عبد الهادي الصالح يعتبر'الحسينية' جزءاً أصيلاً من تاريخ الكويت

زاوية الكتاب

كتب 1091 مشاهدات 0


الأنباء

م 36  /  ما هي الحسينية؟ وكيفية مراقبتها؟!

عبد الهادي الصالح

 

جزء من مشكلتنا هو تغييب (عن عمد وقصد) ثقافة التشيع الكويتي والذي يعبر عن المدرسة الإمامية ضمن المدارس الإسلامية المتعددة، وهذا الفراغ يستغله البعض لملئه بالأوهام والأكاذيب من منطلق الازدراء والكراهية التي تغذيها العصبية، أو لأغراض سياسية تحذر من مارد شيعي يفترس كل مسلم سني! ولعل آخرها قضية مراقبة الحسينيات.

ونريد هنا أن نعرّف الحسينية!

الحسينية لفظا جاءت من سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام لأنها مكان عزاء الحسين عليه السلام والتأسي به، وقد كان جده الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هو أول من نعاه وبكاه وحذّر من مأساة كربلاء. وذلك يوم أن بُشر بولادة حفيده ابن الزهراء الإمام الحسين عليهما السلام، فأخذه وبكى حينما أخبره جبرائيل بأنه يُقتل. وكذلك ما نقله الرواة الثقات عندما حدّث الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، زوجته أم سلمة رضي الله عنها عن مأساة كربلاء وأعطاها قبضة من تراب هذا المكان وقال لها إن هذا التراب صائر إلى دم عبيط (أحمر قان) وذلك يوم قتل الحسين عليه السلام في كربلاء. وهو ما تحقق بالفعل وهي أحاديث موجودة وموثقة بعبارات مختلفة عند الشيعة والسنة. وكذلك عندما قام الإمام علي بن الحسين (زين العابدين) عليهما السلام بضرب فسطاطه عند وصوله المدينة وأنزل نساءه وأمر شاعرا بنعي الحسين عليه السلام واستمر كذلك 34 عاما بإقامة العزاء، واستمر ذلك من بعده عند أئمة أهل البيت النبوي عليه السلام في سائر العصور رغم محاولات الترصد والتنكيل التي تقوم بها السلطات الاستبدادية على مختلف الدول الإسلامية، فالحسينية اليوم عبارة عن مكان أشبه ما يكون للمحاضرات الإسلامية تطرح فيه القضايا الاجتماعية والتاريخية والأدبية وتفسير القرآن الكريم، المسائل الفقهية غاية الأمر ان الموضوع أيا كان يربط في أوله وآخره بموقف من مواقف تضحيات الحسين عليه السلام يوم كربلاء وذلك بترديد أشعار وقصائد بصوت حزين يجدد حب أهل البيت عليهم السلام في قلوب المؤمنين ويزيدهم تمسكا بولايتهم ودافعا للدفاع عن الإسلام الذي من أجله كانت تضحية الحسين سبط النبي صلى الله عليه وسلم «حسين مني وأنا من حسين»، وصار للحسينية خطباء وشعراء وأوقاف، ومطابخ لتكريم روادها وخاصة يوم عاشوراء كما تطورت الى حسينيات لغير الناطقين باللغة العربية، لكن مع ذلك فالحسينية ليس من الضروري أن تكون مكانا كبيرا ومتسعا كصالة معدّة للمحاضرات، وانما يمكن لصاحب الديوانية ان يتشرف باستضافة أحد الخطباء للحديث الديني ونعي الحسين عليه السلام أو أي مناسبة تتعلق بالنبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته سواء في ذكرى المواليد أو الوفيات، ولذلك يتصور خطأ ان هناك في الكويت مئات من الحسينيات رغم انها مجرد ديوانية تنازل صاحبها وروادها عن لعب الجنجفة أو مطالعة التلفزيون أو الثرثرة بلا هدف الى ما هو أفيد وأكثر ثوابا وأجرا!

ويعاني شيعة الكويت الكثير بسبب الجهات المعنية سواء بالبلدية أو التسجيل العقاري وغيرهما بسبب تعنت المسؤولين في توثيق وقفية «الحسينية» كحال مساجدهم! رغم ان الحسينية في الكويت تعتبر جزءا أصيل من تاريخ نشأة الكويت، وكثير من أبناء الكويت الأبرار سنّة وشيعة قد تبرعوا لإقامة الحسينية سواء كان استقطاعا من بيوتهم أو بتبرعاتهم المالية، وعلى رأسهم الأسرة الحاكمة آل الصباح الكرام الذين لايزالون يدعمونهم وعلى رأسهم صاحب السمو الأمير وسمو ولي عهده الأمين وسمو رئيس الحكومة الحالي والسابق.

وهكذا سارت الحسينية كتراث إسلامي منتشرة في جميع بقاع العالم وهي مؤسسة وطنية تدعم القضايا المحلية، لكن للأسف الشديد فإن ضيق فرص الدراسة الشرعية للمدرسة الجعفرية سواء من خلال المعهد الديني أو كلية الشريعة جعل عدد الخطباء الكويتيين قليلا جدا رغم ان الأغلب الأعم من الخطباء يشهد لهم بالنزاهة والموضوعية والأمانة التاريخية والعلمية مع فن البلاغة الأدبية التي تجذب الجمهور. ولذلك فإن تسجيلات الحسينيات الكويتية تلقى رواجا هائلا في البلاد الأخرى.

والحسينية كوقف لها «متولي» وناظر، والمتولي عادة هو الذي يدير الحسينية ويراقب ما يجري فيها مباشرة، علاوة على ان جميع الحسينيات في الكويت تعقد اجتماعا موسعا مع أركان وزارة الداخلية في كل عام حيث يتم النقاش حول شؤون الحسينية وخدماتها الأمنية وتصدر وزارة الداخلية عددا من التوجيهات الأمنية، ويقوم صاحب الحسينية بالتوقيع على تعهد بالتقيد بالتعليمات الرسمية المتفق عليها، اضافة الى ذلك فان هناك لجنة تطوعية تنسق مع وزارة الداخلية مباشرة في تزكية الخطباء الذين تود الحسينيات استضافتهم والتحقق من هوياتهم وجدّية الطلب.

وهناك أيضا اجتماع آخر يعقده أصحاب الحسينيات فيما بينهم يؤكدون على مصالح الدولة وعدم السماح لأي شيء بان يعكر صفو أمن البلاد أو المساس بالنسيج الاجتماعي ومقدساته. وبالتالي هناك 3 دوائر تعمل على الرقابة الرسمية والذاتية للمؤسسة الحسينية، غاية الأمر لو ان الإذاعة والتلفزيون الرسميين يقومان بتغطية ولو جزئية عما يدور بالحسينيات لأعطى ذلك مزيدا من الشفافية والرقابة العامة مما يحطم الأسوار الوهمية بين المواطنين أنفسهم ويزيل الشكوك والأشباح!

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك