ومن قال، ليس في السعودية ثورة؟!
زاوية الكتابكتب مارس 19, 2012, 3:13 ص 2487 مشاهدات 0
يقول الكاتب الانجليزي تشسترتون: إتباع التقاليد لا يعني أن الأحياء أموات، بل إن الاموات احياء!!.. وعندما تنظر الى بلد 'التقاليد'، تنبهر حقيقة من حجم الإبداعات التي يقودها الشباب السعودي وكأنهم يقولون: هذه ثورتنا على التقاليد. وثورتهم، ليست ثورة سلاح، ولا حتى سياسة واقتصاد، ثورتهم ثورة بدائية، ولكنها في العمق، وهي أصل الثورات جميعا: ثورتهم ثقافية! لم تخفى عليكم المطالبة التي فجرتها صاحبة حملة قيادة المرأة للسيارة في السعودية الناشطة منال الشريف، فهذه المطالبة لاقت استغرابا دوليا لتأخر المملكة في السماح للمرأة في القيادة، والى هذا اليوم لم أجد في العالم دولة تحظر قيادة المرأة عدى السعودية، ناهيك عن عدم وجود نص صريح يحرم قيادة السيارة في الدين الاسلامي بكل طوائفه، فلم المنع إذا؟ هذه ثورة قائمة في السعودية ولها صدى وأنصار في مختلف السعودية والعالم. الثورة الأخرى هي ثورة فكرية بحتة، هي ثورة الشاب رائف بدوي (29 سنة) صاحب المنتدى الليبرالي السعودي، ذلك الشاب الذي ثار على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وطالب بمحاكمة رئيسها بمحكمة العدل الدولية، واعلن ثورته ضد الهيئة والمؤسسة الدينية المتشدده في السعودية، وقد واجه بدوي عدة محاكمات واتهامات بالإساءة للدين والدعم الخارجي، لكنه ينفي ذلك، وتؤكد ادواته البسيطة والمتواضعه في التعبير انعدام الدعم. ومن الثورات الاعلامية السعودية، الشاب فهد البتيري صاحب البرنامج اليوتيوبي 'لايكثر'، ورغم ان الطابع الكوميدي هو الغالب على عروضه، إلا ان الجرعة السياسة ونقد الواقع التقليدي الجاف لمجتمعاتنا يأخذ حيزاً كبيرا من عروضه، ربما تكون هي الموجه الدارجة في المملكة، ربما هو الخطاب الذي يصفق له الكثيرون هذه الأيام، إلا ان الأفكار المطروحه تبيّن مدى الهوة والفجوة المخيفة بين واقع السعوديين اليوم، وبين الثقافة العالمية التي تحشد على حدودهم. فأنا هنا لن أتكلم عن سلمان العودة ولا سفر الحوالي ولا سعد الفقيه ولا مضاوي الرشيد ولا بدرية البشر ولا تركي الحمد وغيرهم وغيرهم من المثقفين السعوديين. على الأنظمة التقليدية في المنطقة ان تعي أنه 'لاتوجد معرفة ضارة ولا جهل نافع' كما قال الراحل عبدالله القصيمي، لذلك مادام الشاب الخليجي يتعلم وينهل من الثقافة والفكر العالمي، لابد أن يُطالب بالارتقاء بمستوى الثقافة والنظام مقارنة بالمستويات العالمية. العالم يتغير وعلى الأنظمة التقليدية ان تتبنى شيئاً من المرونه، مرونة في تقبل الرأي الآخر، مرونة في الانفتاح على العالم.. وحتى مرونه في المشاركة بالحكم!
ناصر العيدان
تعليقات