ماذا يوجد تحت القبة الخضراء؟.. د. حمود الخطاب متسائلاً

زاوية الكتاب

كتب 1305 مشاهدات 0


السياسة

شفافيات  /  ماذا يوجد تحت القبة الخضراء؟

د. حمود الخطاب

 

في  الوقت الذي اختلطت فيه علي أفكاري  وتداخلت في بعضها اختلطت علي مشاعري أيضا وأنا أجد نفسي مذهولا أمام مشهد مسجد رسول الله (صلى الله عليه وسلم), ولقد غبت عن المدينة المنورة نحو اثنتي عشرة سنة لم أزرها, وكنت قد درست علوم الشريعة الإسلامية فيها في الجامعة الإسلامية تحديدا قبل نحو اثنتين وأربعين سنة.
 كنت أنظر من شباك الجناح الذي استأجرناه في فندق 'إيلاف طيبة' الذي يطل على ساحة الحرم مباشرة فأرى كل الحرم من جوانبه وزواياه التي أمامنا ومن سطوحه وقببه وكان مشهده رهيبا ومؤثرا ;وكانت قبة مسجد رسول الله' (صلى الله عليه وسلم)' الخضراء في البناء العثماني القديم والبديع تأخذ القلب ,لا لأنها معلم ديني فهي في حد ذاتها ليست معلما دينيا, وليس لها قدسية في حد ذاتها أيضا, ولكن الذي يأخذ تلابيب العقول هو هيبة من بمحتواها ومن بداخلها حيا ميتا. هيبة هذا الذي ارتبطت بفضله في حياته ومماته الأرض والسماء.
 لم يعد قلبي بذاك القلب القوي أمام منظر كنت ألفته زمان دراستي هناك وتعودت عليه, فلقد تفتقت فيه الآن معاني الخبرة العميقة وتداخلاتها وأبعادها,فأعطت كل ما أراه معاني علمية ومعنوية عميقة وجديدة لا تقوى كل قدراتي  المحدودة  على التعبير الشافي عنه, وأصبحت وأنا في  هذا الاستغراق العظيم لا أقوى على حمل نفسي للدخول إلى مسجد رسول الله  فما زلت متسمرا في شرفة السكن الفندقي أرقب ذلك المعلم التاريخي تلك القبة الخضراء فوق مسجد رسول الله وبيته, وتتداخل أفكاري مع بعضها فيما بين الماضي والحاضر, فمن بداخل تلك الحجرات التي تظلها تلك القبة الرهيبة  بشر من الناس, من العرب, نبي  ابتعث يوما إلى البشرية, فغير وجه التاريخ حقا وصدقا  وإلى يوم القيامة.
كانت هناك ديانتان سماويتان رئيستان باقيتان فأصبحت ثلاث ديانات سماوية بفضل حركة وجوده وإرساله; ديانة تحمل صفة الجمع بين الديانتين السابقتين وتحمل لهما لحقائقهما وتوحيدهما روح الود والاعتراف والتقديس والاحترام, وتحكي وبعمق وتفاصيل دقيقة من ثناياهما الشيء الكثير, وهي تدعو أهل تلك الديانتين للحاق بها فهي تحكي  أيضا أنها لهم وبها سيادتهم وعزتهم.
قلت إن منظر قبة مسجد رسول الله الخضراء لما يكون بداخل هوائها وكيانها من  مسجد وبيت أعظم رجل على وجه الأرض باعتراف خصومه قبل مناصريه وبحقيقة الواقع قد  شبكت أفكاري ببعضها فأنا سأذهب للسلام على رسول الله وسأذهب إلى مسجده الذي يقصد لذاته ومنه يزار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلا تشد الرحال إلا إلى ثلاث: ثانيها مسجد رسول الله.فدخولي حيز السلام عليه والاقتراب منه, قد أفزع قلبي هذه المرة ,فخبراتي الإيمانية والثقافية قد نسجت بنسيج من نور البصر والبصيرة لتجعلني أتردد كثيرا في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم من رهبة كيانه العظيم, ساعدني في ذلك التردد شدة تزاحم الناس في ذلك المكان المعشوق لديهم والذي لا يرونه غير محبة وجدان, فلا يحمل أكثر الزائرين له سوى تلك العاطفة الجياشة, ولكنهم في أكثرهم وكما قال عنا وعنهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)' نحن كثير ولكننا كغثاء السيل' لا قيمة حقيقية لنا ولهم تهم  الحياة وتهم الآخرين بنا, فحب الدنيا عندنا وحب شهواتنا مقدم على معيشتنا لأفكارنا ومعتقداتنا . كيف أفقت من استغراقي ذاك? وكيف ذهبت لزيارة مسجده (صلى الله عليه وسلم) وزيارة قبره. للحديث بقية إن شاء الله. إلى اللقاء 

السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك