آن الأوان للحكومة الشعبية، ومن حق المعارضة رفع سقف مطالبها، برأى النيباري
زاوية الكتابكتب فبراير 15, 2012, 1:14 ص 945 مشاهدات 0
القبس
هل آن الأوان للحكومة الشعبية؟
عبدالله النيباري
بعد صعوبة التفاهم بين رئيس الوزراء المكلّف، والكتل السياسية في المجلس، أُعلن عن تشكيل الوزارة بالأسلوب السابق، أي حكومة معظم وزرائها من خارج المجلس، وإشراك وزير واحد من الأعضاء المنتخبين بهـذا التشكيل، انتشرت التكهنات بأنها حكومة مؤقتة لن تـدوم أكثر من شهور عدة.
فتشكيل الوزارة على هذا النحو لا ينسجم، بل ربما يتناقض مع روح الدستور ومنطوق المادة 56 ، التي توجب - وفقاً للمذكرة التفسيرية - أن يكون الوزراء قدر المستطاع من أعضاء مجلس الأمة.
وقد جاءت نتائج الانتخابات لمصلحة تكتل أو ائتلاف يحظى بغالبية أعضاء مجلس الأمة يزيد على 25 نائباً، وربما يتجاوز الثلاثين.
وبغض النظر عن الاختلاف أو الاتفاق مع مكونات هذه الأغلبية، وتقييم كفاءة عناصرها، إلا أننا أمام واقع يقول إن هذا خيار الشعب، وهو ما يجب أن يقبله الجميع، أيا كانت رغباتهم وتفضيلاتهم.
سيلفيو برلسكوني، الذي تولى رئاسة وزراء إيطاليا لثلاث دورات متتالية ودامت فترة رئاسته للوزارة مدة 13 سنة، وهي أطول مدة في ترؤس الوزارة في تاريخ إيطاليا، لم يكن الأفضل ولا الأكفأ ولا الأقدر في إيطاليا، بل قد يكون الأسوأ، حيث انتهت مدته بكارثة اقتصادية، وبمسار حافل بالفضائح، ولكنه تولى منصب رئاسة الوزارة، لأن حزبه أو ائتلافه حاز الأغلبية في البرلمان الذي انتخبه الشعب.
ونحن بعد نتائج انتخابات فبراير 2012 أمام أغلبية قد لا نحبها، وقد نختلف معها ولا نرى أنها الأفضل أو الأقدر في المجتمع الكويتي، لكنها الأغلبية وفقاً لنتائج الانتخابات.
وأياً كان رأينا في مدى حُسن تقدير أو إخفاق المواطنين في اختيارهم، وقطعاً كان هناك سوء اختيار لبعض العناصر، لكن في النهاية هذا هو خيار الشعب، وسواء أحببنا أو كرهنا، فما علينا إلا القبول بنتيجة لآلية ارتضيناها، وهي الآلية التي رسمها دستور 1962 الذي ما زلنا نتمسك به ونبجله، وواجب علينا احترامه والانصياع لأحكامه.
هذا الاختيار يجعلنا أمام اختبار وتحدّ، مواطنين ومؤسسة حكم، أفراداً عاديين وشيوخا مبجلين، ما علينا إلا الانصياع لأحكام الدستور.
ربما الأغلبية المتحالفة رفعت سقف مطالبها وبالغت في شروطها، وأن الشيوخ من أفراد أسرة الحكم يواجهون صعوبة في التفريط بما يعتبرونه مكاسب بأيديهم، من إمساك بخيوط اللعبة، وهي لعبة الهيمنة على مصير البلد أو سلطة صنع القرار.
ولكن هذا اختبار لنا جميعاً، هل ننصاع لتطبيق الدستور أم نتمترس ونتخندق للتمسك بما في أيدينا؟ قد يجد الشيوخ أن لقمة نتائج الانتخابات صعب هضمها، لكن نحن أمام أحكام دستورية، فالمادة السادسة من الدستور تقول «نظام الحكم في الكويت ديموقراطي، السيادة فيه للأمة، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين في هذا الدستور».
والمادة 56 تقول إن «تشكيل الوزارة من أعضاء مجلس الأمة ومن غيرهم». والمذكرة التفسيرية توضح «يجب أن يكون الوزراء أو نصفهم على الأقل من أعضاء المجلس المنتخبين».
أعضاء أسرة الحكم الذين استصعبوا قبول التنازل عن وزارة سيادية واحدة، عليهم أن يدركوا أن الدستور حدد فقط رئاسة الدولة، أن تكون بالوراثة، أما بقية المناصب فهي سيادية أو غير سيادية، بما في ذلك رئاسة الوزراء، فهي تحددها نتائج الانتخابات، وإذا كانت الظروف السياسية في العقود الماضية قد أدت إلى غير ذلك، فيجب أن ندرك أن الظروف السياسية متغيرة، والثابت هو الدستور.
إن مبالغة تكتل التكتل لأعضاء المجلس قد رفع سقف مطالبهم وشروطهم في المشاركة بالوزارة أمر يصل إلى حد التعجيز، لكن ذلك من حقهم، وهو أمر خاضع للتفاوض، بغض النظر عن رأينا فيهم وتقييمنا وحبنا لهم من عدمه.
أكرر التذكير بما كتبته جريدة «واشنطن بوست» الأميركية، المقربة من مراكز القرار في واشنطن، في عددها الصادر في 20 نوفمبر 2011، عند تناولها لحركة الاحتجاج الشعبية الكويتية في ساحة الإرادة، نقتبس «ما تحتاجه الكويت ليس القمع، ولكن تقدّم سريع نحو ديموقراطية برلمانية حقيقية، ويكون رئيس الوزراء من تختاره الأغلبية في البرلمان».
هذا كلام حلفاء الكويت وحماتها، قد نجد ذلك صعب القبول به، ولكن هذا خط مسار التطور الذي يأتي نتيجة لتراكم الأحداث وتداعياتها، من دون أن يخطط لها أحد.
هذا الدستور، وهذه نتائج الانتخابات، فيا أيها الكويتيون، شعباً ومؤسسة حكم «هذا الميدان يا حميدان».. فهل ننجح ونعبر بسلام آمنين؟.. آمين.
بقلم عبدالله النيباري
تعليقات