عبد اللطيف الدعيج: لهذه الأسباب أنا ضد الوحدة الوطنية
زاوية الكتابكتب مارس 11, 2012, 1:24 ص 1158 مشاهدات 0
القبس
كلنا عيال لوسى
عبد اللطيف الدعيج
كلما اكتب عن التغيرات الاجتماعية او المسار التاريخي للانسان العربي او الكويتي، الاخوة الذين يصنفون انفسهم على انهم ابناء قبائل، او بدو، يعتقدون ان الهدف هو التمييز ضدهم والتحريض عليهم!. نعيدها مثل ما عدناها مرارا، الناس كلهم قبائل، العالم كله انحدر من قبائل، والمجتمعات كلها بدأت «بدائية» او بدوية، وسواء آمنَّا بنظرية الخلق الالهية او التطور الدارونية.. فأمنا واحدة، اما حواء.. او «لوسي»، اشهر «شاذية» بالتاريخ. وفي النهاية لا يمكن لمن يطالب بالحرية والعدالة والمساواة للجميع ان يمارس هذا التمييز المزعوم.
لكن ربما لدى السادة المعنيين بعض الحق او ربما الكثير من الالتباس. فهم مع الاسف يتمسكون ويمثلون الماضي. او العادات والتقاليد والموروث الذي نحاول ان ننعتق منه. وانا في الغالب اوجه النقد الصريح واعلن التمرد الواضح على ما اعتقد انه اصبح من مخلفات الماضي، وانه المعيق والمانع لتطور مجتمعنا او بعض مؤسساته. وهنا يعتقد هذا الطرف من المواطنين انهم المقصودون بالنقد، او ان هذا النقد موجه لذاتهم هم وليس لما يحملونه من قيم وموروث قديم.
والحقيقة حتى القيم والعادات والاساليب القديمة لها لدي الكثير من الاحترام، ولن اجرؤ في يوم من الايام على التصدي لتاريخ او الادانة الاجمالية لمعتقدات وتقاليد ارساها آباؤنا واجدادنا من الاولين، في مرحلة البداوة او عند بدايات الاستقرار، او في اي وقت آخر. لكن أنا ضد «فرضها» علينا او تقييد المجتمع بها. وهذا في الواقع الموقف نفسه من التزمت الديني. فانا وغيري كثيرون لسنا ضد الدين، ولا نجرؤ على ذلك.. دستوريا، الدين محصن بالمادة الثانية، وعمليا بالاغلبية المتدينة... لكننا نبقى ضد ان يفرض علينا المتدينون تدينهم. هذا التدين او الفرض الذي لو اقتصر على العام وعلى المؤسسات وفي المؤسسات العامة لهان الامر، لكن الاخوة لديهم الكثير من المبالغة، حيث يتدخلون في الامور الخاصة للناس ويحاولون ان يملوا معتقداتهم وسلوكهم الخاص على كل خلق الله.
أنا ضد ما يسمى بالوحدة الوطنية، او محاولة صبغ كل الناس بصبغة واحدة، والسبب هو احترامي وتقديري لخصوصيات اطراف المجتمع, ولاعتقادي الراسخ بان كلا منا، فلانا او علانا، من هنا ام من هناك، من هذه الطائفة او تلك، لديه الكثير ليعطيه وعنده القدرة على الاسهام في اثراء معيشتنا وخصوصيتنا الكويتية. وفي الواقع فان الابقاء والاثراء لهذا التنوع الثقافي والموروث الاجتماعي هما الطريق الحقيقي للتطور والتقدم، ربما ليس بالضرورة اقتصاديا او صناعيا.. ولكن من يتجرأ على انكار الاسهام الثقافي والادبي والفني لكل اطياف المجتمع مهما صغر شأنها او قل عددها؟
إن التنوع والتعدد هما الطريق الحقيقي للتقدم والرقي، احترام الاخر والقبول بالجديد ومنح كلٍ فرصته التاريخية ليس انصافا له فقط، ولكن دعما لنظام البلد الديموقراطي وتعبيدا لطريقنا المأمول الى الامام.
تعليقات