'الكويت فشلت في توحيد أبنائها'.. نورية السداني مستنكرة
زاوية الكتابكتب إبريل 3, 2012, 12:01 ص 933 مشاهدات 0
القبس
محمد صباح السالم والتساؤل المر!
نورية السداني
تأتي أهمية محاضرة الشيخ محمد الصباح في جامعة جورج تاون من خلال ما طرحه من رؤية للربيع العربي، الذي أنهى حكام عرب من عصورهم الذهبية، والحبل على الجرار لم يتوقف حتى اليوم. وهذا يذكرنا على الدوام بما أخذنا نطرحه، والمتمثل في أنه علينا أن نتلاقى بالمستقبل ولا نجعله يلتقي بنا! محمد صباح السالم وزير الدولة ومن ثم وزير خارجية الكويت من فبراير 2002 حتى الاستقالة الأخيرة في 2011، يمثل مرحلة من التاريخ العربي، فهو من مواليد أكتوبر 1955، أي من الجيل الذي نشأ وسط الثورات العربية في خمسينات القرن العشرين، حينما قاد الشباب العسكر هذه الثورات. وتأتي ثورات الربيع العربي لتستكمل ملف الثورات الشبابية ممثلة في الشباب الذي اجتاح الشارع بدلاً من ظهر الدبابة، هذه المعادلة تقودنا إلى التمعن في ما قاله الشيخ محمد في محاضرته في جورج تاون، فهو يبدأ بما شهدته الكويت من احتجاجات قوية أدت إلى استقالة الحكومة وحل مجلس الأمة، على الرغم من أن الكويت دولة مزدهرة اقتصادياً ومنفتحة سياسياً، والشارع كما يقول الشيخ محمد لم يطالب بتغيير النظام، بل بإحياء النزاهة الدستورية للعملية السياسية، وكلمة «إحياء» تعادل كلمة الموت، فيا ترى هل هذا هو الجرح الذي كانت تعاني منه الكويت؟ وهل فعلاً نجح الشارع الكويتي في الإحياء؟! وهل المزاج السيئ الذي علله المحاضر والذي تتمتع به الجماهير العربية هو من يقود التغيير أم أن هناك أسباباً أكثر إلحاحاً تجعل ذلك يتم؟ ولعل تساؤل الشيخ محمد عن السبب الذي أدى إلى أن تقصم القشة ظهر البعير يعود إلى الاقتصاد أم الأيديولوجيا أم المؤامرة، بحسب وصف محمد حسنين هيكل، فإن كان الاقتصاد فهو يستشهد بتونس التي قلصت نسبة الفقر فيها إلى النصف، ومع ذلك اجتاحتها الثورة، أما الأيديولوجية التي اتخذها شباب الثورات المعبر لقوة الشارع، وهي المتمثلة في تطبيق الديموقراطية الليبرالية الغربية، فمع ذلك أصبحت رئاسة الوزراء في المغرب وتونس لأحزاب إسلامية، ومصر رئيس البرلمان إسلامي، والكويت رئاسة البرلمان لشخصية مدعومة من أحزاب إسلامية.
وإن انتهينا من الاقتصاد والأيديولوجيا انتقلنا إلى التساؤل المر الأخير الذي طرحه، وهو المتعلق بالمؤامرة منذ المؤامرة الأولى لسايكس بيكو 1916 لإعادة توزيع الموارد العربية بين أميركا وأوروبا والثانية إعادة النفوذ التركي والثالثة إيران ونشر المذهب الشيعي، وأخيراً إسرائيل ودفن القضية الفلسطينية، مؤامرات حددها محمد حسنين هيكل، ويركز محمد الصباح على أنه أياً كان السبب، ففي النهاية هي ثورات شبابية قوية حازمة لتخليص مجتمعاتها من الفساد، فساد عائلة الطرابلسي في تونس وعائلة القذافي في ليبيا، وإطاحة الهياكل العائلية الفاسدة في كل من مصر واليمن وسوريا. وتأتي إشارة محمد الصباح للعوائل الحاكمة التي أطيح بها مؤشراً مهماً لتدارسه وإدراكه إدراك العاقل الذي يتعظ من الحدث ويعمل على إصلاح الخلل قبل فوات الأوان، وبالتأكيد وكما يوضح الفارق بين مجتمعات الثورات العربية وبالتالي اضطراب الدول، وهز هذه المجتمعات المقلقة والحاضنات الديموقراطية التي وفرتها أوروبا للكتلة السوفيتية السابقة، ولم توفرها للمجتمعات العربية، من هنا يأتي قياس الحالة ما بين هذا وذاك وأهميتها.
وهو لا يخفي في محاضرته أهمية الشباب الذي يشكل %65 من العالم العربي، معظمه يتفاعل كل يوم مع التكنولوجيا الحديثة، فما الذي توفر لهم؟ ولعل محمد الصباح يوجز ما يريد قوله في ما قاله الاقتصادي جون منياردكينز بالتساؤل المر «إن التحدي ليس قبول الأفكار الجديدة، بل هو التخلص من تلك القديمة».
وأود أن أضيف لما قاله الشيخ محمد الصباح في محاضرته من واقع تجربتي، «إن الكويت ما زالت إلى اليوم غير قابلة للتحدي والتخلص من الأفكار القديمة، فهي تجيد صرف المليارات، لكنها فشلت في توحيد أبناء المجتمع، الذي كان موحداً، ولم نشهد أبداً للفرقة المجتمعية مثيلاً لها كهذا التاريخ، من هنا تبدأ المهمة، مهمة كل منا في التوافق».
تعليقات