العبدالجادر يروي تفاصيل 'الداو كيمكال' أثناء عضويته بالمجلس

زاوية الكتاب

كتب 2372 مشاهدات 0

د.محمد العبدالجادر

هناك أطراف لا تتوانى عن الإساءة لمواقفك، حتى لو كان الموقف أميناً، بل قد يتم قلب الحقائق، لا لشيء إلا لأنك لا تنتمي إليهم!

وأنا أحمد الله أن 2009 تاريخ ليس ببعيد، وأن ما حدث في تلك الأثناء بخصوص صفقة «الداوكيميكال» موثق في الصحافة والإعلام وفي مضابط مجلس الأمة الكويتي، ولكن للتذكير والأمانة والتاريخ «الداوكيميكال»، هي اتفاق شراكة مع القطاع النفطي الكويتي، تحت مسمى «كي داو»، لشراء وملكية 50 في المائة من المصانع المنتجة حول العالم، بقيمة 7.5 مليارات دولار، وكان هناك لغط كبير أثير في المجلس وخارجه حول ضعف قدرات الشركة «المالية»، وتهالك المصانع المطلوب الشراكة فيها في أنحاء العالم، وسرى حديث - آنذاك - عن عمولات قدِّرت بـ850 مليون دولار، وهذا ثابت في الصحافة والمضابط.

ومنذ انطلاق شرارة التصريحات النيابية والتراشق بين السادة النواب - آنذاك - بين مؤيدين، وكان على رأسهم الحركة الدستورية (حدس)، نظراً لوجود وزير النفط - آنذاك - محمد العليم، المرشح من الحركة وممثلهم داخل الحكومة، والمعارضين للصفقة، وكان على رأسهم كتلة العمل الشعبي والتجمع الإسلامي السلفي، كان لي رأي واضح في هذا الجانب، وهو طلب لجنة تحقيق بموجب المادة 114 من الدستور، للتحقيق في الأمور الداخلة في اختصاصات المجلس، وتدحرج الموضوع في جلسة المجلس بتاريخ 2009/1/17، ليصل في الختام إلى مقترحين: بتشكيل لجنة التحقيق على الشكل الآتي:

الاقتراح الأول: تدعمه «حدس» ونواب مستقلون

ويقضي هذا المقترح بتشكيل لجنة تحقيق من النواب: عبدالله الرومي ومحمد العبيد وعادل الصرعاوي، للتحقيق في مشروع الشراكة «كي. داو»، على أن يتم التحقيق بعدها في ما أثير حول مشروع المصفاة الرابعة، وموضوع خصم مؤسسة البترول الكويتية نسبة 25 في المائة من إيراداتها، وعدم توريدها للخزانة العامة للدولة، وموضوع مطالبات الكويت عن بيع شركة الزيت العربية للعراق أثناء الحرب العراقية - الإيرانية.

- تحقق اللجنة في أسباب موافقة المجلس الأعلى للبترول، ثم إلغائه للشراكة خلال فترة وجيزة.

- تحقق اللجنة في كفاية ودقة وسلامة دراسات الجدوى المقدمة من الجهات المختصة وصحة الإجراءات القانونية لمشروع «كي. داو».

- تحقق اللجنة في ما أثير عن وجود عمولات وشبهات تكسّب غير مشروع.

- تقدم لجنة التحقيق تقريرها خلال ستين يوماً من تاريخ صدور قرار تكليفها.p04-02x-decek

الاقتراح الثاني.. تدعمه الحكومة والشعبي والسلف

ويقضي هذا الاقتراح بتشكيل لجنة تحقيق من ثلاثة أعضاء في ما أثير حول مشروع داو كيميكال والمصفاة الرابعة، وخصم مؤسسة البترول الكويتية لنسبة 25 في المائة من إيراداتها، وعدم توريدها للخزانة العامة للدولة ومطالبات الكويت عن بيع شركة الزيت العربية للعراق أثناء الحرب العراقية - الإيرانية، لكنه لا يتضمن تحقق اللجنة في أسباب موافقة المجلس الأعلى للبترول، ثم إلغائه للشراكة خلال فترة وجيزة.

- يطلب تقرير من الحكومة تقدمه خلال ستين يوماً يبين الإجراءات التي اتبعت في كل القضايا المذكورة والجهات التي شاركت في دراستها أو إبداء الرأي فيها أو الموافقة عليها، مع بيان موقف كل جهة والأسباب التي استندت إليها في إبداء الرأي أو الموافقة.

- تحقق لجنة التحقيق في المواضيع المذكورة في الاقتراح، وما إذا كان أي من القضايا يتضمَّن شبهة التربح أو الكسب غير المشروع أو الحصول على عمولات من أي نوع كان لمصلحة أي جهة أو شخص شارك فيه بطريق مباشر أو غير مباشر، وما إذا كان أي من هذه القضايا يتضمَّن فعلاً أو امتناعاً يعاقب عليه قانون حماية الأموال العامة.

أخيرا، يتخذ المجلس ما يراه من قرارات، بعد أن تقدم الحكومة تقريرها المفصل حول إجراءاتها في كل القضايا المذكورة.

مصير الاقتراحين

تم رفض المقترح الأول، لعدم حصوله على الأصوات المطلوبة، فيما وافق المجلس على الاقتراح الثاني، بأغلبية 42 نائبا ورفض 16 وامتناع 2 من أصل الحضور، وهم 60 عضوا.

وتم انتخاب 5 أعضاء للجنة، هم النواب: عبدالله الرومي، خلف دميثير، ومرزوق الغانم في الجلسة ذاتها، ورجا الحجيلان وأحمد السعدون، وقد تنازل العضو مرزوق الغانم، ودخلتُ مكانه في اللجنة، آنذاك، وعقدت اللجنة اجتماعها الوحيد في 2009/1/24، حيث انتخب النائب عبدالله الرومي رئيسا للجنة، وفي 2009/3/18 تم حل مجلس الأمة، على اثر الاستجوابات التي قدمت للشيخ ناصر المحمد الصباح بعد ذلك.

وما بين الفترة الفاصلة بين إلغاء الصفقة التي تمَّت في نهاية عام 2008، وحتى جلسة التصويت على لجان التحقيق في فبراير 2009، مارستُ دوري الرقابي بكل أمانة وحيادية، وعقدت اجتماعاً في مكتبي بالمجلس مع الوزير المختص الأخ محمد العليم، وطالبته بتزويدي بمعلومات عن المصفاة الرابعة، وكذلك عن اتفاقية الشراكة مع «الداوكيميكال».

حكاية المصفاة الرابعة

أما المصفاة الرابعة، وهي حكاية أخرى، فقد قام الوزير - مشكوراً - بتزويدي، بالتعاون مع فريق لديه، ببيانات وتوضيحات، وطلبنا بإحالة الملف برمته إلى ديوان المحاسبة، أما بخصوص «الداوكيميكال»، فقد تبيَّن لي من التعامل مع القيادات النفطية أنهم ينظرون نظرة غير طيبة للمجلس كمؤسسة رقابية، وكانوا يتعاملون ببطء مع الاستسفارات والطلبات، والأنكى من ذلك أنهم زاروا بعض الأعضاء في مكاتبهم، لتزويدهم بالبيانات، بناءً على مواعيد مسبقة، ولم يتم تزويد آخرين بالمعلومات نفسها، وكانت إجابة أحدهم لي هي انتظار اجتماعه باللجنة المالية لتزويدي بالمعلومات، رغم حرصي على طلب هذه المعلومات، لمعرفة التفاصيل واتخاذ القرار السليم، فبالنهاية هناك إجراءات في المجلس وتوصيات ومطلوب منا اتخاذها في الوقت الذي حرص فيه مسؤولو الشركة الأجنبية على إرسال خبرائهم من أقاصي الأرض، لتوضيح الصورة لبعض الأعضاء، وطلب مواعيد لتوضيح موقفهم، في حين كان قياديو القطاع النفطي يتعاملون مع الضغط السياسي للمجلس من دون اهتمام، أما حكاية الشرط الجزائي، فإن هذه جزئيات فنية تركناها كأعضاء في اللجنة إلى تقرير من الحكومة يعرض بعد شهرين، حسب الاقتراح الخاص بلجنة التحقيق.

وعن المسؤولية السياسية، فالقرار الذي اتخذ في 2008/12/28، هو مسؤولية مجلس الوزراء - آنذاك - والذي شدد على أن سحب المشروع حظي بدراسة متعمقة وشاركت فيه اللجنة الوزارية للشؤون القانونية وإدارة الفتوى والتشريع، بما يحفظ للدولة حقوقها ومصالحها،.

وللأمانة والتاريخ، فإن أحداً من الأعضاء المؤيدين أو المعارضين للمشروع ممن أعيد انتخابهم لم يطرح إعادة لجنة التحقيق حول إبرام العقود وإرفاق الشرط الجزائي والموافقة عليه.

وحتى لا تخلط الأوراق، فإنني قد مارست دوري الرقابي والتشريعي بكل أمانة، ومستعد للشهادة كشاهد عيان، حتى آخر يوم لنا في مجلس (2009/2008).

أكتب هذا الكلام، توضيحاً ورداً على ما أثير في بعض المواقع الاجتماعية، بهدف تشويه مواقفنا داخل قبة البرلمان، آنذاك، والتي كانت دائما حرصاً على معرفة الحقيقة والتدرج في استخدام الأدوات الدستورية والممارسة الرقابية السليمة، حسب القانون والدستور.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك