أرسل 'حكيماً' ولا توصه
زاوية الكتابكتب فبراير 22, 2012, 8:26 م 3111 مشاهدات 0
يقول الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد:
إذا كنت في حاجةٍ مرسلاً ... فأرسل حكيما ولا توصه
قبل عام تقريباً، أرسلت عائلة عبد الرزاق الفضلي 'حكيمها' عبد الحكيم من مسكنه في صباح السالم إلى تيماء في حاجة تفتقدها العائلة كلها وآلاف العوائل الأخرى، حاجة يراها البعض مجموعة من الحقوق المسلوبة، ويختصرها عبد الحكيم في مفردة 'حرية'.
الحرية التي يتلمسها منذ أن كان طالباً في مدرسته يردد 'وطني الكويت سلمت للمجد'، الحرية التي يراها قريبة منه ولا يستطيع الوصول إليها، الحرية التي يحلم بها كل ليلة ويصحو مكبلاً بمفردات تثقل كاهلة مثل: قيد أمني.. لجنة تنفيذية.. جهاز مركزي .. بطاقة خضراء، وغيرها من الكلمات التي تشعره بالغربة في وطنِ لا يعرف سواه.
عبد الحكيم الذي أكمل عامه الخامس والثلاثين، حفظ الطريق إلى تيماء منذ 18 فبراير من العام الماضي ونشأت بينه وبين 'ساحة الحرية' علاقة حب أسطورية، بادرها بالورود وتبرع لها بدمه، وردت له التحية باحتضانه والمسح على رأسه، قدم لها مشاعر الامتنان بعد أن استرد من خلالها وطنيته المسلوبة، واستعاد على ترابها انتماءه المهدور، وافتخرت به لأنه عرّف العالم بها بعد أن كانت 'حارة ناسيها الزمن'.
حكيم الذي لم يفكر في الارتباط بامرأة تشغله عن هدفه وتلهيه عن تيماء وساحتها، تعوّد أن يذهب إلى هناك متسلحاً بعلم بلاده وذات الكلمات التي حفظها صغيراً 'وطني الكويت سلمت للمجد'، لكن كيف للعلم والنشيد أن يواجها القنابل المسيلة للدموع والمياة الساخنة وهراوات القوات الخاصة.
العقاب الذي ناله حكيم العاشق لم يقتصر على حرمانه من التواصل مع معشوقته، بل تجاوز ذلك بكثير، ومن كان يبحث عن الحرية وهو طليق في وطنه، بات محجوزاً في السجن .. تخيلوا ظل يطارد الحرية إلى أن أوصلته خلف القضبان.
لكن بالنسبة لشاب 'حكيم'، هذا السجن الصغير لا يقارن بذلك الكبير الذي حرمه من حريته المطلقة، لم يعبأ به ولم يسعَ للخروج منه، وحتى عندما صدر أمر الإفراج عنه لم يتردد إطلاقاً، وقرر البقاء مع بقية المحتجزين، كيف يخرج وحيداً والحرية التي لطالما سعى إليها لا تتجزأ، الحرية التي أرادها وتمناها ليست مقتصرة عليه، بل هي له ولشقيقه عبد الهادي ولأحمد ونواف وبندر وعيد وغيرهم.
يقول عبد الناصر شقيق عبد الحكيم: 'رفضت ووالدي خروج عبد الحكيم دون بقية المحتجزين، فكيف سنواجه أهالي الآخرين إذا فعلنا ذلك'.
بدوره، اتخذ عبد الحكيم القرار ذاته رغم أن أفراد عائلته لم يوصوه بذلك، لكنهم كانوا على ثقة بـ 'حكمة' قراراته حتى قبل أن يرسلوه إلى تيماء في فبراير من العام الماضي.
يقولون في الأمثال: 'السجن للرجال'.. ونضيف: وللحكماء أيضاً.
تعليقات