريته على الطريقة العربية، كونه يمثل الوجه الناصع للثورة، والبقية جبناء عملاء مخابيل مهابيل... وأكمل انت بقية الصفات!
يتحدث عن القمع، و«الشبيحة»، ثم يشتم الشبيحة، ويقرر ان كل من يعارضه ويناقشه شبيح، وهو يمارس دور الشبيح الفكري، يقطع رأس كل فكرة تخالفه، ويعلق كل معارض له على مشنقة التخوين والعمالة والطائفية والفئوية والشعوبية...!
ثائر في درعا، محايد في نواكشوط، حكومي في مقديشو، اخواني في مصر، شيوعي في الجزائر، اشتراكي في الاردن، قاعدي في افغانستان... لا يملك مسطرة واحدة، بل يحمل في جيبه ادوات الهندسة... يقيس المواقف وفقا لمزاجه لا لقيمه!
يخفي نتانته الطائفية والفئوية والعنصرية «بديودرانت» الثورة، ويعلن انه الثوري الوحيد وبقية الخلق، كفار، ملحدون، فجار، فساق، عملاء، اقطاعيون، برجوازيون، فاشيون، ديكتاتوريون... مستحضرا كل أدوات الاقصاء ضد الآخرين!
سيدي ايها الثائر المحدث، تريد ان تكون ثائرا لا بأس، فكر كثائر يثور على أفكاره البالية قبل ان يثور على الآخرين، عش كثائر يؤثر الآخرين على نفسه، هاجر كثائر يترك وطنه في سبيل ان ينقذ وطنه، اعمل كثائر لا كرجل اعمال او مقامر في بورصة، واحمل صليبك على كتفك وقاتل... ثم بعدها اكتب وتحدث كالثوار، او (..........) النقاط في الفراغ عبارة عن شتائم ثورية!
تعليقات