الكويتيون شعب يكره توثيق التاريخ.. برأي د.ابراهيم بهبهاني

زاوية الكتاب

كتب 1272 مشاهدات 0


النهار

باب هاني  /  نحن شعب يكره التوثيق

د. ابراهيم بهبهاني

 

استوقفتني عبارة في كلام السيد خالد الروضان اثناء الاحتفال بتدشين اول فيلم كويتي تلفزيوني عن ازمة المناخ عندما قال «ان الكويت للاسف شعب يكره التوثيق واصبح هذا الوضع سائدا في المجتمع وحتى ثقافة المدارس لم تعلمنا حب مشاهدة التوثيق رغم انه حقيقة تعليمية ومعرفية مهمة في ثقافة الإنسان»، بالطبع انا لا اضع الشعب كله انما ما يعنيني هو الظاهرة التي اشار اليها هذا الرجل وهي اننا نكره ولا نحب التوثيق... وهذه مسألة في غاية الاهمية، لقد اصاب كبد الحقيقة فنحن تعرضنا للعديد من الازمات والنكبات لكننا ابتعدنا عن التوثيق وتحويلها الى افلام تلفزيونية او سينمائية، اكتفينا بالكلام وانتهى الامر... أزمة المناخ وصلت كلفتها المالية الى حوالي 27 مليار دينار والمتورطون حوالي الفي شخص واظن ان الكلفة الاقتصادية تكاد توازي كلفة ازمة الغزو عام 1990 وذيولها سواء أزمة المناخ ام ازمة الغزو مازالت قائمة ومستمرة وان اتخذت اشكالا اخرى ونحن نتحدث هنا عن الجانب المالي وليس الاجتماعي والسياسي والنفسي... اليوم عرض هذا الفيلم وتوثيقه انا انظر اليه من الزاوية المهنية والاخلاقية فقد كان بمثابة زلزال اقتصادي لا يقل قدراً عن الازمات العالمية كالتي حدثت في هولندا والتي تعرف بازمة الزهور في القرن السابع عشر وأزمة سوق الاسواق العالمية عام 1929 في الولايات المتحدة الاميركية... لقد كتبت قصص خيالية وحدثت وقائع لا يصدقها العقل عندما كانت الهدايا تتبادل بين المتعاملين بالسوق عن طريق شراء سيارات الروز رويس او كما فعل البعض عندما يشتري السيارة بلون الحذاء!! وهذا من باب الغرائب الموجعة، لكن جوهر الموضوع ليس في التفاصيل بل المبدأ وهو ان العقلية السائدة التي نتعامل بها مع احداث مصيرية تركت بصماتها على تاريخنا وواقعنا لا تدرك ولا تعطي اي اعتبار للتوثيق التلفزيوني والسينمائي... تخيلوا ان الحفل الذي حصل في غرفة التجارة كان لتكريم شخصيات تحدثوا في الفيلم، ليس بوصفهم معنيين او متورطين او مدانين، بل لانهم تجرأوا وتحدثوا امام الكاميرا وقالوا روايتهم وهذا ما دفع اصحاب المشروع لتكريمهم حافزاً لاي مشروع آخر، والحقيقة ان تاريخنا ينقصه هذا العمل، وأول سؤال يتبادر الى الذهن، كم فيلما توثيقيا انتج وظهر عن الغزو العراقي؟ كم فيلما تحدث عن كارثة النفط والبيئة التي اصابتنا! كم فيلما عن قصة الشهداء والاسرى تم انتاجه؟ كم فيلما عن قصة دفن الشهداء في مقابر الكويت والجنود المجهولين والمعروفين الذين تطوعوا في تلك الايام للعمل بحفظ ودفن الشهداء، لاسيما دفن الشهيد فهد الاحمد الصباح هناك اسماء وتواريخ لم تأخذ من تفكيرنا ما تستحقه من اهتمام، اعطوني فيلما روى قصة المجلس التأسيسي ووضع الدستور والجلسات الاولى لهذا العمل الذي تفوق اهميته أي عمل آخر، لماذا اهملنا تجاربنا الديموقراطية من مجلس 1920، 1921، 1938 الى المجلس التأسيسي، أو نحن اعداء لتاريخنا وكأننا نفقد ذاكرتنا بالتقادم، اليوم نتحدث عن زمان الغوص لكننا لا نرى توثيقا له، نتحدث عن الحرب بين العراق وايران عندما تعرضت الكويت لاعتداءات وهجمات وتم رفع الاعلام الروسية والفرنسية والصينية على ناقلات النفط للعبور في مضيق هرمز تجنبا للقصف والاعتداء... توثيق أزمة المناخ أثارت فينا الشجون واعادت لنا الصحوة. التوثيق يحفظ التاريخ وفي الوقت نفسه هو رسالة للاجيال كي تتجنب الوقوع في نفس الاخطاء فهل نصحح ونفعل ام نترك الامور على غاربها!

النهار

تعليقات

اكتب تعليقك