صدمة الانتخابات مطلوبة وضرورية، برأى د. الخضاري لايقاظ التيار المدني

زاوية الكتاب

كتب 573 مشاهدات 0



الراى


فكر وسياسة / التيار المدني في الكويت... وساعة الحقيقة!

 

وفق مخرجات الانتخابات الحالية، تكاد التيارات الدينية أن تعلن عن نجاحها في مشروعها القائم على إعادة تشكيل الهوية الثقافية للدولة، في تتويج لسياستها القائمة على اختراق بعض التشكيلات الاجتماعية والتحالف معها، والزحف على مفاصل الدولة وأماكن صنع القرار على المستويين التنفيذي والتشريعي.
ولقصة النجاح تلك أسباب عدة، لعل أهمها هو اهتمام تلك التيارات بالعمل الاجتماعي والتطوعي الموجه، فلم تركن لاستراتيجية تختزل الفعل السياسي في مشاريع فردية وحملات انتخابية تنشط موسميا وتنتهي بانتهاء الحملات الانتخابية، وهو ما تم استدراج الكثير من الحركات السياسية المدنية إلى تبنيه والعمل بمقتضاه بشكل أو بآخر.
ولعل هذا يطرح أسئلة صريحة ومنطقية حول حجم وتأثير ما يصطلح عليه بالتيار المدني في الكويت، في ظل واقع أثبت بالتجربة محدودية تأثير نواب هذا التيار حتى وإن ازداد عددهم في برلمانات سابقة، فالحقيقة هي أن أجندات الحركات الدينية كانت تُتداول علنا وبنجاح مميز في ظل وجود رموز من التيار المدني في مواقع متقدمة في الجهازين التنفيذي والتشريعي في الدولة، وهو ما لم تتم ترجمته في بناء حراك جماهيري فاعل على الأرض يشكل رافدا للهوية المدنية للدولة ويدافع عنها في وجه الآلة الاعلامية والاقتصادية الضخمة التي يتوافر عليها التيار الديني بأجنحته المختلفة.
لقد فشلت الحركات المدنية في الكويت في التصدي للمشروع الديني الاقصائي، بل شهدنا تحولات غريبة أيضا لمن كنا نظنهم من «جماعتنا»، والذين أضحوا بفعل اختزال الفعل السياسي في انتخابات مجلس الأمة والرغبة في الحفاظ على الكراسي الخضراء يزايدون على التيار الديني في بعض توجهاته، وما قضية منع دخول نصر حامد أبوزيد وتأييد هذا المنع من قبل بعض النواب «الليبراليين» ببعيدة عنا، وكل هذا يتم في ظل اجترار التيار المدني لخطاب يستدعي الإرث التاريخي للحركة الوطنية في الكويت في غياب لمعالجات مطلوبة لقضايا ملحة على الساحة، وفي تغييب غير مقصود في أفضل الأحوال للعنصر الشبابي ومحاكاة اهتماماته وهمومه، كل هذا وفق آليات قاصرة للفعل الاجتماعي لا تعتمد العمل المؤسسي ذا البعد الجماهيري، ولا تقدم مشروعا متكاملا لاعادة بناء الدولة والمجتمع والتيار نفسه.
في ظل هذا الواقع، يبدو من الغرابة بمكان ابداء الصدمة من مخرجات الانتخابات المنصرمة، وإن كانت هذه الصدمة مطلوبة وضرورية لايقاظ التيار المدني من سباته العميق، خصوصا مع تدافع نواب التيار الديني في الاعلان عن توجهاتهم حتى قبل قيامهم بالقسم الدستوري، فأتحفونا بتعديل المادة الثانية وأسلمة القوانين والتعريض بكل مظاهر الفرحة والبهجة البريئة في هذا البلد، مما يشي بالأسوأ في المقبل من الأيام.
لقد حانت لحظة الحقيقة للتيار المدني في الكويت، فإما النهوض من جديد وفق معالجة شاملة تستهدف تقديم التيار كطوق للنجاة من مآزق طائفية واجتماعية مقبلة، وكمحاولة أخيرة لانقاذ الدولة ومؤسساتها من الانهيار التام، وإما الانزواء مرة وللأبد عن ساحة التأثير في واقعنا الكويتي.
باختصار..
حان وقت العمل... و«كافي تحلطم»!!

تعليقات

اكتب تعليقك