حولنا الفكر إلى طعام جاهز لا يحتاج إلا 'المايكرويف'.. جعفر رجب متعجباً

زاوية الكتاب

كتب 913 مشاهدات 0


الراي

تحت الحزام  /  أفكار معلبة وأجراس

جعفر رجب

 

سؤال: ما رأيك بملتقى النهضة، الذي يقام في الكويت حاليا، بعد الشد والجذب، المنع والسماح؟

يجيب السلفي: يقول العلامة الشيخ المفتي بأن هذا الملتقى حرام، لما به من اختلاط فاحش، وكلام محرم، وهجوم على الدين، وتمييع للعقيدة، ورضى بافكار الملحدين، والمشركين، الحاملين الحقد للدين، والحسد للعاملين عليه، فيجب محاربتهم لا الحوار معهم!

يجيب الاخواني: يقول المرشد حفظه الله، بان الملتقى هدفه نبيل، وان النبي «موسى» في حواره لم يحاور المؤمنين، انما ذهب الى فرعون وناقش مدعي الربانية، وناقش اليهود، كذلك الرسول حاور الكفار، فلا بأس ان نحاور بدورنا اهل المذاهب المنحرفة، والافكار المنجرفة للغرب... لعلنا نهديهم الى جادة الصواب!

يجيب الشيعي: يقول المرجع اية الله دام ظله... الملتقى لابأس به، ما دام لا يتعرض لاصول الدين والمذهب، ولا يشكك في عقيدة المسلمين، والافضل ان تكون في «الفتنة كابن اللبون، لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب»! 

يجيب الليبرالي: يقول فولتير، انا اعارضك ولكني مستعد ان ادفع حياتي ثمنا من اجل ان تبدي حرية رأيك، وكما قال فولتير فانا اؤيد واشجع هذا الملتقى، وان عارضت طرحه!

يجيب الماركسي: وفقا للنظرية الماركسية، فان الصراع الليبرالي والديني وغيره، هو صراع وهمي لا يوصل الى نتيجة، بل هو ستار يخفي خلفه الصراع الطبقي، والليبرالي الارستقراطي كما الديني الاقطاعي كلاهما يعيش على آلام المسحوقين، وهذا الملتقى والصراع حوله مجرد وهم، والتفاف على الصراع الواقعي بين الطبقات!

مما سبق، كلهم يبدأ رأيه بكلمة يقول «فلان» ويرى «علان» ووفقا لرؤية «فلنتان»، فلا احد يريد ان يحمل نفسه عناء التفكير، ويتخذ موقفا نابعا من ذاته وقناعاته، وواقعه، الجميع جاهزون لترديد افكار غيرهم والوقوف صفا في جوقة الانشاد... ووفقا لتصنيفه لنفسه يتخذ الموقف، فلا يمكن ان نجد سلفيا مؤيدا للمؤتمر، او ليبراليا معارضا، او شيعيا مهتما بالمؤتمر، لانهم صنفوا انفسهم مسبقا، واعطوا الاخرين بطاقة التفكير، ثم اتخاذ القرار بدلا منهم، سواء في المؤتمر او في اي قضية اخرى!

في نظريات التعلم... الانسان يواجه المشكلة، ثم يبحث ويتعلم كيف يحلها، ومن هنا تبدأ رحلة الابداع والتفكير، الا نحن، فالاية معكوسة، نحن نحمل افكارا مسبقة، ومعلبة، وجاهزة في ثلاجة العقل، ثم نبحث عن مشكلة نطبق عليها افكارنا المثلجة، لقد حولنا الفكر والتفكير الى طعام جاهز لا يحتاج الا ان يوضع في «المايكرويف» حتى تخرج لنا ساخنة!

الأفكار «المايكروفية»، اصبحت كالأجراس المعلقة على رقاب الابقار، وعندما تحرك الابقار رؤوسها وتسمع صوت الاجراس لا يعني انها تفكر في كتابة السيمفونيات...

الراى

تعليقات

اكتب تعليقك