'الديين' يتوقع موجة جديدة من التضخم وارتفاع الأسعار خلال الأشهر المقبلة

زاوية الكتاب

كتب 882 مشاهدات 0


عالم اليوم

الزيادة المنقوصة!

أحمد الديين

 

إذا تجاوزنا الاعتراض المحقّ لبعض النقابات العمالية على الزيادات الأخيرة للبدلات والمكافآت لبعض المهن والوظائف وعدم تلبيتها لما كانت تطالب به هذه النقابات من كوادر في عدد من الجهات الحكومية، فإنّ الزيادة الأخيرة العامة على رواتب الموظفين في الدولة ومعاشات المتقاعدين لا تزال أقل بكثير من زيادة معدلات التضخم وارتفاع الأسعار!

واستند في هذا الاستنتاج إلى مجموعة التقارير الصادرة عن “الإدارة المركزية للإحصاء” في شأن الأرقام القياسية لأسعار المستهلك، حيث بلغ الرقم القياسي العام لسعر المستهلك في شهر يناير 2012 أكثر من 151 نقطة استنادا إلى سنة 2000 التي هي سنة الأساس المعتمدة في المقارنة وتساوي 100، فإذا قارنا هذا الرقم في يناير الماضي بما كان عليه الرقم القياسي لسعر المستهلك في شهر مارس من العام 2008، وهو تاريخ آخر زيادة عامة على الرواتب كان مقدارها مئة وعشرين دينارا، فسنجد أنّ الرقم القياسي لسعر المستهلك كان يبلغ حينذاك 128.3، ما يعني أنّ نسبة التضخم المتراكمة منذ ذلك التاريخ إلى شهر يناير الماضي تصل إلى18 في المئة، وهذا يعني أنّ زيادة المئة وعشرين ديناراسبق لها أن تآكلت عمليا منذ السنة الأولى لإقرارها وذلك بفعل عامل التضخم... ومن دون مبالغة فقد واجه غالبيةالمواطنين الكويتيين والمقيمين من محدودي الدخل، ناهيك عن المعدمين البؤساء من الكويتيين البدون، ضغوطا حياتية وضائقة مالية خلال السنوات الثلاث الماضية جراء الارتفاع المنفلت للأسعار وزيادة تكاليف المعيشة من دون أن يوازنهما في المقابل ارتفاع شامل وزيادة مناسبةعلى الرواتب والمعاشات التقاعدية!

وكان يفترض بعد مرور سنتين على إقرار تلك الزيادة في العام 2008، أي في العام 2010 أن تقوم الجهات الحكومية بتفعيل القانون 49 لسنة 1982 في شأن زيادة مرتبات الموظفين المدنيين والعسكريين وزيادة المعاشات التقاعدية، الذي تقضي مادته الرابعة بأن “يُعاد النظر كل سنتين على الأكثر من تاريخ العمل بهذا القانون في مستوى المرتبات والمعاشات التقاعدية على ضوء زيادة نفقات المعيشة، وذلك وفقا للقواعد والأحكام التي يقررها مجلس الوزراء”... ولكن هذا لم يحدث!

أو على الأقل كان يفترض أن تأتي الزيادة الأخيرة على رواتب الموظفين والمعاشات التقاعدية بما يتناسب مع زيادة نفقات المعيشة خلال السنوات الأربع الأخيرة وفقا لهذا القانون المهمل، أي كان يجب أن تكون الزيادة في حدود 18 في المئة على إجمالي الراتب للموظف أو المعاش التقاعدي، وذلك بما يتناسب مع ارتفاع التضخم منذ مارس 2008 وهو تاريخ آخر زيادة على الرواتب، ولكن الحكومة تجاهلت معيار زيادة نفقات المعيشة في إقرارها الزيادة الأخيرة على الرواتب والمعاشات التقاعدية، ذلك أنّ هذه الزيادة المحددة بنسبة 25 في المئة على الراتب الأساسي وليس على إجمالي الراتب للموظفين الكويتيين، التي تكاد تقارب الزيادة على إجمالي المعاشات التقاعدية بنسبة 12.5 في المئة، لا تزال أقل بكثير من زيادة نسب التضخم المتراكمة منذ مارس 2008، أما الزيادة المقطوعة بمبلغ خمسين دينارا للموظفين غير الكويتيين فهي زيادة مخجلة ومهينة وغير إنسانية... وعلى أي حال، فإنّ موجة جديدة من التضخم وارتفاع الأسعار خلال الأشهر القليلة المقبلة ستلتهم هذه الزيادة المنقوصة... فهذه هي طبيعة النظام الرأسمالي الاستغلالي المنفلت المسمى “الاقتصاد الحرّ” الذي ذاق الشعب ويذوق وسيذوق منه المرّ..!

 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك