د. سليمان الخضاري يكتب: كلنا فاسدون!

زاوية الكتاب

كتب 1009 مشاهدات 0


الراي

فكر وسياسة  /  كلنا فاسدون... وزارة الصحة نموذجاً!

د. سليمان ابراهيم الخضاري

 

الأزمة المفتعلة من قبل بعض القيادات المحالة للتقاعد في وزارة الصحة، وبعض «أدواتهم» النقابية، كشفت لي شخصيا عن أزمة عميقة يعاني منها البعض الذي أقض مضاجعنا ليل نهار بالحديث عن الإصلاح والتطوير والتجديد وضرورة توزير رجال دولة قادرين على اتخاذ القرار المناسب والجريء من أجل البلاد ومستقبلها من دون النظر لاعتبارات سياسية أو اجتماعية أو غيرها!
شخصيا أقولها قولا واحدا، فلقد حركت سياسة الوزير العبيدي منذ توليه حقيبة الصحة كل المياه الراكدة، وبعثت كماً كبيرا من الأمل في نفوس أبناء الوزارة من عاملين في معظم القطاعات الفنية والإدارية، وأثارت في الوقت نفسه حنق البعض -القلة القليلة في الواقع - بل وثورته الطائشة أخيراً، في ردود فعل على فقدان لمكتسبات ومواقع خال أصحابها أنها حكر عليهم بحق أو من دون حق، وبينما أعلم أن البعض قد ربط بين رأيي هذا في حق العبيدي وبين تعييني رئيسا لقسم فني في أحد مستشفيات الكويت، لكن الحجة نفسها من الممكن استخدامها ضدهم، فمن السهل الربط بين موقفهم الناقد أو الناقم على الوزير، وخسارتهم للمواقع المشار إليها آنفا!
وفي الحقيقة، فالقارئ لا تهمه اتهامات هذا الطرف لذاك بقدر ما يهمه النتيجة المتحصلة والتي يتلمسها من خلال الخدمة المقدمة له من جميع مؤسسات الدولة الصحية، ولذلك فإننا كنا نتمنى من تلك الأطراف التي «تصارخ» على قدر ألمها أن تلتفت حقيقة لما يهم المواطن والمقيم على حد سواء في ما يتعلق بشؤونه الصحية ومجمل خدمات الوزارة، وليت جهودها العبقرية في الدفاع عن بعض القيادات المحالة للتقاعد قد ظهرت في تطوير حقيقي لنظامنا الصحي الذي كان ألعوبة في أيدي البعض منهم سابقا بدل ما نراه حاليا من مشاريع ومبان و«انجازات» يتم الترويج لها اعلاميا «فجأة» وبكثافة تثير الاستغراب، وأحيانا... الضحك الممزوج بالمرارة... والأسى!
أسوأ ما في الأمر هو الهبة التي شاهدناها جميعا من بعض وسائل الإعلام التي نكن لها كل التقدير على تاريخها الوطني، هذا التاريخ الذي أضحى على المحك مع ما شاهدناه من استنفار للدفاع عن بعض القيادات المحالة للتقاعد، وهجوم كتابها «الوطنيين» دونما سند أو دليل على وزير الصحة بل وتحريض القيادة السياسية عليه، وفق حجج وأسباب مرسلة وسمجة، في أسلوب يتخذ من وكالة «يقال» و«العهدة على الراوي» وتوصيف لقرارات العبيدي بال «الحلمنتيشية»، كل هذا يتم وفق مبدأ الفزعة لـ «ولدنا» أو «صاحبنا»، وفي استخدام تعيس لانقساماتنا المجتمعية أو السياسية، بمرجعية لا ترى في العبيدي إلا «سلفيا» أو «إخوانيا» - وإن كان الكثيرون منهم غير متفقين لأي الفئتين ينتمي الوزير!- وهو بذلك يمثل الشر المطلق، لأنه «أكيد راح يجيب جماعته بعد ما يبعد عيالنا»، وفق تصورهم بالطبع!
إنه من المدهش قدرة البعض على لي الحقائق، ومدهش بشكل أكبر قدرتهم على اسقاط ما يعانون منه على الآخرين، فمن يتهمون العبيدي بتسييس الصحة هم أنفسهم من يقومون بعملية التسييس تلك عن طريق الاصطفاف والفرز وفق منظور يرى في الذات الخير المطلق، وفي الآخر المخالف الشر المطلق، وهو ما كنا نخاله سابقا صفة أصيلة لبعض الاسلاميين، وإذا بنا نرى الجميع يمارسه وفي وضح النهار، ما قد يدفعنا للاقتناع بنتيجة مخيفة مفادها...
أننا كلنا فاسدون!

الراي

تعليقات

اكتب تعليقك