بندر.. الحادي والعشرون !

زاوية الكتاب

كتب 5788 مشاهدات 0

جانب من كشف أسماء المعتقلين

 

بندر.. الحادي والعشرون !


حسن الفضلي


في عام 1976 ولد.. وعلى أرض الكويت نشأ.. وفي أزقتها وحاراتها القديمة، قضى أجمل أيام طفولته.. ومن مساكن الصفيح 'الشعبية'، خرج إلى الحياة بنفسٍ تغفو تارة على حلم 'الوطن'، وتصحو تارة أخرى على كابوس 'اللا إنتماء'..! حتى ساقته الأقدار إلى لحظةٍ شعر معها بمرارة الصمت، وصعوبة الصبر على حياة ملؤها العناء والتعب..!فأطلق العنان للحُر الذي بداخله قاصدا ساحات 'تيماء'،مُيَمِّما نفسه بتراب حريتها الطاهر، بعدما رأى أن ماء العدل والإحسان قد فقد في وطنه.. ذلك الوطن الذي لم يتحمل سماع صرخاته.. فأوثقه بقيود السجن المادي الضيق الصغير.. بعدما قيده بالأمس بـ 'قيود' من وهم حوّلت الوطن الواسع الكبير إلى جحيم مطلق..!

لم تكن تلك المقدمة مجرد حديث عن شخصية من نسج الخيال، وإنما هي حقائق ثابتة تمثلت في شخص أحد الأحرار الذين سعدت بوجودهم 'ساحة الحرية' بتيماء، والذي كان مصيره السجن ضمن عشرات 'الكويتين البدون' الذين دخلوا جيلهم الرابع وهم لا يزالون طي النسيان في أدراج الوطن..!

ربما لا يعرف الكثيرون هذا الحر المعتقل، وربما لا تتجاوز دائرة معارفه حدود أقاربه وأصدقائه المقربين، إلا أن ما قام به من إنتصار لقضيته، جعله - بنظر من يقاسمه الهم والألم –أكثر شجاعة من أولئك الذين 'تفز' لهم الدواوين، ولا ترتجف لأجلهم شعرة في 'شوارب' المسؤولين..!

بطلنا هو المعتقل الحر 'بندر الفضلي'، والذي اعتقل بعد مشاركته في 'مظاهرات تيماء' المطالبة بإقرار حقوق الكويتيين البدون من تجنيس للمستحقين ومعاملة غيرهم معاملة إنسانية.. وقد يُشكل على البعض إسم 'بندر'، كون قائمة المعتقلين تضم إثنين ممن يُدعون بإسم 'بندر الفضلي'، واللذيْن تشاركا بالإسم والكنية، وتقاسما هم القضية.. إلا أننا نعني بـ'بندر' ذلك الذي تزينت صفحة أسماء المعتقلين باسمه.. فنال الرقم الــ 'حادي والعشرين'..!

بندر هذا حاله كحال الكثيرين من شباب البدون الذين يواجهون صعوبات جمة في تحصيل لقمة العيش الكريمة الكافية لسد حاجة إسرته المكونة من بنتين وولد.. فمن عمل لآخر تراه يتنقل، ومن وظيفة غير ثابتة لأخرى يقضي سنوات عمره وبراتب متواضع أيضا.. مما يجعله كغيره 'يطقطق' هنا وهناك علّه ينال ما يكفيه من مال كريم..!

لم يكن لـ 'بندر' أي نشاطات تذكر على مستوى قضيته سوى مشاركاته المستمرة والشجاعة في أية مظاهرة أو تجمع يهدف إلى إبراز مظلومية الكويتيين البدون، ويذكّر المسؤولين بحجم الظلم الواقع عليهم..! وهو الأمر الذي يستحق منا كل عبارات المدح والثناء..

فالنزول إلى الشارع خدمة للقضية كان ولا زال يمثل عنده الوسيلة الأسمى للتعبير عن آلامه وآلام إخوته، وهو بذلك لا يرى نفسه مغررا به من قبل هذه الأطراف أو تلك، وإنما يراه حقا أصيلا له كإنسان.. وإن كان ولابد من القبول بالإتهام بالتحريض، فـ 'بندر' لا يأنف من الإعتراف بذلك، بل إنه يفخر بأن من حرضه إلى النزول للشارع هو خشيته على مستقبل أطفاله الثلاثة، والذين لا يحب أن يجري عليهم مثله ما جرى..! وبندر – يا سادة – لا يخشى من القول أن من حرضه كذلك للخروج إلى تيماء وفاة إحدى شقيقاته التي لم تشفع لها إصابتها بالمرض الخبيث حتى تحصل على جواز سفر للعلاج في الخارج..!

فإن كان البعض مصرا على إتهام الكويتيين البدون بالسذاجة والإنسياق وراء أصوات التحريض، فنعم..! نحن و 'بندر' لا نرى غضاضة في ذلك.. لأننا مُحرَضون فعلا.. ولكن من حرضنا تعسفكم لا أصواتهم.. وظلمكم لا رسائلهم.. هذا إن كان هنالك أصوات ورسائل تحريض أصلا..!

الآن - رأي: حسن الفضلي

تعليقات

اكتب تعليقك