لا يمكن الطعن بولاء البدو.. هكذا يعتقد ذعار الرشيدي
زاوية الكتابكتب مايو 25, 2012, 12:57 ص 918 مشاهدات 0
الأنباء
الحرف 29 / البدو والديمقراطية وشيء من العنصرية
ذعار الرشيدي
البدوي يتمتع بأخلاق الفرسان النبلاء، ولم يتخل عنها رغم اننا نعيش اليوم في عصر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.
يالله حيه، اقلط، تقهو، ليست جملا ترحيبية استهلاكية، ولا هي مهايط، بل جزء اصيل من ثقافة البدوي، ولا تستغرب ان سمعتها في ستاربكس او ردهة المقهى الانجليزي في الشيراتون، فهذا الجزء من الثقافة يرفض ان يموت، ولا تجفف منابعه التكنولوجيا الحديثة ولا تقضي عليه جدران المد الاسمنتي المدني.
البدوي كان ولم يزل سيد نفسه، حتى وان تنازل عن شيء من تلك السيادة لبعض الوقت، ولكنه غالبا ما ينتصر على نفسه ويستعيد بقية.. نفسه.
البدوي، ليس مجرد شخص آخر مختلف، في لسانه وملبسه وطريقة حياته، بل هو بذاته مشروع حياة لا تنطفئ نار مروءتها وشهامتها حتى ولو كان ابن الجيل الرابع او الخامس لبدوي هجر صحراءه الى المدينة، فالمروءة تبقى في جزيئات دمه، والشهامة والكرم تنتقلان كقطعة ارث من البدوي لابنائه، اما ترى اغلبهم لا يملكون من حطام الدنيا سوى كلمة.. «ونعم».
العيب احيانا اشد حرمة من الحرام نفسه لدى البدوي، فلا يرضى بكسر قاعدة العيب، تحت اي ظرف كان.
قال لي شايب ذات مرة ولم اكن اعرف سر تعلق البدو بالصحراء رغم الخير الذي عم ارجاء البلاد بكل ما يغني عن الصحراء: «البدوي يسكن بجسده المدينة ويودع روحه في الصحراء».
البدو، رغم حالات التلميح التخوينية التي تطولهم من قبل البعض احيانا، بجمر السياسة مرة وبنفخ نفس العنصرية احيانا، يبقون كحالة الاكثر وفاء للارض، اي ارض يذهبون اليها، حتى ولو كانوا زوارا عابرين جاءوا سياحة، يهمهم كثيرا ما يقوله الناس عنهم.
ومن باب... سد باب العيب، تجد «شايب بدوي» يقول لك في باريس اذا ما اتيت وانت بصحبته بحركة ما قد تبدو غير ملائمة «وش تبي الفرنسيين يقولون عنا؟»، ذلك البدوي حمل هم ما سيقوله الناس عنه وعن بلده، رغم ان جان فالجان و«ربعه» لا يكترثون لا له ولا لفعله ما دام لا يخرق قانون بلدهم، بل لا يعرفون اسم قبيلته ولا اين تقع بلده، ولن يتذكروا سحنته ولا سحنة من معه، ولكن البدوي تهمه تلك اللحظة وتهمه كثيرا تلك النظرة من الآخرين.
لا يمكن الطعن بولاء البدو، خاصة أن اغلب قوافل الشهداء منذ الصريف حتى الامس القريب منهم، وليس في الامر مزايدة، ليس من حق احد ان يشكك بولاء اي شخص لا بدوي ولا غير بدوي، ما لم يصدر حكم قضائي بالخيانة على الشخص وليس على عرقه او مذهبه.
عندما اقاموا الحكم، وثبتوه وحموه، قال العنصريون ان البدو «فداوية»، رغم ان مهنة حماية الانظمة لم يكن يجيدها على مر التاريخ سوى البدو او من في حكمهم، الفرسان وحدهم القادرون على حماية العروش، ليس في هذا مدعاة للفخر، وليس فيه انتقاص من احد، ولكنه واقع تاريخي محكي وغير مكتوب احيانا.
وبعد سنوات وسنوات عندما بدأت المعارضة «تتبدون»، قال العنصريون انهم مجموعة من المؤزمين والغوغائيين ورموهم بكل وصف، رغم انهم شاركوا وبفاعلية مع كل اطياف المجتمع في حماية الدستور عبر الخروج المشرف في الارادة، فكما حمى اجدادهم اسوار البلد وبوابته،، حمى احفاد احفادهم الدستور.
العنصريون لم يجدوا في البدو عيبا، سوى انهم من الجزيرة العربية، رغم ان ثلاثة ارباع الحضر «الحقيقيين» من قلب نجد، الحضر الحقيقيون ليست لديهم مشكلة مع البدو، ولم تكن يوما لهم مشكلة مع البدو، فهم قبليون واكثر بداوة من البدو انفسهم سواء في الطبائع او اخلاق الفروسية بداخلهم، المشكلة فيمن لم يكن بدويا ليفهم البدو، ولا حضريا حقيقيا ليعرف البدو، فقال في البدو ما لم يقل مالك في الخمر بل وزاد قليلا ورماهم بما ليس فيهم.
اعترف ان المعارضة بشكل عام في الكويت لم تتبلور لتوائم المصطلح الحقيقي للمعارضة، واعترف ان جزءا من البداوة التي دخلت الى المعارضة دخل عبر بوابة «الفرعيات»، وهو امر يرفضه القانون والدستور والمنطق.
ولكن الامور العالقة بين البداوة وما بعدها، تماما كما بين الحداثة وما بعدها، لا يمكن التخلص منها بين يوم وليلة، بل لا يمكن التخلص منها بين عقد وعقدين، كل شيء سيتغير ولكن امنحوا الناس فرصة، ولا ترموهم بما ليس فيهم.
توضيح الواضح: هل كتبت ما كتبته لأنني بدوي؟! نعم، ولكن بإنصاف وتجرد على قدر ما استطعت.
توضيح الاوضح: يقول الشاعر مساعد الرشيدي:
مدحي لربعي ما يذم الاكاريم
ولا يستشك الا خبيث القريحه
تعليقات