قول الأحسن أسهل من جمع ريش الفتن.. برأي د. خديجة المحميد
زاوية الكتابكتب إبريل 4, 2012, 12:06 ص 692 مشاهدات 0
الأنباء
مبدئيات / ليقولوا التى هي أحسن
د. خديجة المحميد
غضب فلاح على صديقه، وقذفه بكلمة جارحة، وبعد أن عاد إلى منزله وهدأت أعصابه بدأ يفكر باتزان: «كيف خرجت هذه الكلمة من فمي؟ سأقوم وأعتذر لصديقي»، وبالفعل عاد إلى صديقه، وبخجل شديد اعتذر بسبب الكلمة التي بدرت منه تجاهه وطلب السماح منه، وقبل صديقه اعتذاره.
لكن نفس الفلاح ظلت مضطربة وحزينة، أن كيف خرجت من فمه مثل هذه الكلمة، ولم يسترح قلبه لما فعله فالتقى بكبير القرية واعترف له بما ارتكب قائلا: «أريد أن تستريح نفسي، فإني غير مصدق أن هذه الكلمة خرجت من فمي»، فقال له الرجل الكبير: «إن أردت أن تستريح، املأ جعبتك بريش الطيور، واعبر على كل بيوت القرية، وضع ريشة أمام كل منزل». نفذ الفلاح ما قيل له، ثم عاد إلى شيخه متهللا، فقال له شيخه: «الآن اذهب واجمع الريش من أمام الأبواب». عاد الفلاح ليجمع الريش، فوجد الرياح قد حملته، ولم يجد منه إلا القليل جدا أمام الأبواب، فعاد حزينا.
عندئذ، قال له الرجل الكبير: «كل كلمة تنطق بها أشبه بريشة تضعها أمام بيت أخيك، فما أسهل أن تفعل هذا؟ لكن ما أصعب أن ترد الكلمات إلى فمك، إذن عليك أن تجمع ريش الطيور أو أن تمسك لسانك».
وهذا هو حالنا في وطننا الكويت الذي عرف مواطنوه بتسامحهم ولطافة معشرهم وترابطهم الاجتماعي، وإذا بنا منذ أكثر من عام وقد وضع بعضنا عند بيوت البعض من إخوانه ريشا أسود من الكلمات القاسية المسيئة والاتهامات التي تفتقر الى الدليل والبرهان الواقعي والقضائي الذي يبرئ الضمير بين يدي الله سبحانه، ويا ليت مثل هذه الأحداث اقتصر شرها ودخانها الخانق للأمن الاجتماعي على دائرة أفراد معدودين، بل إنها بفعل النشاط المحموم عبر وسائل الإعلام ووسائط التواصل الإلكتروني قد تضاعف نطاقها ليشمل فئات عريضة من المجتمع تتسارع فيما بينها لتمزيق الوحدة الوطنية وهتك التعايش السلمي والودي بين المواطنين.
فإن كنا مسلمين حقا ألا نلتزم بمدلول الآية المباركة (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ـ الإسراء: 36)، فنترك القضايا لحكم القضاء حتى يقول كلمة الفصل، ونتجنب الاثارات النفسية والاجتماعية التي بافتقارها إلى الأدلة الشرعية القاطعة تكون بحكم كبائر الذنوب من البهتان والنميمة. ولنتحلى بالأدب القرآني الرفيع فيما بيننا (وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا ـ الإسراء:53)، فما أشد نزغ الشيطان بين بعضنا في هذه الأيام، فهل يتعظ هؤلاء ويكفوا عن التراشق بالمفردات السيئة التي تثير الشحناء والعداوة وتمزق نسيجنا الوطني، ويستجيبوا لأمر الله فيقولوا التي هي أحسن، فقول الأحسن أسهل من جمع ريش الفتن، بعد أن تنثرها رياح الغضب والكراهية التي لا تورث إلا الندم وســـوء العاقبة.
تعليقات