خالد طعمه يكتب عن رأيه بتعديل المادة الثانية

زاوية الكتاب

كتب 3344 مشاهدات 0

المحامي خالد طعمه

رد خالد طعمة حول تعديل المادة الثانية من الدستور الكويتي يثار بين فترة وأخرى وبين أروقة مجلس الأمة جدل ونقاش حول ضرورة تعديل المادة الثانية من الدستور الكويتي حتى يتم تطبيق الشريعة الاسلامية كاملة وإذا نظرنا إلى المادة نجدها قد نصت  على أن ((دين الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع.)) و هذه المادة هي في حقيقة الامر امتداد لما تم في مجلس العام 1921م من الانتهاء بقرارات تاريخية تبرهن على تطبيق الشريعة الإسلامية وهي الاتفاق على أن جميع الأحكام بين الرعية في المعاملات والجنايات تكون طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء . وفي العام 1938م دليل آخر تناقلته الكتب والدراسات التاريخية الكويتية وهو ماجاء في الوثيقة الدستورية في البند (2) والذي جاء فيه: ((- قانون القضاء- والمراد به الاحكام الشرعيةوالعرفية بحيث يهيء لها نظاما يكفل تحقيق العدالة بين الناس.)) وبعد ذلك ألزم القضاة بالاستناد على مجلة الأحكام العدلية والتي تعتبر أول مدونة رسمية في الفقه الحنفي في شأن المعاملات والقضاء ، و جاءت مفصلة على 16 كتاب :  كتاب البيوع 2 كتاب الأجارات 3 كتاب الحوالة 4 كتاب الكفالة 5 كتاب الرهن 6 كتاب الأمانات 7 كتاب الهبة 8 كتاب الغصب والاتلاف 9 كتاب الحجر والإكراه والشفعة 10 كتاب الشركات 11 كتاب الوكالة 12كتاب الصلح والإبراء 13 كتاب الإقرار 14 كتاب الدعوى 15 كتاب البينات والتحليف 16 كتاب القضاء. كل هذه الدلائل ترشدنا إلى حقيقة وهي أن دولة الكويت الدولة الدستورية التي يحكمها دستور عادل قد سارت بتطبيق الشريعة الإسلامية في كافة المجالات وطوال الثلاثة قرون الماضية ولكن ظهرت قوانين بصياغة من السنهوري وبشكل شبيه للتشريعات الفرنسية والمصرية شرعت هذه القوانين والتي خالفت الوثائق الدستورية في بعض أحكامها وحق علينا تسميتها بالقوانين الغير دستورية بالدولة الدستورية . فعبارة دين الدولة الاسلام تحمل في طياتها أن الاسلام دين ودولة وهو إتجاه قد سارت عليه عدة دساتير عربية فعلى سبيل المثال الدستور المصري ينص في مادته الثانية على أن: دين الدولة الرسمي الإسلام ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع. والدستور السوري ينص في مادته الثانية على أن: الفقه الإسلامي هو المصدر الرئيسي للتشريع ، والدستور السوداني جعل الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي لقوانين الدولة. ونظراً لكون كلمة الهوية والتي عنونا بها مبحثنا هذاكلمة تحمل من معنى التعبير والتعريف لكونها الأفضل في  شرح ملامح ومعاني الدساتير الكويتية وتحديداً الدساتير الثلاث ( وثيقة 1921م – وثيقة 1938م – الدستور الحالي الدائم 1962م). ولم نركز على الدستور الإنتقالي لأنه دستور مؤقت وغير دائم ، ولنبدأ من أبرز هذه الملامح وهي اللغة فإن اللغة التي دونت عليها جميع الوثائق الدستورية الكويتية اللغة العربية ( لغة القرآن الكريم) نظراً لأن الكويت بلد عربي مسلم يتحدث اللغة العربية ومن أصول عربية ، والتدوين بهذه اللغة يدل على تعلم أهل هذا الإقليم ( الكويت ) وعدم أميتهم في وقت إنتشرت فيه الأمية في معظم بلدان شبه الجزيرة العربية ولإنقطاع العلم فيها بشكل جعل نسبة الغير متعلمين أكثر من المتعلمين إلا أن المؤسسين من رجالات هذا البلد عرفوا بنظامهم الأساسي عام 1921م باللغة العربية . والإتجاه نحو العربية هو إتجاه موفق ففي وقت دأب من خلاله بعض الساسة في دولة الخلافة العثمانية على جعل لغة أخرى مغايرة للغة العرب لغة رسمية ماهي إلا محاولة عابثة لطمس الدور العربي في دولة الخلافة الإسلامية فكيف للمكان الذي إنطلق منه الدعوة المحمدية الصافية وأن يهمل وهي علاوةً على ماتقدم لغة القرآن الكريم كتاب الله عز وجل ، و من الملاحظ أن كل الوثائق الدستورية قد إبتدأت بالبسملة (( بسم الله )) وهو توجه إسلامي بصياغة عربية متمثلة باللغة العربية. وكذلك لم يكن التوجه ناحية هذه اللغة إتجاهاً شكلياً بل إتجاهاً فعلياً ففي دستور 1962م جاء في المادة الأولى منه على أن ((  الكويت دولة عربية مستقلة ذات سيادة تامة ، ولا يجوز النزول عن سيادتها أو التخلي عن أي جزء من أراضيها. وشعب الكويت جزء من الأمة العربية.))  وفي المادة الثالثة ((  لغة الدولة الرسمية هي اللغة العربية.)) وفي المادة الثانية عشر أيضاً ((تصون الدولة التراث الإسلامي والعربي، وتسهم في ركب الحضارة الإنسانية.))  وفي المادة الثامنة والستون ((يعلن الأمير الحرب الدفاعية بمرسوم، أما الحرب الهجومية فمحرمة.)) وهنا فسر النص بأن الحرب الدفاعية لا تكون فقط من أجل الدفاع عن الكويت بل لأي قطر عربي شقيق مثل مشاركة الكويت في الحروب العربية أعوام 1967م و1973م . ماسبق هو تبيان لأحد الملامح البارزة والمتضحة لنا عن الوثائق الدستورية الكويتية ونأتي للهوية الأبرز وهي إسلامية هذه الوثائق وهو مايتضح في وثيقة 1921م والتي إبتدأت بالبسملة وإنتهت إلى النتائج الآتية : أولا: أن تكون جميع الأحكام بين الرعية في المعاملات والجنايات تكون على حكم الشرع الشريف. ثانياً: اذا ادعى المحكوم عليه ان الحكم مخالف للشرع تكتب قضية المدعي والمدعى عليه وحكم القاضي فيها وترفع لعلماء الاسلام فما اتفقوا عليه هو الحكم المتبع. ثالثاً: اذا رضى الخصمان على اي شخص ان يصلح بينهما فالصلح خير لانه من المسائل المقررة شرعاً. رابعاً: المشاورة في الامور الداخلية والخارجية التي لها علاقة بالبلد من جلب مصلحة او دفع مفسدة او حسن نظام . خامساً: كل من عنده رأي فيه صلاح ديني او دنيوي للوطن واهله يعرضه على الحاكم ويشاور فيه جماعته فان رأوه حسنا ينفذ. والواضح في هذه الوثيقة التاريخية أن أهل الكويت وثقوا أساسيات مجتمعهم المسلم المحافظ عن طريق التدوين والذي حافظ على فكرة الشريعة الإسلامية الغراء وعدم تجميدها تحت أي إدعاء وبالتالي فإن التدوين لايعني أبداً أن مثل هذه الأمور لم تكن موجودة من قبل فقد سبق وأن إستعرضنا لكم آلية إختيار أمير الكويت وهي وفق مبدأ الشورى الإسلامي وكذلك إختيار أمير الكويت لقاضي شرعي عارف وعالم بأمور الدين و الذي يعهد إليه السير وفق القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وكذلك إمامة المسلمين في الصلاة والخطب والوعظ وتدريس القرآن الكريم والفقه والإفتاء وإبرام عقود الزواج وإقامة الحدود الشرعية وتحرير صكوك الوقف وكتابة الوصية وصكوك بيع العقارات . وبالتالي فإن الحكام والمحكومين في الكويت رغبوا فعلاً بإستمرار تطبيق الشريعة الإسلامية في المعاملات المدنية والتجارية وفي تطبيق الحدود والتعازير . وفي الوثيقة الدستورية الثانية لعام 1938م بدأت بالبسملة وهو مايبدأ به كل مسلم عند شروعه لأي عمل وجاء في البند الثاني أن قانون القضاء  هو عبارة عن الأحكام الشرعية والعرفية، وهنا نستلهم من خلال هذا البند إستمرار تطبيق الشريعة الإسلامية وبالفعل تم الأخذ بأحكام مجلة الأحكام العدلية والتي سبق وأن فصنا ماجاء بها من أحكام شرعية وهي دليل على تطبيق الكويت للشريعة الإسلامية. وفي الدستور الحالي 1962م بدأ أيضاً بالبسملة وجاء في نص المادة الثانية ((دين الدولة الإسلام ، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع.)) وهذا النص فيه دلالة واضحة وقاطعة بأن الكويت دولة مسلمة بل أنها أخذت بكملة دين الدولة أي أن الإسلام ليس دين بل دين ودولة وهو فكر إسلامي واضح ومن ثم قال والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع وهي عبارة شارحة لنفسها وليست مثلما قال البعض من أنها مصدر من مصادر التشريع وإن كانت كذلك لماذا لم يذكر الدستور مصدراً آخر في نصوصه ؟ ولماذا لم يذكر صراحة في النص أنها مصدر من مصادر التشريع بل قال مصدر رئيسي وهي مرتبة عالية لم تأتي في مسيرة التشريع الكويتي مراتب أخرى تعلوها أو تكون أدنى منها منزلة بل لايوجد مصدر آخر وهذه المادة ماهي إلا إمتداد للوثيقتين 1921م و1938م وهي وثائق مكتوبة فإن قلنا بأنه لايوجد في الكويت وثائق مدونة تبرهن على تطبيق الشريعة لبحثنا في العرف وهو ما إدعاه البعض حين قال بأن أعراف الكويت لم تأخذ بالشريعة الإسلامية وهو كلام مغلوط جملة وتفصيلاً على إعتبار وجود وثيقتين دستوريتين الأولى إنتهت بالأخذ والثانية في أحد بنودها الأولى قد نادت بهذا الأمر ( تطبيق الشريعة ) وفي العرف الغير مكتوب فقد قامت الأسرة الحاكمة على نظام الشورى ولم تقم على غيره ولم يعهد القضاء إلى كفرة أو أشخاص عاديين بل إلى فقهاء متبحرين في العلم الشرعي الإسلامي فلا العرف ولا القانون الدستوري الكويتي خالف الشريعة فلماذا علت أصوات البعض وصاحت بأن الرجوع إلى الشريعة تأخر وتشرذم بل يتعارض مع فكر الدولة وذلك وفقاً لما دون في وثائق المجلس التأسيسي أعوام 1961م و1962م ، نضيف أيضاً على وجود واو العطف في المادة الثانية حين ذكرت والشريعة الاسلامية مما يدل على الترابط عند علماء اللغة مما يرشدنا على ضرورة اعتبار الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع . في الحقيقة إن النص على أن الشريعة مصدر رئيسي للتشريع هو ليس توجيه بل هو بيان لآلية التشريع وكيفيتها، نستشف من خلال المادة المذكورة عدم إمكانية وجود تشريعات أو قوانين كويتية تتعارض مع الشريعة الإسلامية إلا أن الواقع يرينا عكس ذلك في عدد من القوانين كالجنائي والتجاري . تشرح لنا المذكرة التفسيرية معنى المادة على أن 'وضع النص بهذه الصيغة توجيه للمشرع وجهة إسلامية أساسية دون منعه من استحداث أحكام من مصادر أخرى في أمور لم يضع الفقه الإسلامي حكما لها، أو يكون من المستحسن تطوير الأحكام في شأنها تمشيا مع ضرورات التطور الطبيعي على مر الزمن، بل أن في النص ما يسمح مثلا بالأخذ بالقوانين الجزائية الحديثة مع وجود الحدود في الشريعة الإسلامية وكل ذلك ما كان ليستقيم لو قيل الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، إذ مقتضى هذا النص عدم جواز الأخذ عن مصدر آخر في أي أمر واجهته الشريعة بحكم، مما قد يوقع المشرع في حرج إذا ما حملته الضرورات العملية على التمهيل في التزام رأي الفقه الشرعي في بعض الأمور وبخاصة في مثل نظم الشركات والتأمين والبنوك والقروض والحدود وما إليها'. نلاحظ عند قراءة المذكرة أنها لاتفسر وفق أسس القانون بل بالتفسير السياسي لتوجه معين فإنه ينبغي علينا الانتباه إلى مصطلحين هامين هما 'الشريعة الإسلامية و'الفقة الإسلامي'، فقد قام البعض بخلط المصطلحين بحسن نية على أنهما (مترادفين) أي مصطلح واحد ولكنهما في واقع الأمر مصطلحين مختلفين والمذكرة التفسيرية فالأصح أن لكل معناه الخاص عن الشريعة الإسلامية حين قالت (مقتضى هذا النص عدم جواز الأخذ عن مصدر آخر في أي أمر واجهته الشرعة بحكم) وقالت عن الفقه الإسلامي (دون منعه من إستحداث أحكام من مصادر أخرى في أمور لم يضع الفقه الإسلامي حكما لها). كما يتبين الفرق في حديث المذكرة وتفسيرها حين تقول (( إنما يحمل المشرع أمانة الأخذ بأحكام الشريعة الإسلامية ماوسعه ذلك ، ويدعوه إلى هذا النهج دعوة صريحة واضحة ، ومن ثم لايمنع النص المذكور من الأخذ ، عاجلاً أو آجلاً بالأحكام الشرعية كاملة وفي كل الأمور ، إذا رأى المشرع ذلك)).  وهنا يتضح لنا التناقض في التفسير، فالأمور التي واجهتها الشريعة الإسلامية بحكم هي القاطعة التي لا مجال للاجتهاد فيها وتكون واردة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، فقد تتمثل في أمر أو نهي من آيات القرآن الكريم أو من حديث للرسول (صلى الله عليه وسلم) يبلغ فيه عن الله سبحانه وتعالى ، ومن أمثلة الحكم الشرعي المستمد من القرآن الكريم قول الله تعالى (وأحل الله البيع وحرم الربا) صدق الله العظيم وبالتالي فإن الفوائد محرمة شرعا وفقاً للنص القرآني القاطع. أما الفقه الإسلامي فهو باختصار الأحكام الاجتهادية التي يستنبطها الفقهاء المسلمون أي الأمور التي لم يأتي فيها نص في القرآن الكريم أو السنة النبوية . إذا دستور دولة الكويت كما وصفه الدكتور عثمان عبد الملك الصالح ذو نزعة إسلامية    ، ونحن نؤكد من بعده (رحمه الله) أن أي قانون يصدر بعد الدستور يجب وأن يكون متفقا مع الأحكام الشرعية وغير مخالف لها إعمالا لنص المادة الثانية من الدستور والمذكرة التفسيرية، ويجمع شراح القانون على (قاعدة التدرج الشرعي) والتي تقول أن التشريع الدستوري هو الأعلى في النظام القانوني فلا يتصور صدور تشريع أدنى منه (كالقانون) ( تشريع عادي ) مخالفاً لأحكامه. ( سنبين لاحقاً القوانين المخالفة في بعض موادها للدستور) من هذا المنحى فإن وثائق الكويت الدستورية والتي أصلت مبادئاً أساسية وهي بعد صدور وثيقة عام 1921م من حيث قيام الأعضاء بالاتفاق على أن جميع الأحكام بين الرعية في المعاملات والجنايات تكون طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية ، وفي وثيقة عام 1938م الدستورية ورد في البند (ب) فيما يتعلق بقانون القضاء أن الغرض من هذا تنفيذ القانون العام والمسائل المتعلقة بالشريعة تضمن حسن إقامة العدالة بين الناس ، والشريعة متعارف عليها هي الاسلامية ، وبالفعل ألزم القضاة بالاستناد على مجلة الأحكام العدلية والتي تعتبر أول مدونة رسمية في الفقه الحنفي في شأن المعاملات والقضاء. من هنا لم يستقر لدينا نحن معاشر أهل الكويت عرف مستقر بل قانون مدون ورسمي ووثيقة دستورية على تطبيق الشريعة الاسلامية في الكويت وهو الأمر الذي نصت عليه المادة الثانية من دستورنا الحالي . إذاً يطرح البعض السؤال وهو إذا طبقنا الشريعة بماذا نحكم بفقه أهل السنة أم الشيعة وبأي المذاهب نرجح في الحقيقة إن الحديث عن هذا الأمر إجابته جداً سهلة وبسيطة ولكن الكثيرين يغفل أن الإسلام هو الرسالة السمحاء التي أبلغنا بها خاتم النبيين والمرسلين سيدنا محمد صلى الله وعليه وسلم وفي وقته لم يكن المسلمون منقسمين إلى سنة وشيعة بل كانوا فريقاً واحداً فلماذا نعود إلى المسائل التي لم تكن قائمةً في عهده صلى الله عليه وسلم ؟ هل نستمتع بالفرقه أم لم نعد واثقين من أنفسنا الدين سهل وميسر وفيه سعة ولم يترك شيء إلا وعالجه لنا . فنعم الله علينا كثيرة وكبيرة قال تعالى في سورة المائدة : ((وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ))   ، وكيف لنا أن نعارض ماجاء في كتاب الله قال تعالى : ((وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49) أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50) ))    . وفي ديننا سبل نحكم بها بالعرف في حال عدم وجود حكم شرعي لأمور مستجدة قال تعالى : ((خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ))    ، ويبين لنا سبحانه وتعالى الحكم في القرآن في سورة الرعد قال تعالى : ((وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا)) وفي سور أخرى َقَالَ تعالى : (( لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ )) سورة النحل آية 103 ، وَقَالَ : (( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا)) سورة الشورى آية 7 ، وَقَالَ : (( إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا سورة الزخرف )) آية 3 ، وَقَالَ : ((إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا ))سورة يوسف آية 2 ، وَقَالَ : ((  كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا )) سورة فصلت آية 3 ، وَقَالَ : (( وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ  ))سورة طه آية 113 ، وَقَالَ :  ((قُرْءَانًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ )) سورة الزمر آية 28 ، وَقَالَ : (( وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا  )) سورة الأحقاف آية 12 ، وَقَالَ : (( لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ   {194} بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ {195}  )) سورة الشعراء آية 194-195. فكل هذه الآيات القرآنية الكريمة تبرهن لنا مدى يسر الأحكام وإرتباطها في لغتنا كعرب فلما لا نذهب إليه وهو بلغتنا ؟ فإلى متى ونحن في بعد عن تفعيل الأحكام وتطبيقها يقول تعالى في سورة إبراهيم وسميت على إبراهيم عليه السلام جد العرب ((هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ))   يتردد لدى البعض من أن التاريخ الاسلامي لم يعرف السعي إلى تقنين العلوم والأعراف بشكل يتوائم مع الشريعة الاسلامية ونحن في هذا المقام نذكر الأدلة التي تثبت إمتلاء الفقه الإسلامي بالمراجع القانونية الشرعية:     قانون الحكم في ديوان سيد العرب والعجم.     قانون الرشاد تركي لذكسي محمد بن أحمد الرومي.     قانون الرشاد في تدبير النفوس والأجساد تأليف عمر الشقائي.     قانون السلطنة لغياث الدين منصور بن صدر الدين الشيرازي.     قانون عثمان تركي ـ لعبد الرحمن التوقيعي الرومي.     قانون العدل والإنصاف للقضاء على مشكلات الأوقاف تأليف محمد قدري باشا المصري المتوفي سنة 1306هـ.     قانون العلوم ـ لنور الدين حسن بن مسعود اليوسفي المغربي المالكي متوفي عام 1111م.     قوانين البلاغة ـ لموفق الدين البغدادي الفيلسوف عبد اللطيف بن يوسف ت 629هـ.     قوانين الصرف ـ للسيد أحمد بن مصطفى الشهير ببلالي.     قوانين الطب ـ لخواجه نصير الدين الطوسي.     علم قوانين الكتابة ـ للعلامة أبو الخير.     قانون الأدب في ضبط كلمات العرب للآبي الفضل حبيش بن إبراهيم بن محمد التفليسي.     قانون التأويل ـ لابن العربي ـ ث: 546.     قانون التعليم في صناعة التنجيم ـ لظهير الدين أبي المحامد محمد بن مسعود بن زكي الغزنوي.     قانون الحكماء وفردوس الندماء ـ لابن رقيقة.     قانون الرسول ـ للإمام أبي حامد الغزالي ـ ت: 505هـ .     قانون الصلاحي في أدوية النواحي ـ لأبي الفتح محمد بن سعد الديباجي ت 609هـ     القانون في النحو المعروف بالمقدمة الجزولية.     قانونجه في الطب محمود بن عمر الجمغميني.     القانون في الطب لأبي علي حسين بن عبد الله المعروف بابن سينا ت 428هـ     القانون في فروع الحنفية للإمام نصر الدين قاسم بن يوسف الحسيني السمرقندي الحنفي.     القانون في اللغة لسلمان بن عبد الله (النهرواني) النحوي ت 494هـ     القانون الكبير في صبغ الأكسير ـ للشيخ ايدمر بن علي الجلدكي من رجال القرن الثامن بمصر.     القانون المسعودية في الهيئة والنجوم ـ لأبي الريحان محمد بن أحمد البيروني الخوارزمي ت 430 هـ .     قانون نامة عثماني تركي ـ والمشهور أنه للوزير الأعظم لطفي باشا ت 950 هـ     قانون الوزارات لأبي الحسن علي بن محمد البصري الماوردي الشافعي ت 450هـ     قانون إلهي في ترجمة لغات القرآن الشريف تأليف عبد المجيد بن عز الدين بن عبد اللطيف التيره وي الرومي الشهير بابن ملك الحنفي.     قانون البلاغة لأبي طاهر محمد بن حيدر البغدادي.     قانون الحساب وغنية ذوي الألباب لنور الدين علي القلصادي.     قانون الحكاء وفردوس الندماء لسدير الدين محمود بن عمر المعروف بابن رقيقة المتوفي سنة 635هـ.     شرح قانون ابن سينا في الطب ـ لأبي الفرج الملطي.     قانون الإسلام في الفضائل الإسلامية تأليف جعفر بن الشريف علي القريشي الهندي الغولغوندي كان حياً في سنة 1250هـ. وكذلك هناك محاولات جادة من قبل الأقاليم الإسلامية مثل : - كتاب مرشد الحيران إلى معرفة أحوال الإنسان في المعاملات الشرعية على غرار التقنيات الحديثة. ـ كتاب الأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية. ـ قانون العدل والإنصاف للقضاء على مشكلات الأوقاف. - ملخص الأحكام الشرعية على المعتمد من مذهب المالكية. للشيخ محمدمحمد عامر. - مشروع: 'مجلة الالتزامات والعقود التونسية' من الشريعة الإسلامية فيما بين عامي 1896 و1906م. وهو للمستشرق الإيطالي سانتيلانا Santilana . - مجلة الأحكام الشرعية للشيخ أحمد القاري . - مجلة الأحكام العدلية تعتبر( مثلما ذكرنا سابقا) أول تقنين للفقه الإسلامي من المذهب الحنفي في العصر الحديث في المعاملات المدنية وقد أصدرتها الخلافة العثمانية فيما بين عامي 1286 ـ 1293هـ الموافق 1869 ـ 1876م في (1851) مادة رتبت على أبواب الفقه وظلت مطبقة في بعض البلاد العربية حتى أواسط القرن العشرين. كما أصدرت الخلافة العثمانية أيضاً 'قانون العائلة العثماني' في 1336هـ الموافق 1917م. - القانون المدني العراقي عام1951م جاء في (1383) مادة معتمداً في أحد مصادرها على الفقه الإسلامي. - القانون المدني الأردني عام 1976م جاء في (1449) مادة معتمداً في مصدريتها على الفقه الإسلامي. - وفي ليبيا:     صدر القانون رقم 148 لسنة 1972م في شأن إقامة حدي السرقة والحرابة.     صدر القانون رقم 70 لسنة 1973م في شأن إقامة حد الزنا.     صدر القانون رقم 52 لسنة 1974م في شأن إقامة حد القذف.     صدر القانون رقم 89 لسنة 1974م في شأن تحريم الخمر وإقامة حد الشرب.     صدر قانون الزكاة. -    في السودان: صدر قانون المعاملات السوداني لسنة 1983م،و صدر قانون العقوبات السوداني سنة 1983م طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية. -    في اليمن: -          ـ صدر القانون التجاري رقم 39 لسنة 1979م -          ـ الكتابين الأول والثاني من القانون المدني رقم 10 لسنة 1979م ورقم 11 لسنة -             1979م. -          ـ قرار بقانون رقم 90 لسنة 1976م بشأن قانون الإثبات الشرعي. -          ـ قانون المرافعات رقم 42 لسنة 1981م. -    في المملكة العربية السعودية صدرت النظم العدلية الثلاثة: -          ـ نظام المرافعات الشرعية. -          ـ نظام الإجراءات الجزائية. -          ـ نظام المحاماة. -    وفي الإمارات العربية المتحدة: صدر قانون المعاملات المدنية سنة 1985م ويشتمل على (1528) مادة معتمداً في مصدريتها على الفقه الإسلامي. -          ـ صدر قانون الشركات سنة 1984م. كما صدرت قوانين الأحوال الشخصية المستمدة من أحكام الفقه الإسلامي في كل من الكويت وسوريا ومصر والعراق والاردن والمغرب والسودان. - القانون المدني الكويتي لعام1980م في (1082) مادة والذي نقح أيضاً طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية بمعرفة اللجنة الاستشارية العليا للعمل على استكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في الديوان الأميري بالكويت. وصدر بهذه التنقيحات القانون رقم 15 لسنة 1996م بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 67 لسنة 1980م بإصدار القانون المدني.  

 ومن التاريخ الاسلامي الزاخر نذكر لكم نموذجاً من باب التيسير في الفقه الاسلامي رسالة أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه إلى أبوموسى الأشعري والتي جاء فيها : سلام عليك، أما بعد       فإن القضاة فريضة محكمة وسنة متبعة، فأفهم إذا أدلي إليك وأنفذ إذا تبين لك، فإنه لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له.       وآس بين الناس في مجلسك وفي وجهاك وقضائك حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك...       البينة على من ادعى واليمين على من أنكر .... والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً...       ولا يمنعنك قضاء قضيته بالأمس فراجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن تراجع فيه الحق، فإن الحق قديم لا يبطله شيء والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.       ومن ادعى حقاً غائباً أو بينة فاضرب له أمداً ينتهي إليه، فإن بينه أعطيته بحقه، وإن أعجزه ذلك استحللت عليه القضية، فإن ذلك أبلغ للعذر وأجلى للعمى.       الفهم... الفهم فيما أدلي إليك مما ورد عليك مما ليس في قرآن ولا سنة، ثم قايس الأمور عندئذ، واعرف الأشباه والأمثال ثم اعمد فيما ترى إلى أقربها إلى الله وأشبهها بالحق.       المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجرباً عليه شهادة زور أو مجلوداً في حد أو ظنيناً في ولاء أو قرابة، فإن الله تولى من عباده السرائر وستر عليهم الحدود إلا بالبيانات والإيمان.       وإياك والغضب والقلق والضجر والتأذي بالخصوم والتنكر عند الخصومات .. فإن القضاء في مواطن الحق مما يوجب به الأجر ويحسن به الذكر، فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه الله ما بينه وبين الناس.       ومن تزين بما ليس في نفسه شأنه الله، فإن الله تعالى لا يقبل من العباد إلا ما كان خالصاً، فما ظنك بثواب عند الله في عاجل رزقه وخزائن رحمته.  

علاوةً على ماتقدم ذكره فإن أحكام الفقه الاسلامي قد نالت على إحترام وإعتماد من قبل الغرب الغير مسلمين في عدة مواطن مثل :     مؤتمر القانون المقارن بلاهاي سنة 1937م.     مؤتمر المحامين الدولي في لاهاي 1948.     المؤتمر الدولي للقانون المقارن بباريس سنة 1932م.     أسبوع الفقه الإسلامي بجامعة باريس سنة 1951م.

 

 

وبناءاً على ماسبق يتضح أن تطبيق الشريعة هو أمر دعت إليه الشريعة الاسلامية ديانتنا نحن المسلمين وكذلك حثت الوثائق الدستورية الأولى ودستورنا الحالي على تطبيقها فكيف نرضى بتعطيلها ؟ بكل أسف نلاحظ الواقع في الكويت قد خالف روح الدستور الكويتي وقد أهمل معانيه في بعض التشريعات، فكلنا يعلم أن قانون الجزاء الكويتي الصادر في العام 1960 (قبل صدور الدستور) خالف في بعض مواده أحكام الشريعة الإسلامية فلا يقام الحد الشرعي على المجرم فلا يعاقب الزاني ولا تقطع يد السارق وكذلك قانون التجارة الصادر في العام 1980م بعدصدور الدستور والمجيز للربا (الفوائد) في بعض المواد. يقول جميع فقهاء القانون الوضعي في حديثهم عن إلغاء القانون أنه يتم بصدور قانون إما من نفس المستوى أي تشريع عادي قديم وتشريع عادي جديد أو بأن يأتي تشريع أعلى في السلم التدرج التشريعي ليلغي من هو أدنى أي تشريع دستوري يلغي تشريع عادي، وعن طريقة الإلغاء فإنهم يجمعون ولا يختلفون على طريقتين صريحة أو ضمنية الصريحة كأن يرد في القانون الجديد نص يلغي القانون القديم صراحة، والضمنية لا ينص القانون الجديد صراحة على إلغاء القانون القديم بل يستنتج منه وجود تعارض بين القانونين الجديد والقديم. عند التمعن في مواد الدستور سنجد أن المادة 180 تقول : ' كل ما قررته القوانين واللوائح والمراسيم والأوامر والقرارات المعمول بها عند العمل بهذا الدستور يظل ساريا ما لم يعدل أو يلغ وفقا للنظام المقرر بهذا الدستور ، ويشترط ألا يتعارض مع نص من نصوصه .' وفي الحقيقة لقد تذرع البعض فيها لكون القوانين التي نراها مخالفة لأحكام المادة الثانية تستمد قوتها من هذه المادة (180)، الا أن رأيهم في هذا الجانب خاطيء من وجهة نظري لأن النص قال عند العمل بهذا الدستور أي عند تطبيق أحكام هذا الدستور وليس القوانين المقرة من قبل ولادته ، لذلك فان هذه المادة تنادي بالتمسك في الآلية المقررة في الدستور لسن التشريعات فهي مجرد تأكيد وتقرير لما سبقها من مواد اجرائية تختص في الوسيلة التشريعية. إذاً يعنى بكلمة الشريعة الإسلامية من خلال ماأنف ذكره هو الحكم الشرعي الذي لايجوز النزول عنه و لا استبداله إلا في الحيز الذي يجوز الاجتهاد به، وبما أن قانون الجزاء وقانون التجارة فيهما مخالفات واضحة لنص المادة الثانية ووفقا للفقرة الأخيرة في نص المادة (180) والتي قالت (ويشترط ألا يتعارض مع نص من نصوصه) أي نص من نصوص الدستور وبالتالي فإن هذه المادة لاتقف في طريق التعديل. ابتعادا عن المادة الثانية سنقرأ المادة الثانية عشر والتي تقول (( تصون الدولة التراث الإسلامي والعربي ، وتسهم في ركب الحضارة الإنسانية)) ، هنا في هذا النص نجد أن تطبيق الشريعة الاسلامية ليس فقط بطلب من المادة الثانية بل يعتبر جزء من تراثنا كمسلمين وعرب توارثناها جيلاً بعد جيل ومثلما ذكرنا أنها كانت مطبقة عندنا في الكويت ولكن عطلت بعض الأمور فيها وهي من الأمور القطعية ، وعليه فإن المحافظة على هذا الموروث واجب وإلتزام ملقى على عاتقنا نحن الكويتيون المسلمون. في شق آخر من السياسة التشريعية التي بين خطوطها لنا الدستور جاء في نص المادة التاسعة والعشرون على أن (( الناس سواسية في الكرامة الإنسانية ، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة لاتمييزبينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين )) وهنا نلاحظ أن أي صورة من صور التمييز أو التفريق بين الناس مرفوض من قبل الدستور ولايجوز هذا الأمر وبالتالي فإنه علينا عند سن القانون أن ننتبه إلى عدم تكريس التفرقة من ضمن مواده أما الأمور التنظيمية التي يتعارف عليها كمعاملة الغير كويتي ومقارنتها عن الكويتي فإنها نظمت في الدين الإسلامي وسنعرج حول هذا المعنى لاحقاً . وفي قانون الجنسية الكويتي نجد أن هناك بعض الأمور التي تتعارض مع هذه المادة ومع المساواة وهي التي سوف نشرحها فيما بعد. وبالتالي فإن السياسة التشريعية لدينا في الكويت تقوم على العناصر الآتية : أولاً : الإلتزام بعدم مخالفة الشريعة الإسلامية وما واجهته بحكم شرعي . ثانياً : أن يكون التشريع وفق القنوات الرسمية التي وضعها لنا الدستور.

والجدير بالذكر أنه في الفقه القانوني قد تناول العديد من الفقهاء القانونيين فكرة عدم دستورية قانون أو لائحة مجال وقد نالت مجالاً واسعاً ودراسات شتى وكثيراً ما أرهقت أصحابها ولكننا لن نتوسع بل سنتكلم عن الشق الذي يعنينا ، فالمشكلة ليست أبداً مشكلة من حيث الشكل أي صدور القانون دون تصديق رئيس الدولة ( امير البلاد مثلا) في الأحوال التي توجب فيها مصادقته، أو أن يصدر القانون مع عدم حصوله على الأغلبية البرلمانية اللازمة لإقراره، أو صدور القانون من قبل البرلمان خارج دور الانعقاد، أو أن يصدر من السلطة التنفيذية دون المرور على البرلمان. [1] ومن صور الخروج على نصوص الدستور وازهاق روحه أن يصدر البرلمان تشريعاً بإلغاء هيئة قضايا بقصد التخلص من أعضائها، ثم يعاد تشكيل الهيئة بتشريع آخر بعد مدة وجيزة من صدور التشريع الأول مثل القرار بقانون رقم 83 لسنة 1969 الخاص بإعادة تشكيل الهيئات القضائية في مصر بحيث يعتبر من لا يعاد تعيينه أو نقله من أعضائها محالاً إلى التقاعد بحكم القانون. وقد طعن بعض من نحوا عن وظائفهم في هذا القرار بقانون لمخالفته للضمانات المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية، ولأحكام الدستور، ولتجاوزه لقانون التفويض الصادر بمقتضاه. وحكمت محكمة النقض بإلغاء القرار بقانون السابق لخروجه على النطاق المحدد له بقانون التفويض، مما يجعله منعدماً، ولمساسه بحقوق القضاة وضماناتهم. أو أن يصدر البرلمان تشريعاً بمناسبة قضية معروضة على المحاكم، ويكون التشريع بطبيعته لا ينطبق إلا على هذه القضية بالذات مثل التشريع الذي أصدره البرلمان الهندي عام 1977 وأجاز فيه استعمال وسائط النقل العامة لغرض الدعاية الانتخابية، بغية إسقاط الدعاوي المرفوعة ضد رئيسة الوزراء في ذلك الوقت السيدة/ أنديرا غاندي والمتهمة فيها باستعمال الأموال العامة لأغراض الانتخابات. أو أن يتجاوز القانون الغرض المخصص له، مثال ذلك نص المادة 15 من دستور مصر لسنة 1923م، والتي تحظر على المشرع أن يجعل للإدارة حق إنذار الصحف أو وقفها أو إلغائها بالطريق الإداري، إلا إذا كان ذلك ضرورياً لوقاية النظام الاجتماعي، فإذا صدر تشريع يبيح مصادرة الصحف بالطريق الإداري لأسباب لا تدخل في وقاية النظام الاجتماعي، وإن كانت تدخل في مفهوم حفظ الأمن والنظام، كان التشريع مجاوزاً لغايته المخصصة ، أو يصدر قانون يستر عقوبة مقنعة ذات أثر رجعي، أو يعدل من تشريع سابق بحجة تفسيره، أو يطيل مدة التقادم في ظل التشريع القديم، أو يعفي السلطات العامة من المسئولية عن أعمال صدرت قبل صدور ذلك القانون. [2] إنما المشكلة التي نحن بصددها هي دستورية القوانين من حيث وجود مخالفة موضوعية تقع من القانون ضد الدستور كتجاهله ومخالفته لأحد المباديء الرئيسية مثل تحريم المصادرة العامة، أو أبعاد الكويتي من بلده أو منعه من العودة إليه، أو تسليم اللاجئين السياسيين وعدم رجعية القوانين الجنائية ما لم تكن أصلح للمتهم ، أو القيام  بحرمان المواطن من العمل وحقه في تحديد نوعه.[3]  ويدخل من ضمن المخالفة الموضوعية من القانون على الدستور عدم إحترام مبدأ الفصل بين السلطات أو التدخل من قبل سلطة في إختصاص أخرى ، أو عدم إحترام مبدأ إستقلال القضاء ، فالمخالفة هذه تعتبر مخالفة في الغالب الأعم لنص صريح ورد في مواد الدستور ، فقد نص  الميثاق الأعظم في إنجلترا سنة 1215م و بعض إعلانات الحقوق في الولايات الأمريكية الشمالية قبل الاتحاد نددت بعدم مقاومة السلطة الاستبدادية، واعتبرت ذلك مناقضاً لطبيعة الأشياء وشرف الإنسانية (إعلان الحقوق لولاية ماريلاند، وإعلان الحقوق لولاية فرجينيا). وقد تأكد هذا المفهوم مرة أخرى في إعلان الحقوق الأمريكي الصادر في عيد الاستقلال سنة 1776م حين قرر أن الحكومات لا تنشأ إلا لغرض واحد هو حماية الحقوق الطبيعية للإنسان، فإذا لم تحترم هذا الغرض، أو إذا تكرر خروجها على الدستور، كان للشعب كل الحق في أن يخرج عليها أو يقيلها، وعليه فإن المبدأ ترسخ في عدة تشريعات استقر وثبت على مدى سنوات ومراحل عدة بشكل يوجب على الجميع احترامه سواء بالتقيد بما جاء فيه أو بالانتباه له عند التشريع .[4] وفي فرنسا نص دستور عام 1791 م على أن (الدستور وديعة يسهر عليها إخلاص الهيئة التشريعية والملك والقضاة، ويقظة الآباء والزوجات والأمهات، وعطف المواطنين الشباب، وشجاعة الفرنسيين كافة). كما نص إعلان الحقوق الصادر سنة 1789 م على مشروعية حق مقاومة السلطة الاستبدادية في مادته الثانية. كما نص دستور عام 1793م  على أنه (إذا اغتصبت الحكومة حقوق الشعب، فإن المقاومة الشعبية لرد تصرفها هذا تمثل أقدس الحقوق وألزم الواجبات).  سوف نتطرق الآن لبعض المخالفات التشريعية التي يتضح من خلالها إستباحة نص المادة الثانية من الدستور الكويتي والتي لابد من تعديلها عبر القنوات الموضحة فيما سبق وهذه المخالفات في ثلاثة قوانين سارية حالياً ولايعني ذلك مخالفتها بالكامل للدستور بل مخالفة بعض موادها . لقد جاء قانون الجزاء الكويتي في وقت سابق لصدور الدستور الحالي أي قبله بسنتين ميلاديتين والوثائق الدستورية السابقة وضحت لنا مدى إسلامية التشريع في الكويت لثلاثة قرون متتالية فالحدود كانت مطبقة وفقاً للمراجع التاريخية المحلية فكيف لتشريع خاص أن يأتي ويخالف ماجاء في السابق بل ومخالف لما جاء في الدستور متمثلا في مادته الثانية ؟ لقد إختلف قانون الجزاء الكويتي رقم (16) لسنة 1960م مخالفاً في بعض نصوصه للمادة الثانية هذا من نستطيع قوله حالياً والمخالفة تكمن في الجرائم والعقوبات وذلك على النحو التالي: تعرف لنا الشريعة الإسلامية الجرائم على أنها جرائم حدود وقصاص وتعازير فالحدود هي :  العقوبة المقدرة حقا لله تعالى ، و معنى العقوبة المقدرة انها محددة و معينة اى ذات حد واحد فليس لها حد ادنى و لا حد اعلى ، و معنى انها حق لله تعالى انها لا تقبل الإسقاط لا من الافراد و لا من الجماعة. و جرائم الحدود سبعة :

1- الزنا 2- القذف 3- الشرب 4- السرقة 5- الحرابة 6- الردة 7- البغى أما القصاص والدية فهي : حقا مقدرا للافراد ، و معنى انها مقدرة اى انها محددة و معينة اى ذات حد واحد فليس لها حد ادنى و لا حد اعلى ، و معنى انها حق للافراد ان للمجنى عليه ان يعفو عنها اذا شاء ، فاذا عفا اسقط العفو العقوبة المعفو عنها

جرائم القصاص و الدية خمسة :

1- القتل العمد 2- القتل شبه العمد 3- القتل الخطأ 4- الجناية على ما دون النفس عمدا 5- الجناية على ما دون النفس خطأ

و يقصد الجناية على ما دون النفس - عموما - هو الاعتداء الذى لا يؤدى للموت كالجرح و الضرب  . وأما التعازير فهي : التأديب

و التعزير عقوبته غير مقدرة ، حيث جرت الشريعة على عدم تحديد عقوبة كل جريمة تعزيرية ، و اكتفت بتقرير مجموعة من العقوبات لهذة الجرائم و تركت للقاضى ان يختار العقوبة فى كل جريمة بمايلائم ظروف الجريمة و ظروف المجرم

و جرائم التعزير غير محدودة ( بعكس الحدود او القصاص و الدية )و ليس فى الامكان تحديدها

و قد نصت الشريعة على بعضها و هو ما يعتبر جريمة فى كل وقت مثل : الربا - خيانة الامانة - النشل - الرشوة

و تركت لولى الامر النص على بعضها الاخر ، و لكن الشريعة اوجبت ان يكون التجريم بحسب ما تقتضيه حال الجماعة و تنظيمها و الدفاع عنها و عن مصالحها و معالجة الظروف الطارئة ، و ان لا يكون مخالفا لنصوص الشريعة و مبادئها العامة. أما في قانونا الكويتي فإن الجرائم قد قسمت إلى جرائم واقعة على النفس كالقتل والضرب والجرح والايذاء وأخرى واقعةعلى العرض والسمعة وأخرى واقعة على المال . وهذه الجرائم في عقوباتها تختلف عن العقوبات المقررة في الشريعة الاسلامية وقد تتفق معها في عقوبة الاعدام ولكن آلية تنفيذها أيضاً تختلف نظراً لتنفيذ الاعدام بقطع الرأس في الشريعة والشنق بالحبال في القانون والذي أثبت ضرره مؤخراً لكون المنفذ عليه يبقى حياً لفترة تؤدي إلى شبهة التعذيب في إزهاق روحه. سنأتي الآن إلى ذكر بعض المخالفات الواردة في التشريع الكويتي متمثلاً بالقانون رقم 16 لسنة 1960م والخاص بإصدار قانون الجزاء فإنه نص في المادة (58) على ((كل محكوم عليه بالاعدام ينفذ فيه الحكم شنقا او رميا بالرصاص.)) بينما في الشريعة فإن المحكوم عليه بالإعدام يقطع رأسه بالسيف وهو الذي آنفنا مسبقاً من أنه أفضل من الوسيلتين المذكورتين في التشريع الكويتي لكون مفارقةالمنفذ عليه الحكم للحياة بشكل أسرع دونما يطيل به العذاب . وفي المادة (61) نص على ((الحبس المؤبد يستغرق حياة المحكوم عليه ، ويكون مقترنا بالشغل دائما.)) وفي الشريعة لم يعرف مثل هذا النوع من العقوبات وفي بعض الحالات يسمح بالمؤبد دونما حبس الحرية لطول العمر . في المادة (160) نص على ((كل من ضرب شخصا او جرحه او الحق بجسمه اذى او اخل بحرمة الجسم ، وكان ذلك على نحو محسوس ، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تجاوز الفي روبية او باحدى هاتين العقوبتين.)) وفي المادة (161) نص على ((كل من احدث بغيره اذى بليغا ، برميه بأي نوع من انواع القذائف ، او بضربه بسكين او اية آلة خطرة اخرى ، او بقذفه بسائل كاو او بوضعه هذا السائل او أية مادة متفجرة في أي مكان بقصد ايدائه ، او بمناولته مادة مخدرة ، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات ، ويجوز ان تضاف اليه غرامة لا تجاوز عشرة آلاف روبية.)) وفي المادة (162) نص على ((كل من احدث بغيره اذى افضى الى اصبته بعاهة مستديمة يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات ، ويجوز ان تضاف اليه غرامة لا تجاوز عشرة آلاف روبية. يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمسة سنوات وبغرامة لا تجاوز خمسة آلاف روبية او باحدى هاتين العقوبتين ، اذا افضت افعال الاعتداء الى اصابة المجني عليه بآلام بدنية شديدة او الى جعله عاجزا عن استعمال عضو او اكثر من اعضاء جسمه بصورة طبيعية خلال مدة تزيد على ثلاثين يوما دون ان تفضي الى اصابته بعاهة مستديمة. )) وفي المادة (163) جاء فيها ((  كل من ارتكب فعل تعد خفيف ، لا يبلغ في جسامته مبلغ الافعال المنصوص عليها في المواد السابقة ، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاثة اشهر وبغرامة لا تجاوز ثلثمائة روبية او باحدى هاتين العقوبتين.)) وفي المادة (164) ((كل من تسبب في جرح احد او الحاق اذى محسوس به عن غير قصد ، بأن كان ذلك ناشئا عن رعونة او تفريط او اهمال او عدم انتباه او عدم مراعاة للوائح ، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز سنة واحدة وبغرامة لا تجاوز الف روبية او باحدى هاتين العقوبتين.)) ونلاحظ أنه في المواد السابقة مخالفة ففي الشريعة يتم القصاص وهو: عقوبة مقدرة شرعا تقضي بمعاقبة الجاني بمثل ما فعل. ويلاحظ الحكمة من تنفيذه أنها شفاء لغيظ المجني عليه أو أوليائه، ويمنعهم من طلب الثأر أو محاولة الإنتقام وتحقق الردع عن إرتكاب الجريمة. فالجاني يتردد و يخاف عند فعل الجريمة إن علم أنه سيعاقب عليها بالقصاص ، وعليه فإن المجتمع سوف ينعم بالعدالة الربانية. كما يجب أن ننوه بأن القانون قد حمل في العديد من مواده عملة الروبية وهي عملة كانت الكويت تستعملها في الماضي بينما اليوم لدينا عملة وطنية الدينار وأعتقد انه من المعيب جداً الإستمرار بمثل هكذا قانون لم يراعي الشريعة في بعض مواده ولم يراعي القيمة الإقتصادية المتمثلة لكون الكويت دولة مستقلة ذات عملة خاصة ومميزة وقوية. نأتي إلى الجرائم الجنسية في تشريعنا المحلي وهي كالآتي : المادة (186) من واقع انثى بغير رضاها ، سواء بالاكراه او بالتهديد او بالحيلة ، يعاقب بالاعدام او الحبس المؤبد. فإذا كان الجاني من اصول المجني عليها او من المتولين تربيتها او رعايتها ، او ممن لهم سلطة عليها ، او كان خادما عندها او عند من تقدم ذكرهم ، كانت العقوبة الاعدام.

 

أما المادة (187 ) من واقع انثى بغير اكراه او تهديد او حيلة ، وهو يعلم انها مجنونة او معتوهة او دون الخامسة عشرة او معدومة الارادة لاي سبب آخر ، او انها لا تعرف طبيعة الفعل الذي تتعرض له ، او انها تعتقد شرعيته ، يعاقب بالحبس المؤبد. فاذا كان الجاني من اصول المجني عليها او من المتولين تربيتها او رعايتها او ممن لهم سلطة عليها او كان خادما عندها او عند من تقدم ذكرهم ، كانت العقوبة الاعدام.

 

وفي المادة (188 )من واقع انثى بغير اكراه او تهديد او حيلة ، وكانت تبلغ الخامسة عشرة ولا تبلغ الواحدة والعشرين من عمرها ، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس عشرة سنة. فاذا كان الجاني من اصول المجني عليها او من المتولين تربيتها او رعايتها او ممن لهم سلطة عليها او كان خادما عندها او عند من تقدم ذكرهم ، كانت العقوبة الحبس المؤبد.

 

والمادة (189 )من واقع انثى محرم منه ، وهو عالم بذلك ، بغير اكراه او تهديد او حيلة وكانت تبلغ الحادية والعشرين ، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس عشرة سنة. فاذا كان المجني عليها لم تتم الحادية والعشرين من عمرها وبلغت الخامسة عشرة ، كانت العقوبة الحبس المؤبد.  ويحكم بالعقوبات السابقة على من كان وليا او وصيا او قيما او حاضنا لانثى او كان موكلا بتربيتها او برعايتها او بمراقبة امورها ، وواقعها بغير اكراه او تهديد او حيلة.

 

والمادة( 190 )كل انثى اتمت الحادية والعشرين من عمرها وقبلت ان يواقعها محرم منها وهي تعلم صلتها به ، تعاقب بالحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات.

 

أما المادة (191 ) كل من هتك عرض انسان بالاكراه او بالتهديد او بالحيلة يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز خمس عشرة سنة.  فاذا كان الجاني من اصول المجني عليه او من المتولين تربيته او رعايته ، او ممن لهم سلطة عليه او كان خادما عنده او عند من تقدم ذكرهم ، كانت العقوبة الحبس المؤبد.  ويحكم بالعقوبات السابقة اذا كان المجني عليه معدوم الارادة لصغر او لجنون او لعته او كان غير مدرك طبيعة الفعل ، او معتقدا شرعيته ، ولو ارتكب الفعل بغير اكراه او تهديد او حيلة.

أما المادة (192 )كل من هتك عرض صبي او صبية لم يتم كل منهما الحادية والعشرين من عمره ، بغير اكراه او تهديد او حيلة ، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز عشر سنوات. فاذا كان الجاني من اصول المجني عليه او من المتولين تربيته او رعايته او ممن لهم عليه سلطة ، او كان خادما عند من تقدم ذكرهم ، كانت العقوبة الحبس مدة لا تجاوز خمس عشرة سنة.

 

وفي المادة ( 193 )اذا واقع رجل رجلا آخر بلغ الحادية والعشرين وكان ذلك برضائه ، عوقب كل منهما بالحبس مدة لا تجاوز سبع سنوات.

اما المادة (194 )كل من واقع امرأة بلغت الحادية والعشرين برضاها ، ولم تكن محرما منه ، وضبط متلبسا بالجريمة ، يعقاب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات ولا تقل عن ستة اشهر. ويحكم بالعقوبة نفسها على المرأة التي رضيت بهذا الفعل. هذه المواد والتي تعمدنا سردها نالت من الانتقادات مانالت سواء من بعض أعضاء المجلس التأسيسي أو من فقهاء الشريعة أو من بعض رجال القانون ولابد أن نبين أن في تطبيق النصوص السابقة وإهمال الأحكام الشرعية القطعية والتي لايجوز تعطيلها لا أمام الله عزوجل ولا وفق الدستور الحالي وماسبقته من وثائق ففيها نشر لأمراض بيننا كأفراد مجتمع كبيرة الضرر من الناحية الإجتماعية والنفسية والصحية والعقائدية بل أن بها أضرار لايمكن حصرها ولا توقعها ولنأتي الآن عما قاله الشر في مثل هذه الجرائم الخطيرة . في البداية إختلفت المصطلحات فلم يعرف بالشرع لفظة المواقعة برضا أو من غير رضا بل عرفت جرائم المواقعة بالزنا والذي يتحقق عن طريق إيلاج الذكر في عضو المرأة ، وبالتالي فإن التفرقة في هذه الجريمة وفق الشرع تتم على إعتبار أن الفاعل متزوج  أو سبق له الزواج( محصن) أو غير متزوج (غير محصن) فالفاعل  المسلم غير المحصن اي غير متزوج، الجلد 100 جلدة مع التغريب سنة، وكذلك المسلمة.قال الله تعالى((الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طآئفة من المؤمنين)) سورة النور آية (2) المسلم المحصن اي المتزوج، القتل بالرجم بالحجارة حتى الموت، وكذلك المسلمة المحصنة اي المتزوجة عقوبتها الرجم بالحجارة حتى الموت. وفي العقوبات الشرعية لايعني ذلك بأن يأتي شخص ملتحي يجوب الشوارع ويحدق في الناس ومن ثم ينفذ كأنه أنزه الناس بل للعقوبة شروط وهي اربعة شهود رجال عدول ثقات يشهدون بدخول القضيب بالفرج (غياب حشفة الذكر على الأقل) رأي العين المباشر. أو اعتراف الزاني أو الزانية نفسه بما فعل باختيار شخصي. و يظهر من هذا صعوبة إقامة الحد، وهذا حتى لا يصير اتهام الناس بالزنا سهلاً.

و إذا اتهم أحد المسلمين آخراً بالزنا، ثم لم يستطع أن يأتي بأربعة شهداء عدول (موثوقين حسب شروط محددة)، فإنه يجلد ثمانين جلدة عقوبة الافك، ولا تقبل شهادته بعد ذلك. قال الله تعالى ((والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون)) سورة النور آية رقم (4) وقد وضع الإسلام عقوبات دنيوية أي بين ووضح علاقات الزاني والزانية بعد فعل الزنا كتحريم الزواج بين الزاني والزانية.قال تعالى:((الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين)). وفي تفصيل جاء ذكره في قانون الجزاء عن الشخص الذي يرغم على الفعل وهو المتحرَّش به هل يعامل كالفاعل هنا يختلف الحال فإن كان المتحرَّش به بالغا عاقلا راضيا فهو مثله أما إن كان مكرها أو قاصرا فلا شيء عليه البتة . وفي ذكر في إحدى المواد السابقة عن زنا المحارم أو ماعرفه القانون بمواقعة المحرم فالشريعة هنا عالجته من خلال تعظيم العقوبة الاأن  الفقهاء انقسموا إلى فريقين بشأنها:

     الفريق الأول: يرى بأن عقوبة هي نفسها عقوبة الزنا عموما أي الرجم للمحصن والجلد لغير المحصن ويمثل هذا التوجه الرأي الراجح في الفقه الإسلامي ويقول به الإمام   مالك وأبا حنيفة والإمام الشافعي.

      الفريق الثاني: يرى بأن عقوبة من يزني بإحدى محارمه تختلف عن عقوبة الزنا عموما فهي القتل سواء كان الزاني محصنا أم غير محصن، ويضيف البعض إلى هذه العقوبة     مصادرة مال الجاني كله، بينما يقصر البعض الآخر المصادرة على خمس مال الجاني فقط، ولكل فريق دليله الذي يستند إليه فبالنسبة للفريق الذي يرى أن من زنا بإحدى محارمه يقتل في جميع الأحوال فهم الشيعـة= =الإثنى عشرية، حيث يقول الفقيه الطوسي: أن الزناة على خمسة أقسام: فقسم منهم يجب عليه الحد بالقتل في كل حال سواء كان محصنا أو غير محصن حرا كان أو عبدا مسلما كان أو كافرا شيخا أو شابا، وعلى كل حال فهو كل من وطئ ذات محرم أما أو بنتا أو بنتها أو بنت أخيه أو عمته أو خالته فإنه يجب عليه القتل على كل حال، ودليلهم في ذلك ما رواه الإمام أحمد بن حنبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال 'من أتى ذات محرم منه فقد ارتد عن دينه فيقتل ويصير ماله فيئا لبيت المال. وعن ماورد في القانون عن مواقعة الرجل للرجل أي اللواط في الشريعة قال شيخ الإسلام: 'وأما اللواط فمن العلماء من يقول: حده كحد الزنا، وقد قيل: دون ذلك، والصحيح الذي اتفق عليه الصحابة أن يقتل الاثنان الأعلى والأسفل، سواء كانا محصنين أو غير محصنين، فإن أهل السنن رووا عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به)) ، وروى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما في البكر يوجد على اللوطية قال: (يرجم) ، ولم تختلف الصحابة في قتله ولكن تنوعه فيه، فرُوي عن الصديق رضي الله عنه أنه أمر بتحريقه، وعن غيره قتله، وعن بعضهم أنه يلقى عليه جدار حتى يموت تحت الهدم، وقيل: يحبسان في أنتن موضع حتى يموتا، وعن بعضهم أنه يرفع على أعلى جدار في القرية ويرمى منه ويتبع بالحجارة كما فعل الله بقوم لوط، وهذه رواية عن ابن عباس، والرواية الأخرى قال: يرجم، وعلى هذا أكثر السلف، قالوا: لأن الله رجم قوم لوط، وشرع رجم الزاني تشبيهاً بقوم لوط، فيرجم الاثنان، سواء كانا حرين أو مملوكين، أو كانا أحدهما مملوكاً والآخر حراً إذا كانا بالغين، فإن كان أحدهما غير بالغ عوقب بما دون القتل، ولا يرجم إلا البالغ'. أما في جريمة مواقعة الإناث أي السحاق في الشريعة الإسلامية فقد اتفق الفقهاء على أنه لا حد في السحاق  لأنه ليس زنى فلا إيلاج فيه. في جريمة السرقة نجد المشرع الكويتي ينص في المادة (217) على أن ((  كل من اختلس مالا منقولا مملوكا لغيره بنية امتلاكه يعد سارقا. يعد اختلاسا كل فعل يخرج به الفاعل الشئ من حيازة غيره دون رضاءه ، ولو عن طريق غلط وقع فيه هذا لاغير ، ليدخله بعد ذلك في يحازة اخرى. لا يحول دون وقوع السرقة كون الفاعل شريكا على الشيوع في ملكية الشئ ، كما يعد في حكم السرقة اختلاس الاشياء المحجوز عليها ولو كان الاختلاس واقعا من مالكها ، وكذلك اختلاس الاموال المرهونة الواقع ممن رهنها ضمانا لدين عليه او على غيره.)) وهو تعريف جيد ومفصل ولكن عند الحديث عن العقوبة سنجد المادة (219) توضحها على أن ((يعاقب على السرقة بالحبس مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تجاوز الفي روبية او باحدى هاتين العقوبتين الا اذا نص القانون على غير ذلك.)) ولو رجعنا للقرآن الكريم نجد قوله تعالى : ((والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالاً من الله )) [المائدة:38]. وهنا مخالفة واضحة للآية قرآنية كريمة وعلى أمر قطعي لاإجتهاد فيه ولايجوز إغفاله وقد فصل علماء الشريعة عملية التحقق من السرقة وكيفية تطبيقها وقيام المحاكمة وضمان سير العدالة قبل التنفيذ كما أن هناك تيسيرات كثيرة في هذه الجريمة وغيرها من الجرائم مما تدل على عدالة الشريعة والحكم بما أنزل الله سبحانه وتعالى . ولابد لنا من الإيضاح بأن الشريعة الإسلامية قد بينت لنا كل شيء ولكن لانريد التوسع بقدر مانريد تبيان أبرز المخالفات وتوضيح الفارق الكبير في العقوبة بالتشريع الإسلامي والتشريع الوضعي، وإن تأملنا وتوسعنا أكثر لإحتاج الموضوع منا الإطالة حتى نعطيه حقه لذلك أردنا العرض بإيجاز شديد لبعض الجرائم مع عقوباتها في الشريعة الإسلامية مقارنةً بقانوننا الوضعي.

         ففي العام 1980م صدر قانون التجارة الكويتي رقم (68) والذي أباح الفوائد في المادة  (102) والتي نصت على ((للدائن الحق في اقتضاء فائدة في القرض التجاري ما لم يتفق على غير ذلك. وإذا لم يعين سعر الفائدة في العقد، كانت الفائدة المستحقة هي الفائدة القانونية 7%. فإذا تضمن العقد اتفاقا على سعر الفائدة، وتأخر المدين في الوفاء ،احتسبت الفائدة التأخيرية على أساس السعر المتفق عليه.)) وتعتبر الفائدة بمثابة الربا وفق أحكام الشريعة والتي عرفت الربا بأنها كل زيادة مشروطة مقدماً على رأس المال مقابل الأجل وحده ، قال تعالى : ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275) يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾، [سورة: البقرة - الأية: 276:275]

قال تعالى: (يَمْحَقُ اللّهُ الْرّبَا وَيُرْبِي الصّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبّ كُلّ كَفّارٍ أَثِيمٍ) [سورة: البقرة - الأية: 276]

قال تعالى: (يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرّبَا إِن كُنْتُمْ مّؤْمِنِينَ) [سورة: البقرة - الأية: 278]

قال تعالى: (فَإِن لّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ) [سورة: البقرة - الأية: 279]

قال تعالى: (وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىَ مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدّقُواْ خَيْرٌ لّكُمْ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) [سورة: البقرة - الأية: 280]

قال تعالى: (يَآ أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرّبَا أَضْعَافاً مّضَاعَفَةً وَاتّقُواْ اللّهَ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ) [سورة: آل عمران - الأية: 130]

قال تعالى: (وَمَآ آتَيْتُمْ مّن رّباً لّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النّاسِ فَلاَ يَرْبُو عِندَ اللّهِ وَمَآ آتَيْتُمْ مّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللّهِ فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) [سورة: الروم - الأية: 39] وثبت عن عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال هم سواء) رواه مسلم. وبالتالي فإن هذا الأمر لابد وأن يعدل عن طريق إلغاء الفوائد التي لايبيحها الإسلام ولو لحظنا إزدهار المؤسسات الإقتصادية الإسلامية مؤخراً مما دفع عدداً من البنوك التقليدية ( أي تتعامل مع نظام الفوائد) إلى التحول من النظام القديم المجيز للفوائد للنظام الجديد الإسلامي وتجربة البنك الإسلامي في الكويت جعلت منه نبراساً يؤسس حضارة جديدة في مجال الإقتصاد من هنا أمكن لنا القول بناء الحضارة بتعديل قانون التجارة. إن الأمة إذا أرادت أن تتقدم وتقوى وتنهض فإنها تتكاتف وتتعاون لا أن تقف وتسن قوانين من شأنها المساهمة في تفريق المجتمع ، ففي العام 1959م صدر المرسوم الأميري الخاص بقانون الجنسية الكويتية والذي حمل  رقم  ( 15) وهو تشريع صدر قبل الإستقلال وقبل صدور دستورنا الحالي والذي حمل في بعض نصوصه صوراً من التمييز بين المواطنيين الكويتيين فهو أولاً يخالف الدستور في المادة الثانية و المادة السابعة والمادة التاسعة والعشرون ، ففي المادة الثانية نص على أن ((دين الدولة الإسلام ، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع.)) وبالتالي فإن الشريعة لم تفرق في مبادئها وأسسها بين الناس وهو واضح وجلي عند كل المسلمين فالعدالة هي أساس المجتمع المسلم والتفرقة مرفوضة فيه ، وفي المادة السابعة نص المشرع على أن ((العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين. )) وبالتالي فإنه لا يجوز وفقاً لهذه المادة إهدار هذه المعاني والتي يجب مراعاتها عند القيام بعملية التشريع وقد حرص الدستور هنا على تقوية العلاقة بين المواطنين وبعضهم البعض ، في المادة التاسعة والعشرون نص المشرع على أن((الناس سواسية في الكرامة الانسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين)) وبالتالي فإن قانون الجنسية لدينا قد فرق بين المواطنين فجعل الكويتي أصيل وآخر متجنس فقد جاء في المادة الأولى من قانون الجنسية ((الكويتيون أساساً هم المتوطنون في الكويت قبل سنة 1920، وكانوا محافظين على إقامتهم العادية فيها إلى يوم نشر هذا القانون. وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع.

ويعتبر الشخص محافظاً على إقامته العادية في الكويت حتى لو أقام في بلد أجنبي ، متى كان قد استبقى نية العودة إلى الكويت.))  وهنا تبيان لمفهوم الكويتي الأصيل أي الكويتي وفقاً للمادة الأولى بينما يأتي ويبين لنا نوعاً آخر من الكويتيين في المادة السابعة مكرر ((يجوز بمرسوم بناء على عرض وزير الداخلية منح الجنسية الكويتية للأبناء الراشدين للمتجنس وقت كسب والدهم الجنسية الكويتية، وكذا للراشدين من أحفاد المتجنس من أولاده الذكور، إذا توافرت فيهم الشروط المنصوص عليها في البنود ( 2 ، 3 ، 5 ) من المادة الرابعة من هذا القانون، وكانوا قد حافظوا على إقامتهم العادية في الكويت مدة لا تقل عن خمسة عشر عاما قبل تاريخ صدور مرسوم منحهم الجنسية.

كما يجوز منح الجنسية الكويتية للقصر من أحفاد المتجنس من أولاده الذكور المتوفى عنهم والدهم قبل منح الوالد هذه الجنسية الكويتية، على أن تقدم طلبات ناقصي الأهلية ممن يمثلهم قانونا.)) وهنا يتبين نوع آخر من الكويتيين وهم المتجنسين فقد عرفت المادة نوعاً آخر أي فرقت بين الكويتي الأصيل والكويتي المتجنس فالمتجنس لايمارس الحق السياسي في فترة من الزمان ولكن تم إعطائه هذا الحق من حيث أن يجوز له التصويت وهو حق منقوص بينما الكويتي الأصيل يمارس الحق السياسي كاملاً غير منقوص وكذلك أبناء المتجنس يعطى لبعضهم الحق السياسي الكامل بينما والدهم المتجنس الذي كان سبباً في حصولهم على الجنسية لايتمتع بمثل حقوقهم ؟ فكيف تتحق الوحدة بين الأب وإبنه ؟ وبين المواطنين وبعضهم البعض؟ بينما هنالك تفرقة بين إبن الأصيل وإبن المتجنس من حيث يسري على إبن الأصيل نص المادة الثانية من قانون الجنسية والتي تقول ((يكون كويتياً كل من ولد ، في الكويت أو في الخارج ، لأب كويتي.)) بينما إبن المتجنس لايسري عليه بل يسري عليه ماجاء في الفقرة الأخيرة من المادة السابعة والتي قالت ((أما أولاد المتجنس الذين يولدون بعد كسبه الجنسية الكويتية فيعتبرون كويتيين بصفة أصلية ويسري هذا الحكم على المولودين منهم قبل العمل بهذا القانون.)) فلو لحظنا لوجدنا مادة تناقض أخرى فكيف يقيد إبن المتجنس وهو المولود لأب كويتي فالمادة الثانية لم تقل الأب الكويتي وفقاً للمادة الأولى يكون إبنه مثله في المادة بينما إبن الكويتي المتجنس لايكون مثل أبيه ولايكون وفق المادة الثانية بل يكون كويتي وفقاً للمادة السابعة فقرة ثلاثة بصفة أصلية ! وقد تحدثت وتنقاشت مع الكثيرمن الخبراء القانونيين الكويتيين والذين أكدوا لي على ضرورة تعديل هذا القانون لكثرة النواقص التشريعية التي ملأته وأثقلته بل يعد قانون الجنسية أكثر قانون معدل في الكويت . والحل الذي نريد له أن يتم ويكون متوائماً مع روح الدستور هو بتوحيد الجنسية الكويتية حتى تغيب الفوارق وتذهب بين أبناء الوطن الواحد. لله سبحانه الحمد على أن دولة الكويت لم تقف مكتوفة الأيدي من النصوص والمواد المخالفة لهوية الدستور فقد قام الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح طيب الله ثراه بإنشاء اللجنة الاستشارية العليا  للعمل على استكمال تطبيق الشريعة الإسلامية بمرسوم أميري رقم 91/139 والمؤلف من عشرة مواد ، والذي جاء في المادة الثانية منه : ' تتولى اللجنة وضع خطة لتهيئة الأجواء لاستكمال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية مع مراعاة واقع البلاد ومصالحها، ولها في سبيل ذلك دراسة القوانين السارية في مختلف المجالات، واقتراح ما تراه بشأنها، لضمان توافقها مع أحكام الشريعة الإسلامية.'

ولكن إلى اليوم ومنذ العام 1991م لم يتم استكمال تطبيق الشريعة الاسلامية على دولتنا الحبيبة الكويت .[5] يعتبر ماقام به الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح طيب الله ثراه دليلاً قاطعاً على سير الدولة في إتجاه إعمال الأحكام الشرعية ولكن هنالك تصورات يمكن من خلالها تفعيل مواد الدستور وتعديل القوانين المخالفة لها والتي تتلخص فيما يلي:                 الدفاع التشريعي للهوية الدستورية ويكون الدفاع التشريعي عن طريق العمل وفق القنوات القانونية لعملية التقنين وهي كالآتي: 1-   فيما يتعلق بالدستور وتعديلاته : فإنه إعمالا للمادة 174 من الدستورنمر بالآتي : 1-   مرحلة اقتراح تعديل الدستور من قبل الأمير أو من ثلث أعضاء مجلس الأمة على الأقل. 2-   مرحلة الموافقة على مبدأ التنقيح وموضوعه من قبل الأمير أو أغلبية الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة. 3-   موافقة مجلس الأمة على التعديل من قبل الأمير وأغلبية الأعضاء ومن مناقشة التعديل من أعضاء مجلس الأمة مادة مادة. 4-   موافقة الأمير على التعديل وإصداره بعد أن تتم الموافقة من قبل ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم مجلس الأمة يعرض الأمر على سمو الأمير فإما برفضه أو بصدوره ولا يجوز عرض مشروع التعديل قبل مرور سنة من تاريخ الرفض. 2- فيما يتعلق بالتشريع العادي وهو مجموعة القواعد القانونية المكتوبة والصادرة من الجهة المنوط بها ذلك وفقا لأحكام الدستور. والجهات التي يصدر عنها التشريع العادي في الكويت جهتين: 1-   السلطة التنفيذية. 2-   السلطة التشريعية. والآتي ذكر مراحل الإصدار الخاصة بكل سلطة: أولاً: السلطة التشريعية: 1- اقتراح القانون: إعمالا لنص المادة 65 من الدستور فإن للأمير الحق في اقتراح القوانين ولمجلس الأمة كذلك وفقاً للمادة 109 من الدستور، وعليه فإن الاقتراح المقدم من قبل الأمير يسمى مشروع بقانون ويتم من خلال مرسوم يوقع عليه الأمير ورئيس مجلس الوزراء والوزير المختص، أما الاقتراح المقدم من قبل أحد أعضاء مجلس الأمة يسمى اقتراح بقانون. 2- مناقشة الاقتراح وذلك عن طريق عرضه على المجلس تمهيداً لإقراره ويجب أن يناقش مادة مادة وبعد ذلك يتم التصويت على الاقتراح ولا يتم إقراره إلا إذا حصل على موافقة الغالبية المطلقة للأعضاء الحاضرين ويستثنى بعض الحالات التي تتطلب أغلبية خاصة. 3- بعد الإقرار يتم رفع المشروع بقانون أو الاقتراح بقانون إلى سمو الأمير للتصديق عليه فإما أن يوافق عليه أو يعترض وهنا يجب على سموه رده إلى مجلس الأمة خلال 30 يوما و في حالة الاستعجال 7 أيام فإذا لم يرد المشروع خلال هذه المدة أعتبر قانونا وأصدره أما إذا رد في المواعيد المحددة فعلى المجلس عندئذ إعادة مناقشة المشروع والتصويت عليه فإذا ما تمت الموافقة بأغلبية خاصة وهي ثلثي أصوات الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس أعتبر المشروع قانونا وعلى الأمير التصديق عليه وأصداره خلال ثلاثين يوماً. 4- صدور الأمر من قبل الأمير إلى جميع السلطات المختصة لنشر القانون وتنفيذه. 5- نشر القانون في الجريدة الرسمية الكويت اليوم خلال أسبوعين من يوم إصدار القانون ويعمل به بعد شهر من تاريخ النشر ويجوز مد الميعاد أو تقصيره بنص خاص في القانون.

ثانياً: إصدار التشريع العادي من السلطة التنفيذية : ويتم ذلك على الأدوات التي اعترف بها الدستور الكويتي وهي: 1- مراسيم الضرورة وهي التي تصدر بين أدوار انعقاد المجلس أو في فترة حله ولوجود حالة ضرورة مع عدم مخالفتها لأحكام الدستور وقانون الميزانية. 2- المراسيم التفويضية: وهي تلك التي تتم من قبل السلطة التنفيذية في ظروف إستثنائية وبناءا على تفويض من السلطة التشريعية مع عدم مخالفتها للدستور وتوافر ظرف خاص يستوجب وجودها. 3- إبرام المعاهدات الدولية: وتقوم السلطة التنفيذية بعدة مراحل لابرام المعاهدة الدولية وهي: 1-   المفاوضات. 2-   التوقيع. 3-   التصديق. بعد التوقيع على المعاهدة فإن السلطة التنفيذية تعد مشروع بقانون يتضمن تلك المعاهدة ويعرض الأمر على مجلس الأمة للموافقة عليه فإن وافق يرفع  إلى الأمير للتصديق عليه ثم لنشره بالجريدة الرسمية الكويت اليوم، وهنا تصبح المعاهدة جزءاً من التشريع العادي يستوجب إحترامها من قبل الجميع.

3- فيما يخص التشريع الفرعي بأنه اللائحة ويعرف بأنه مجموعة القواعد القانونية المكتوبة والصادرة عن السلطة التنفيذية وفقاً للاجراءات التي نص عليها الدستور. وينقسم إلى ثلاثة أنواع:

1- اللوائح التنفيذية: هي اللوائح التي يكون الهدف منها تنفيذ القانون ولا يتصور وجودها مستقلة عنه، ونستند مشروعيتها من المادة 72 من الدستور الكويتي والتي قالت أن 'الأمير يضع بمراسيم اللوائح اللازمة لتنفيذ القانون بما لا يتضمن تعديلا فيها أو تعطيلا لها أو إعفاء من تنفيذها، ويجوز أن يعين القانون أداة أدنى من المرسوم لإصدار اللوائح الازمة لتنفيذه'. 2- لوائح الضبط الإداري: ووفقاً للمادة 73 من الدستور الكويتي فإن ' للأمير سلطة إصدار لوائح الضبط بما لا يتعارض مع أحكام القانون' و الهدف منها تحقيق الأمن والسكينة والحفاظ على الصحة العامة في الدولة. وهي قائمة بذاتها لا تتبع قانون معين أي مستقله عن القانون. 3- اللوائح التنظيمية: وتستمد وجودها من نص المادة 73 أيضاً لتحقيق هدف انشاء وتنظيم العمل في الإدارات والمصالح العامة في الدولة وتكون هذه اللوائح مستقلة وغيرتابعة لقانون معين. الدفاع القضائي للهوية الدستورية مثلما سبق وأسلفنا فإن المشكلة التي نحن بصددها هي دستورية القوانين من حيث وجود مخالفة موضوعية تقع من القانون ضد الدستور     بل أن مشكلة دستورية القوانين تثور كذلك إذا ما خرج التشريع على روح الدستور وهنا بينا لكم روح المادة الثانية تتمثل في المعنى المهدور في بعض التشريعات الكويتية. ولقد جاء في المادة (173) من الدستور الكويتي أن ((يعين القانون الجهة القضائية التي تختص بالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين واللوائح، ويبين صلاحياتها والإجراءات التي تتبعها. )) وبالفعل في العام 1973م صدر القانون رقم ( 14) الخاص بإنشاء المحكمة الدستورية والتي جاء في المادة الأولى منه على أن (( تنشأ محكمة دستورية تختص دون غيرها بتفسير النصوص الدستورية وبالفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح وفي الطعون الخاصة بانتخاب مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم ، ويكون حكم المحكمة الدستورية ملزماً للكافة ولسائر المحاكم.)) وعليه فإن المحكمة تختص بما يلي : 1-     تفسير النصوص الدستورية . 2-     الفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين والمراسيم بقوانين واللوائح. 3-     الفصل في الطعون الخاصة بانتخاب مجلس الأمة أو بصحة عضويتهم. وفي المادة الرابعة من القانون بينت الأشخاص الذين يحق لهم التعامل مع المحكمة حيث نصت على (( ترفع المنازعات إلى المحكمة الدستورية بإحدى الطريقتين الآتيتين:

أ- بطلب من مجلس الأمة أو من مجلس الوزراء.

ب- إذا رأت إحدى المحاكم أثناء نظر قضية من القضايا سواء من تلقاء نفسها أو بناء على دفع جدي تقدم به أحد أطراف النزاع، أن الفصل في الدعوى يتوقف على الفصل في دستورية قانون أو مرسوم بقانون أو لائحة توقف نظر القضية وتحيل الامر إلى المحكمة الدستورية للفصل فيها.

ويجوز لذوي الشأن الطعن في الحكم الصادر بعدم جدية الدفع وذلك لدى لجنة فحص الطعون بالمحكمة الدستورية في خلال شهر من صدور الحكم المذكور وتفحص اللجنة المذكورة في هذا الطعن على وجه الاستعجال.)) وعليه فإنه من يحق له التقدم إلى المحكمة برفع الدعوى كل من : 1-     مجلس الأمة. 2-     مجلس الوزراء. 3-     من ترى إحدى المحاكم أثناء النظر في قضية من القضايا سواء من تلقاء نفسها أو بناء على دفع جدي تقدم به أحد أطراف النزاع، أن الفصل في الدعوى يتوقف على الفصل في دستورية قانون أو مرسوم بقانون أو لائحة.  في خضم ماذكرناه آنفاً يتبين لنا من أن تعديل المخالفات التشريعية للقانون لا تكون في ضوء دستورنا الحالي إلا في إحدى الطرق وهي : 1-     التعديل التشريعي عبر السلطات المعنية في القنوات المشروحة سابقاً. 2-     التقدم أمام المحكمة الدستورية بالطرق والوسائل التي بيناها. خالد طعمة كلية الحقوق – جامعة الكويت

 

 

 

 

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] للمزيد أنظر، عثمان خليل عثمان، القانون الدستوري،  ص39، محمود حلمي، المبادئ الدستورية العامة، ص71، رمزي الشاعر،  ص 492 ـ 493. - Hauriou(m), Precis de droit constitutionnel, op. cit., P. 283 [2] للمزيد أنظر : عثمان خليل عثمان، دستورية القوانين الدكتور: عبد الرزاق السنهوري، مخالفة التشريع للدستور والانحراف في استعمال السلطة التشريعية، مجلة مجلس الدولة المصري، يناير 1952، ص 1-116 منذر الشاوي: ـ القانون الدستوري، الكتاب الأول، مطبوعات جامعة بغداد، 1967م. ـ معنى الرقابة على دستورية القوانين، مجلة القضاء التي تصدرها نقابة المحامين في العراق، العدد الأول السنة الخامسة والعشرين، 1970م، ص 7 ـ 46. محمود حافظ: ـ موجز القانون الدستوري، القاهرة، 1956. ـ القرار الإداري ـ دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1975م. محمود حلمي: المبادئ الدستورية العامة، دار الفكر العربي، القاهرة، 1964م. مصطفى أبو زيد فهمي:             النظام الدستوري للجمهورية العربية المتحدة، دار المعارف، الإسكندرية، 1966.

[3] المواد 19، 28 ، 32 ، 41 ، 46 من الدستور الكويتي. [4] للمزيد أنظر :

Prelot, institutions politiques et droit constitutionnel, op. cit., P. 205-206 [5] يعتبر من انجازات اللجنة القيام بالتعديل الذي سبق لنا ذكره مسبقا في الحديث عن القوانين التي تم تنقيحها .

الآن - رأي: المحامي خالد طعمه

تعليقات

اكتب تعليقك