سعد المعطش: لا دام من وضع نفسه في برج عاجي!

زاوية الكتاب

كتب 691 مشاهدات 0


الأنباء

رماح  /  الأبراج العاجية

سعد المعطش

 

عندما تريد أن تنتقد شخصا أو تغضب منه، يجب عليك أن تضع نفسك مكانه، وحينها عليك أن تحكم عليه وتغضب كيفما شئت، هكذا فهمت الحياة حين علمني والدي، أطال الله عمره، في الصغر أن أضع نفسي مكان الناس الذين أشاهدهم في حياتي اليومية.

ما زلت أتذكر كلمته حين شاهدت أحد العمال الآسيويين وهو يحفر في أحد الشوارع وقال لي «تخيل أن هذا الشخص هو والدك» وتخيل ما المسافة بينه وبين أبنائه، وتخيل الفرق بين حياته وحياتنا اليومية، ومنذ ذلك اليوم وأنا أضع نفسي مكان أي عامل وأضع أمي وزوجتي مكان أي خادمة، وأحمد الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى.

عندما تجلس في سيارتك وهواء التكييف يداعب غترتك أو حجابك أو شعرك الغجري المنثور أو «كشتك» التي تحتاج الى عاصفة حتى تتحرك، فتخيل أن من يريد الشارع هو والدك أو شقيقك أو ابنك الذي اضطرته لقمة العيش أن يغادر بلده لتحسين حياته.

عندما تصرخ على من يفهم لغتك ولا يعرف ماذا تقول له، فتخيل انك مكانه وفي بلد لا تعرف لغتهم ولا طباعهم ولا عاداتهم، فكيف ستكون حياتك بينهم وما المعاملة التي تريدها منهم؟.

ولكل مسؤول في الدولة عليه أن يتخيل نفسه كمواطن بسيط يريد إنجاز معاملته أو تخليص أموره وفقا للقانون، وحينها سيعرف إن كان يستحق أن يطلق عليه مسمى إنسان وألا يفرح بلقب معالي وسعادة وحضرة، فكل تلك الألقاب لن ترحمك من دعوات المظلومين التي ليس بينها وبين الله حجاب فهل ستتعظون أم ستكونون من الذين في طغيانهم يعمهون.

أدام الله من فكر في إنسانيته التي منحها الله له ولا دام من وضع نفسه في برج عاجي.

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك