كارثة 'كي.داو' المالية
الاقتصاد الآنالحرمي: القطاع النفطي يتحمل جزء من المسؤولية، وهذا الدرس يجب الإستفادة منه
يونيو 4, 2012, 1:25 ص 1894 مشاهدات 0
يوم الخميس الماضي الموافق 24 مايو كان يوما أسودا حزينا 'مقرفا' علينا كلنا، يوم نطقت لجنة التحكيم بغرامة الكويت بمبلغ 2 ر2 مليار دولار، وهذه الكلفة المالية تعني ان على كل فرد بدفع مبلغ 650 دينار كويتي على كل رضيع و طفل وكل أب و أم.
كان يوما أسودا إنتكسنا بنكسة مالية أصابتنا كلنا وخسرنا أكثر من 650 مليون دينار يجب دفعها إلى شريكنا الاستراتيجي داو كيميكال الأمريكية نتيجة لفشلنا في قراءة وفهم أهم بند من بنود الاتفاقية، ونتيجة لهذا الإهمال علينا أن ندفع هذا الثمن الباهظ من قوتنا اليومي وهي تساوي قيمة تمويينا الشهري الغذائي ولمدة 5 سنوات.
هل نحن كشعب ومواطنين نستاهل هذا العقاب الجماعي نتيجة لتطلعاتنا وطموحاتنا، وان نخسر وندفع هذا السعر الغالي الثمن في وقت نزيد فيه من الجرعات الرقابية للحفاظ على المال العام، وفي لحظة ساذجة نفقد 650 مليون دينار كويتي عقوبة جزاء أمام المحاكم الخارجية، ونفقد سمعتنا ومكانتنا المالية والتجارية أمام العالم بعدم قدرتنا بالمضي قدما بالتزامتنا التعاقدية مع أكبر الشركات في العالم، وماذا ذنب المواطن الكريم في ان يدفع هذه الغرامة وهو بحاجة الى كل دينار من قوته اليومي ليغطي فيه احتياجاته المالية من المصاريف المتزايدة عليه يوميا.
ولماذا لم تتعظ وتتعلم شركة صناعة البتروكيماويات من 'غدر' الحكومة والتي غدرت في 3 شركات زميلة لها في الغاء 3 مشاريع نفطية كبري من قبل الغاء صفقة كي. داو بشهور قليلة، حيث ألغت الحكومة مشروع تطوير حقول الشمال والمصفاة الرابعة ومع أنها كانت مقتنعة بكل تفاصيل المشروع وكانت تمتلك الأغلبية لتمريره والحصول على موافقة مجلس الأمة على هذين المشروعين، ومع ذلك وفي آخر لحظة تخلت عن المشروعيين بجرة قلم، أما المشروع الثالث والتي لا يعلم عنها سوى بعض العاملين في القطاع النفطي ولا يعلم حتى أعضاء مجلس الأمة عنه ألا وهو إلغاء صفقة بيع مصفاة ' روتردام ' في هولندا، حيث ألغيت الصفقة في أقل من 24 ساعة من التوقيع النهائي لبيع المصفاة علي شركة ' لوك أويل ' الروسية في رمضان من عام 2007م، والغيت الصفقة من دون ابلاغ الرئيس التنفيذي لمؤسسة االبترول الكويتية حينذاك والوزير الحالي الآن، حيث علم عنها عن طريق وكالة ' رويترز' للأنباء في حين المشتري الروسي شركة ' لوك اويل ' ( Luck Oil ) ايضا علم بالخبر من نفس المصدرعندما كان يتشاور مع البنوك لتمويل الصفقة، وكانت من افضل الصفقات ولصالح القطاع النفطي بالتخلص من مصفاة قديمة بحاجة الى الملايين من الدولارات لتحسينها و تطويرها، وكانت قيمة الصفقة تقدر بحوالي مليار دولار أمريكي، وكان على المالك الجديد بتحمل مصاريف تنظيف واستصلاح أرض المصفاة من المواد الكيماوية ومصاريف وتسريح العاملين، وفرصة ذهبية أخرى راحت علينا، ولماذا لم تتعلم ولم تستفيد شركة الصناعات من هذا .
الآن هل فعلا نستطيع المضي قدما في استكمال المشاريع الننفطية المتعطلة وكيف نستطيع عمل ذلك والشركات الأجنبية على علم ومعرفة وسمعتنا فى الغاء العقود وعدم الالتزام أصبح شعارنا وماركة تجارية !
من المؤكد ان أول طلب وشرط من الشركات التي ستشارك في مشاريعنا القادمة ومع توقيع مذكرة تفاهم هو الإصرار على الشرط الجزائي والبند القضائي المتعلق بعقوبة الإلغاء. يجب ان يكون شرطهم وتعويضهم بجميع ماتكبدوه من نفقات، وهذا يجب ان يكون توجهم للدخول في صفقات تجارية معنا في الكويت، حيث لن يلتزموا بشروطنا التقاعدية لأن تجارب الشركات الاخرى تؤكد بتكرار الغاء المشاريع في الكويت خاصة النفطية منها وأهمها مشروع ' كي. داو ' التي ستكون في ذاكرتهم الى الأبد وبند التعويض تحديدا، ويجب أن يصروا على هذا البند ويجب تشجيعهم حتى لا تخل الحكومة بعهودها .
هل نستطيع ان نتعلم من هذه العقوبة وهل نستطيع ان نكون أكثر صريحيين مع أنفسنا، ولماذا لم يتجرأ ويصر القطاع النفطي على توصية الإلغاء ولديها خبرة الغاء 3 مشاريع سابقة ومنها الغاء صفقة بيع مصفاة روتردام ولماذا لم يصر على الالغاء والجو السياسي كان مشحونا وكان ضد المشروع، ولماذا لم يصر على الإلغاء وكانوا عدة وزراء مع الغاء المشروع.
القطاع النفطي يجب ان يتحمل جزء من المسؤولية لعدم شفافيته وعدم إعلام الجمهور بتفاصيل المشروع ولا حتى بأهميته و منافعه، وان كان المشروع كان سيوظف عمالة وطنية ونسبتها، حيث أن هذه المعلومات لم تكن موجودة وكانت تتعامل مع الإعلام بسرية بعذر السرية وكان عليه ان يكسب تعاطف وتأييد الإعلام المحلي وليس العكس، وهل تعلم القطاع النفطي الدرسين درس من الغدر الحكومي والدرس الآخر حول كيفية التعامل مع الإعلام والتعامل معه وكسبه في جميع الحالات ليكون بجانبه.
ويجب ألا ننسى دور الشريك الإستراتيجي أن يشاركنا النقاش والحوار و الإيتاء بحلول ايجابية تخفف هذا العبئ المالي وامكانية تجميد دفع هذه الغرامة بمشروع آخر، وهذا هو المطلوب من شراكة دامت لمدة 40 سنوات لتدوم لسنوات قادمة اخرى.
ونتمنى أن هذه الغرامة المالية هي نهاية الأحزان ونكون قد استفدنا دروسا وعبر و
عظم الله اجركم.
كامل عبدالله الحرمي
كاتب ومحلل نفطي مستقل
تعليقات