لماذا لا نسمح لغير المواطنين بالتظاهر في الكويت؟.. فوزية الصباح متسائلة
زاوية الكتابكتب إبريل 6, 2012, 12:58 ص 1433 مشاهدات 0
الراي
البدون... وقمع الحكومة
فوزية سالم الصباح
من ثقل ما جثم على أنفاسهم الظلم ووطأة القهر والظلم ضاعت معالم آدميتهم، ومقومات إنسانيتهم، لتسحق فطرة بشريتهم، ليصبحوا منكسرين مغلوباً على أمرهم، مسلوبي الإرادة، لا يملكون فى حياتهم اختياراً أو رأيا أو قرارا.
وعندما تواصلت ثقافتهم مع أفكار العصر الذي يعيشونه استيقظوا من غفلتهم، واستدعت ذاكرتهم مرارة خمسين عاما من الضياع، وفي لحظة انتباهة قدرية اكتشفوا انهم والعدم سواء، فانفجرت بداخلهم مشاعر الرفض للظلم والتعسف والفساد، وانطلقت صيحاتهم تطلب منحهم ابسط الحقوق الانسانية التي اقرتها القوانين الدولية والشرائع السماوية وأخذوا ينشدون تحقيق مطالبهم المشروعة بعد خروجهم من صلاة الجمعة في ساحة رملية بعيدة عن العمران، إيذانا ببداية مشوار طويل نحو تحقيق مطالبهم غير آبهين بالعقوبات والقيود الامنية التي ستنالهم من بطش الحكومة.
وجاء رد فعل الحكومة ــ كما توقعوه ــ متسماً بخليط من عدم المبالاة والتهديد والوعيد، فلم تخرج عنها أي إشارة أو ايماءة تحمل استجابة لمطالبهم اعتقادا منها ان سياسة البطش والتنكيل والتهديد والصاق التهم الكيدية والقيود والحبس لفترات طويلة ستثني الناس عن مطالبهم المشروعة، وتوهمت الحكومة كذلك انه مازال بمقدورها أن تؤجل القضية الى 50 عاما اخرى بواسطة تصريحاتها التخديرية ووعودها الزائفة التي اصبحت غير مجدية ومكشوفة محليا ودوليا... الا ان الناس صبروا بما فيه الكفاية ووصل بهم الامر الى درجة الانفجار، فإن كانت سنون آبائهم ذهبت هباء منثورا فانهم قد شعروا انه قد حان الآوان لاشعارهم بآدميتهم.
وها هي اميركا، فمن العبودية والظلم جاء الدستور الاميركي ليمنع العبودية والظلم بكل انواعه ليصل أسود لرئاسة الحكم. ولكن لم يتصور الكثير من الناشطين الحقوقيين داخل وخارج الكويت ان يكون الظلم الذي وقع على الكويتيين البدون بهذا الشكل المخيف، و بهذه الجسامة. فالظلم ظلمات في الدنيا والآخرة، ولا تقوم الدول ولا تزول إلا بقدر عدلها.
وقد كرم الدين الاسلامي الإنسان قبل المواثيق الدولية بقوله :(ولقد كرمنا بني ادم) صدق الله العظيم. فالكرامة الإنسانية أي حقوق الإنسان هبة من الله سبحانه وتعالى ولا يجوز التطاول عليها وهي ليست منحة تقدمها الحكومات للأفراد، وليست قابلة للسحب والانتقاص لأنها أساس رقي الإنسان وحضارته. ومن هنا أخذت دول العالم الثالث تتسارع في تطوير قوانينها التي تمس الحريات بعد التحول الكبير في الحريات، بينما القوات الخاصة تطارد افراد البدون في بيوتهم بالقنابل الصوتية والمسيلة للدموع رغم ان الدستور الكويتي كان واضحا وجليا في مادته (44) التي نصت «للأفراد حق الاجتماع دون حاجة لإذن أو إخطار سابق ولا يجوز لأحد من قوات الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون...» والدستور عم الحق لكل الافراد ولم يقل مواطنين وهذه المادة لم يخترعها المشرع من تلقاء نفسها بل نسخها من المواثيق الدولية. وهذا ما اكده القانون 12/96 الخاص بالموافقة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على حماية حرية الفكر والتعبير وأكد على أن التظاهر السلمي والاعتصام السلمي مكفول في كافة المواثيق الدولية واعتباره دلالة على احترام حقوق الإنسان في التعبير عن نفسه، اما مرسوم التجمعات رقم 65/ 79 الذي أصبح أعور بعد حكم المحكمة الدستورية 1/ 2005 لم يفرق بين المظاهرة والموكب والتجمع والتجمهر وجعلها مصطلحات غامضة غير معرفة لتكون بمثابة آبار محفورة في نسيج النص التشريعي، بواسطتها تستطيع وزارة الداخلية إلصاق التهم الكيدية لمن ترغب في إيذائه. ومن ثم أصبح الخروج إلى الشارع متوقفا على إرادة ورغبة الحكومة، إن شاءت وافقت على الخروج أو غضت الطرف، وان لم تشأ استعملت قبضتها الحديدية، ولعلنا نستمح العذر لرجال الشرطة نظرا لحداثة ثقافة التجمعات والتظاهرات كوسيلة عملية للتعبير في مجتمعاتنا العربية، ومن ثم بات على الحكومة أن تعدل من قوانينها بما يتماشى مع هذه التطورات المتسارعة ومع هذه الحداثة التي اشار اليها النائب الأول وزير الداخلية الشيخ احمد الحمود خلال أعمال الدورة 29 لمجلس وزراء الداخلية العرب الذي انعقد في تونس في 14 مارس الماضي عندما أعلن عن حق الشعوب في التعبير عن مطالبها وانه لا تضييق لأي مظهر من مظاهر التعبير عن مطالبها المشروعة بالطرق السلمية. وهذا التصريح لا يتماشى البتة مع بيان الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان التي عبرت فيه عن أسفها لما تعرض له أفراد التجمع من اعتداء من قبل رجال الشرطة مؤكدة أن المتجمعين كانوا يطالبون بحقوقهم الإنسانية وبصورة سلمية.
• ملحوظة :
تظاهر الشعب الكويتي في كل انحاء العالم ضد احتلال النظام الصدامي لدولة الكويت اثناء فترة الغزو، فلماذا نسمح لأنفسنا بالتظاهر السلمي خارج بلدنا لشرح قضيتنا ولا نسمح لغير المواطنين بالتظاهر في الكويت.
تعليقات