صناعة الأغذية تتهيأ لسنة قاسية أخرى ..بقلم لويس لوكاس
الاقتصاد الآنفبراير 7, 2012, 1:18 ص 648 مشاهدات 0
محال السوبرماركت البريطانية تحكي القصة كاملة. ففي وقت تفيد فيه التقديرات أن تسعاً من كل عشر من بيضات عيد الفصح عليها عرض خاص، يتهيأ منتجو الأغذية لسنة قاسية أخرى.
تفوّق قطاع الطعام والشراب الأوروبي، المعروف بصفاته الدفاعية، في أدائه على أداء السوق في أثناء الفوضى الاقتصادية والمالية التي شهدها العام الماضي. لكن ذلك التوجه أخذ ينعكس الآن مع تجمع السحب في الأجواء الخاصة بهذه الصناعة – وتزايد شهية المستثمرين للقطاعات الأكثر خطورة.
يقول مارتن ديبو، وهو محلل في شركة إنفيستيك: ''سيكون هذا العام عاماً صعباً. هناك ضغط مستمر على نمو الإيرادات الإجمالية وبيئة السلع ليست حميدة بالقدر الذي يعتقده بعضهم''.
والانخفاض الكبير في أسعار السلع، التي تراجعت 11 في المائة من أعلى مستوى بلغته في شهر شباط (فبراير)، لا يقع مباشرة على الأرباح الصافية للشركات المصنعة. وتدفع قلة من هذه الشركات أسعاراً فورية، بدلاً من استخدام العقود والشراء الآجل، وتتخذ الاحتياطات بهدف تقليل التذبذب.
وتشير الدلائل الأولية من شركات إنتاج الأغذية في الولايات المتحدة إلى أن التضخم ما زال ''عقبة كبيرة'' في هذه السنة المالية، كما يقول أندرو لازار من بنك باركليز كابيتال. ويتوقع معظم الشركات التي ليست لديها سنوات تقويمية، تضخماً بخانة عشرية عالية إلى خانتين عشريتين منخفضتين – أو في حالة شركة SJM التي تعمل في مجال شراء القهوة، بحدود أوائل الـ20 في المائة.
وفي الوقت نفسه، ما زال المتسوقون في بلدان العالم المتقدم في ضائقة مالية، كما هي حالهم دائماً. فقد أصدر سوبرماركت تسكو، أكبر سلاسل السوبرماركت في المملكة المتحدة من حيث المبيعات، تحذيراً بشأن الأرباح. وأصدر أصحاب محال بقالة آخرون أرقاماً مخيبة للآمال. ويشير ذلك إلى تعرض الموردين لمزيد من الضغط.
وتعمل شركة بيرتونز بسكيتس التي تورد عُشر الكمية التي ترد إلى سوق المملكة المتحدة، على افتراض أنه سيطلب منها تقديم مزيد من الحسومات في هذا العام، وتقديم حسومات أكثر في عام 2013. ويقول بن كلارك، الرئيس التنفيذي للشركة: ''سيكونون أكثر إلحاحا من أي وقت مضى فيما يتعلق بالسعر. وأي شخص يعتقد غير ذلك هو بصراحة شخص ساذج''.
ويشير تشارلي ميلز، المحلل في بنك كريدي سويس، إلى اقتسام مبيعات تجار التجزئة ـ 30 في المائة هامش ربح إجمالي و70 في المائة تدفع للشركات المصنعة ـ ويقول: ''سيسعى هؤلاء التجار دائماً للحصول على أكبر قدر ممكن من شركات التصنيع''.
ولا تقتصر هذه الكآبة على المملكة المتحدة. ففي الجانب المقابل من المعمورة تحدثت عدة شركات مصنعة عن تراجع في المبيعات الأسترالية، حيث أزالت محال السوبرماركت ذات القدرة العالية على المنافسة، الجميع باستثناء العلامة التجارية التي تحتل المرتبة الأولى بلا منازع من الأرفف، كما يقول مدير تنفيذي في إحدى الشركات المصنعة.
ومن المتوقع أن تصطف على أرفف محال التسوق في الولايات المتحدة كميات مماثلة من شوكولاته عيد الفصح، مثل المملكة المتحدة، على افتراض أن الأسعار ستكون مشابهة لما كانت عليه في العامين الماضيين، كما تقول مجموعة سيمفوني إي آر آي المتخصصة في أبحاث السوق.
وكما يوحي هذا، فإن ميزان القوة في الولايات المتحدة فيما يتعلق بالتسعير بدأ يبتعد عن المصنّعين. وانكماش الناتج المتواضع ''سيفرض تحديات على قدرة الصناعة على الاحتفاظ بالتسعير، خاصة إذا ظلت البيئة الاستهلاكية ضعيفة''، كما يقول لازار.
ويواجه الأمريكيون مشكلة إضافية تتمثل في العملة. فالدولار الأمريكي الأقوى قد يخفض نمو الإيرادات لشركات مثل كرافت وبيبسي كو وهاينز وسارة لي بنسبة 2-3 في المائة، وفقاً لتقديرات شركة بيرنستين للأبحاث.
ويعاني الأمريكيون أيضاً، مع استثناءات قليلة، على رأسها شركة كوكا كولا، من تعرض أقل للأسواق الناشئة التي لا تزال مزدهرة مقارنة بمنافسيهم الأوروبيين، الذين يحققون الآن 40 - 50 في المائة من المبيعات من العالم النامي.
وفي أسواقها المحلية، تعاني المجموعات الأمريكية والأوروبية مشاكل تشمل طاقة الإنتاج المفرطة في بعض المجالات، والميزانيات المثقلة بالديون، والمنافسة. ومع تقليل المستهلكين لإنفاقهم، يرى المصرفيون الأمر بمنزلة البقاء للأصلح بين المنتجين.
أول ضحايا الاندماج هذا العام كانت شركة روبرت وايزمان لمنتجات الألبان. فقد تم شراء الشركة المزودة لثلث الحليب الطازج في بريطانيا من قبل مجموعة ميولر الألمانية لمنتجات الألبان.
ويتوقع المصرفيون أن تكون صناعات أخرى في مجال الغذاء مدفوعة أيضاً نحو الاندماج. فالخبز، مثل الحليب السائل، هو مجال عمل هائل ولوجيستي مكلف وهوامشه متقلصة، وفي ظل هذا الوضع لن يرغب المنظمون في تقلص المشهد التنافسي.
وتمثل هذه الشركات المحلية أنموذجاً مصغراً للمعضلة الأكبر: كيف يمكن بيع مزيد من السلع، أو السلع ذات القيمة الأعلى للمستهلكين العازمين على تقليل الإنفاق؟ ويقول ألان إيرسكين، المحلل في بنك يو بي إس: ''سيكون نمو الإيرادات مدفوعاً بالكامل تقريباً بنمو الكميات''.
ويوضح مايكل ستيب، المحلل في مورغان ستانلي، هذه النقطة بالاستشهاد بشركة يونيليفر، التي ستطلق عملية نشر تقارير القطاع لهذا الموسم غداً. فقد التهم تضخم تكاليف المدخلات 5.5 نقطة مئوية من مبيعات عام 2011 في شركة يونيليفر، الشركة المصنعة لسمن فلورا ومكعبات المرق كنور.
وبما أن ملصقات الأسعار لا تزال عالية على أساس سنوي وفوائد جهود تخفيض التكاليف لا تزال جارية، ستشهد الشركات الأوروبية هوامش إجمالية أكبر، كما يتوقع ستيب.
وهو يعتقد أيضاً أن هذا موجه نحو تحفيز نمو المبيعات من خلال الحملات الترويجية ''المدفوعة بضغوط الحجم من أكثر المستهلكين فقراً وتجار التجزئة الذين يتعرضون لضغوط شديدة''.
وحتى لو حصلت صناعة المواد الغذائية على كعكتها على شكل انكماش متواضع للناتج، من المرجح أن يكون تجار التجزئة هم الذين يأكلونها.
تعليقات