طارق المطيري يهدي مقاله للصقر:

زاوية الكتاب

عصابة تجّار وليست طبقة تجارية وعن نزعة السلطة والمناقصات المليونية

كتب 6224 مشاهدات 0

طارق المطيري

في الوقت الذي دعا فيه النائب السابق محمد الصقر 'رجالات الكويت' إلى مهرجان خطابي بديوانه ،والمقرر عقده الليلة، قال الناشط السياسي والكاتب طارق المطيري أنه يهدي الصقر مقاله عن الطبقة التجارية، والذي دّونه بوقت سابق، وتعيد نشره اليوم، وذلك أن المجتمعين بديوانه اغلبهم سيكونون من طبقة التجار الذين نهلوا طويلا وكثيرا من نهر المناقصات والمشاريع الكبرى منذ ظهور النفط، وحتى اليوم.
 
نص المقال أدناه، والتعليق لكم:
 
 
طارق نافع المطيري


الموقع المتميز للكويت في شمال الخليج العربي أعطى التجارة والتجّار دورا كبيرا ومهما في بناء الكويت كمدينة تجارية ثم دولة، ولا يمكن لأحد أن ينكر ما أثبته التاريخ من يد كريمة للتجار الكويتيين في نهضة الكويت ودعم المجتمع حين كانت التجارة والغنى الشخصي وسيلة يعبر من خلالها التاجر الكويتي عن أنموذجه الأخلاقي والقيمي، وما انتشار الأوقاف وأعمال الخير في الكويت وخارجها إلا دلالة على ذلك.
لكن مع وفرة المال عند الدولة بسبب الثروة النفطية وبداية إعمار الكويت الحديثة تم الاتفاق ضمنيا على أن مسؤولية الإعمار تكون بتمويل من السلطة الغنية وعن طريق التجار، وهذا الاتفاق بهذا الشكل البسيط يبدو بديهيا ومنطقيا في بداية الأمر، لكن الذي حدث هو أن الدولة استغلت النزعة التجارية لبعض التجار وما تخفيه من رغبات الطمع والاستئثار والجشع والقابلية والاستعداد لدى أولئك التجار لهذا النوع من الاستغلال المزدوج الذي -بطبيعة الحال- سيصب في صالح تلك الفئة التجارية الطامعة بالثروة.
هذا الاتفاق الضمني الذي تحول بفعل اختلاف نوعية التجارة من تجارة بسيطة وهامش أرباح متواضع إلى أرباح مضاعفة وأرقام فلكية نسبة إلى ذلك الربح السابق المعقول، ومن تجارة حقيقية تعتمد على مباشرة التاجر لتجارته وخبرته المتراكمة والموروثة وتشغيل لليد العاملة الكويتية وسعة في مساحة القطاع الخاص من السوق المحلي وحضوره في الموازنة العامة للدولة، إلى تجارة غير حقيقية في أحيان كثيرة تعتمد على الوكالات واستقدام العمالة الأجنبية والاحتكار والحصرية والتصنيف التجاري والإثراء الشخصي والعائلي والتفلت من المسؤولية تجاه الدولة والمجتمع بعدم المساهمة في ميزانية الدولة، وغير ذلك من عوامل أصبحت تضيّق من مساحة الطبقة التجارية الحقيقية وتوسّع من نفوذ وثراء مجموعة وفئة من التجار أريد منها أن تكون وجها آخر للسلطة تستبدل بها تلك الطبقة التجارية الحقيقية التي كانت إلى حد كبير مزعجة للسلطة كونها تحقق توازنا في القوى معها يمنع تفردها بالقرار.
ولو قمنا بجرد بسيط لأهم وأكبر المناقصات الكبرى ذوات عشرات ومئات الملايين من الدنانير سنجدها محصورة، منذ أكثر من 50 سنة، في أسماء محددة، سواء مناقصات النفط أو الكهرباء أو الأشغال والمقاولات أو من خلال التصنيف التجاري العالي أو من احتكار بعض الوكالات المحدودة عالميا، وسنعرف من هذا الجرد الذي يمكن لقارئ هذه السطور أن يعدد جزءا من تلك الأسماء الآن حقيقة ما نتحدث عنه.
والمشكلة اليوم أن تلك الفئة المستغلة والناهبة لثروات الشعب، التي هي وجه آخر من وجوه السلطة، تحاول أن تحيط نفسها بقشرة من الأفكار والأوهام لتختبئ خلفها من تغييرات حقيقية في المجتمع الكويتي جعلت وعي المجتمع رقيبا ومحاسبا وحارسا لثروته، ورغم أن هذه الرقابة والحراسة على الثروة الوطنية لاتزال متواضعة وقاصرة إلا أن المطالبات المتزايدة ببسط الإرادة الشعبية على كامل مقدرات الوطن تمثل تهديدا حقيقيا لتلك الفئة الجشعة ولأفكارها وأوهامها التي سيكون لنا وقفة معها في المقال القادم.
الكويتية- مقال اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك