القضاء يجب أن يكون الفيصل في منح أو سحب الجنسية.. برأي نواف البدر

زاوية الكتاب

كتب 983 مشاهدات 0


الجريدة

وهم سيادة الجنسية..!

نواف فهد البدر

 

أستغرب جداً من عمليات سحب الجناسي! ففي إحدى الدفعات التي سحبت جنسياتهم كان هناك شخص لا يحمل جنسية أي بلد آخر! وتم سحبها، وبعد معاناة وواسطات أعادوا إليه الجنسية، لكن السؤال الأهم ما خفايا عمليات سحب الجناسي؟! وأيضاً عندما تحدث الطريجي عن أحد الضباط الذي تم سحب جنسيته! لو فرضنا جدلاً حدوث ظلم كما هو واقع بالأصل، للأسف لا يملك المواطن المغلوب على أمره شيئاً لأنه لا يسمح له باللجوء إلى القضاء!
وقد يتلفظ البعض- بقصد أو دون قصد- بأن الجنسية هي من أمور السيادة. ويجب أن نفرق هنا بين سن قانون الجنسية (وهو سيادة للدولة بالطبع)، وتطبيق هذا القانون ومراقبة مشروعية هذا التطبيق. (لا سيادة هنا)
وقد كانت وزارة الداخلية المصرية سابقاً تزعم أيضا أن الجنسية سيادة إلى أن جاء القول الفصل للقضاء الإداري المصري برئاسة العلامة الدستوري الدكتور عبدالرزاق السنهوري باشا، وهو أبو القانون المصري الحديث وشخصية قانونية عظيمة.
حيث جاء الحكم ليقرر المبدأ القضائي التالي:
“لا جدال في أن الجنسية، وهي العلاقة القانونية بين الفرد والدولة، تدخل في صميم المسائل المتعلقة بسيادة الدولة التي لها مطلق السلطات في تعيين من يكون متمتعاً بجنسيتها ومن لا يكون، وفي فرض ما تشاء من التكاليف والقيود على مواطنيها. وبديهي أن الدولة حينما تسن تشريعاً ينظم الجنسية ويعرف كنهها ويحدد شرائطها ويرسم الإجراءات اللازمة لإثباتها أو الحصول عليها لا تنزل عن سيادتها لأنه منبعث منها وصادر عنها ويتعين احترامه وتنفيذه”.
ومن واجب المحاكم تطبيقه وليس في ذلك أي مساس بسيادة الدولة. وما تصدره الحكومة من قرارات تنفيذاً لهذا التشريع يندرج في أعمال الحكومة العادية، ولا يعتبر من الأعمال المتعلقة بالسياسة العليا للدولة.
والقرار المطعون فيه بالامتناع عن إعطاء شهادة بالجنسية المصرية لا يعدو أن يكون من القرارات الإدارية المتعلقة بتنفيذ قانون الجنسية، ولهذا فهو بعيد عن أعمال السيادة.
أعتقد أن المسألة واضحة، بعد حل مجلس 1976 حلاً غير دستوري، صدرت وقتها مراسيم عدة، منها عدم النظر في النزاعات الجنسية، بمعنى أنه كان مسموحاً للقضاء قبل المرسوم بالنظر في النزاعات المتعلقة بالجنسية، لذلك يجب تعديل قانون إنشاء الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية رقم 81/20، حيث يختص القضاء بالفصل في منازعات الجنسية، وهذا له أهمية كبيرة، وهو يمنع العبث بالقرارات الإدارية.
لو فرضنا جدلاً أنه تم سحب جنسية مواطن عن طريق الخطأ، أو الظلم أو نتيجة لعداء شخصية كبيرة لها نفوذها، وتم سحب الجنسية من هذا المواطن، فهنا يصبح الإنسان في ورطة، حيث يُمنع أن يشتكي للقضاء بالنظر في قضية الجنسية.
ثانياً: النظر في قضية الجنسية أمام القضاء تنهي جزءاً كبيراً من قضية “البدون”، بحيث يسمح للقضاء النظر في ما إذا كانت تنطبق الشروط عليهم أم لا، وهنا ينتهي العبث السياسي والاستغلال السياسي لهذه القضية، وهناك شبهة دستورية أيضاً، كيف يُمنع القضاء النظر في القرارات الإدارية؟!
أتمنى إعادة قراءة الحكم والتمعن فيه حتى يكون واضحاً للجميع، فالأخطاء الواقعة في الكويت كثيرة وهي نتيجة النزاعات السياسية، حيث يتم استخدام كل الأدوات من أجل المصالح السياسية ومنها حق المواطنة، فهم يريدون منحها لمن يريدون، ويسحبونها ممن يشاؤون، عندئذ يجب أن يكون القضاء هو الفصل في هذا الأمر.

الجريدة

تعليقات

اكتب تعليقك