عندما تيأس من وطنك، د.الخضاري يطلق دعوة للتفاؤل!

زاوية الكتاب

كتب 464 مشاهدات 0


 

الراى


ماذا تفعل ... عندما تيأس من وطنك؟! (2)


د. سليمان الخضاري


نحاول اليوم اتمام مقاربتنا لحالة اليأس التي قد تنتاب الفرد منا من مجمل الأوضاع السلبية التي تمر فيها البلاد، ولا بد لنا في البداية التأكيد على أن منطلقنا في كتابة هذا المقال لا يكمن البتة في محاولة ترسيخ حالة اليأس تلك، بل بوضعها في سياقها الصحيح في حياة أي منا، نظرا لأنها قد تسيطر على الفرد منا وتتسبب في مشاكل أخرى لا تقل خطورة عنها، فالبعض منا عندما يفقد الثقة والأمل في وجود إطار مؤسساتي سليم يضمن حقوقه ويلبي تطلعاته ويحقق له الطمأنينة النفسية والاجتماعية، يكون ذلك سببا في خلق شعور عام باليأس من أي شيء وكل شيء، فيضعف الالتزام بالكثير من القيم الجميلة والضوابط الاجتماعية المطلوبة مع فقدان كبير لأي قدرة على تلمس الجمال في نواحٍ أخرى من حياة الانسان وفي محيطه، من أسرة ومجتمع ودور وظيفي.
ولأولئك الذين يرون في هذا الكلام مبالغة ما، نحيلهم للكثير من الدراسات النفسية والاجتماعية المتعلقة بحالات اليأس من الدولة التي يعيش الفرد منا فيها، والتي تثبت ارتباط الاحساس بالطمأنينة على مسار الوطن بجملة المكونات والمعان المتعلقة بمفاهيم الترابط الاجتماعي والاستقرار النفسي، بل وحتى بمعدلات الانتاج، لمن يحب مقاربة الموضوع من زاوية اقتصادية.
وعودة للنقطة الرئيسية في هذا المقال نقول، إنه من الأهمية بمكان وضع حالة اليأس، أو الإحباط، إن شاء البعض تسميتها كذلك من باب التلطيف، في موضعها الصحيح من حيث السياق الخاص بحياة الأفراد والمجتمعات، وهذا العمل يهدف في الحقيقة لاستعادة قدر من التوازن في اتجاهاتنا الانفعالية ومشاعرنا من أجل إدراك أفضل لماهية الدور المنوط بكل منا في لحظة زمنية معينة، مع استيعاب أكبر لطاقاتنا والأماكن والأنشطة التي يجب أن نصرف فيها طاقاتنا بأعلى قدر من الفاعلية في ظل الظروف المحبطة وغير المواتية.
إن المجتمعات، كما قلنا سابقا، تمر في دورات متعاقبة من التطور والتأخر النسبيين، وهذه الحقيقة يساعد فهمها على التعامل النفسي مع انحدار الدولة عندنا على كثير من الأصعدة، وكم من دول وحضارات تأرجحت فيها الأمور بين تقدم وتأخر، وتشدد وتسامح، وانفتاح وتعصب، وعلى هذا المنوال، واستيعاب هذه الحقيقة لا يعني ترك الأمور على ما هي عليه بالطبع أوعدم محاولة التغيير، لكنه فقط يؤدي للاطمئنان لإمكانية تغير الأوضاع للأفضل حتى ولو لم يحدث هذا في فترة حياة الفرد نفسه، كما هي الحال عبر التاريخ مع مجتمعات أخرى تخلفت فتقدمت، أوغيرها التي تقدمت فتخلفت.
وعلى صعيد الأفراد، فإن الفهم السليم لحقيقة أننا مطالبون بالقيام بأدوارنا تبعا للحظة الزمنية التي نعيشها، وأن أدوارنا تتعدد بتعدد مسؤولياتنا الشخصية والاجتماعية والوظيفية، وأن ما نحن مسؤولون عنه هو في المقام الأول قيامنا بأدوارنا تلك بغض النظر عن تحقق أي نتائج ايجابية قد نتلمس آثارها لحظيا، كل هذا يدفع الانسان للحفاظ على ما تبقى له من طاقة ايجابية قد يتم استنزافها نتيجة للإفراط في التفاعل مع الوضع السلبي العام المحيط بنا هذه الأيام، ويبدو أنه سيستمر لفترة لا يعلم مداها إلا الله.
أعلم أن البعض مازال يرى في ما كتبت كما هائلا من الاحباط وقد يقرأ المقال كدعوة للإحباط واليأس.
لكن، صدق أو لا تصدق عزيزي القارئ...
هي في جوهرها... دعوة للتفاؤل!

 

تعليقات

اكتب تعليقك