الصناديق السيادية الخليجية تزيد استثماراتها بالهند

الاقتصاد الآن

406 مشاهدات 0



على مدى الأعوام الخمسة الماضية، كان الاقتصاد العالمى ينظر للفرص المتاحة فى الشرق، ففى الوقت الذى عانت فيه أغلب الاقتصادات المتقدمة من مزيج من النمو البطىء وشيخوخة السكان ومستويات عالية من الديون، لعبت كل من الهند والصين دور المحرك البديل الذى حافظ على مستوى الطلب العالمى.

ووفقا لتقرير اقتصادى نشرته صحيفة 'الرياض' السعودية، يعيش فى الهند أكثر من 1.2 مليار نسمة، وتتمتع بمعدلات نمو عالية للناتج المحلى الإجمالى، ترتقى الحالة المالية للملايين من السكان إلى 'الطبقة المتوسطة'، مما ينتج عنها زيادة فى القدرة الاستهلاكية، ولكن الهند واجهت أيضاً مصاعب عديدة خلال الخمسة أعوام السابقة، وكان أهمها التضخم الذى أعاق قدرة الحكومة على تحفيز الاقتصاد المتباطئ.

وبعد فترة قصيرة من الانكماش فى 2009، عاد التضخم بقوة ليصل إلى أكثر من 10% فى إبريل 2010، واستمر عند هذه المستويات حتى وقت قريب جداً، وقد ازداد تأيثر ذلك على المستهلك الهندى بشكل قوى مع انخفاض سعر صرف الروبية الهندية بنسبة 20% تقريباً مقابل الدولار الأمريكى فى 2011، مما جعل السلع المستوردة - خصوصاً النفط – أكثر كلفة.

وفى فترة مثل تلك، اضطر البنك المركزى الهندى إلى رفع معدلات الفائدة اثنتى عشر مرة بـ375 نقطة أساس إجمالياً، أى ما يعادل 3.75% حتى وصلت إلى المعدل الحالى الذى يبلغ 8.5%، وقيّدت هذه المعدلات العالية للفائدة قدرة الأفراد على الاقتراض، وزادت بالتالى معدلات الادخار، كما حدت الشركات من الدخول فى مشاريع واستثمارات جديدة التى تمكّنها من التوسع.

وأخيراً، بدأ التضخم بالانخفاض فى أكتوبر الماضى، مما دفع المستثمرين إلى ترقب تحولات فى السياسات الاقتصادية بهدف دعم النمو. وفى يوم الثلاثاء الماضى، بدأت هذه التحولات بالفعل عندما أعلن البنك المركزى عن تخفيض معدل الاحتياطى النقدى، وهو نسبة من الودائع تلتزم البنوك بالاحتفاظ بها نقداً لدى البنك المركزى، بـ50 نقطة أساس حتى وصلت إلى 5.5%، وبهذا التخفيض يمكننا أن نقول إن التخفيف النقدى لتحفيز الاقتصاد قد بدأ، وسيستمر خلال 2012، حسبما نقلته 'العربية – نت'.

تستخدم الدول عدة أدوات وسياسات مالية ونقدية بهدف تحفيز اقتصاداتها، وأكثر هذه الأدوات شيوعاً هو سعر الفائدة، الذى ينظر له على أنه كلفة الاقتراض فبزيادته تزيد التكلفة والعكس صحيح. ومن الأدوات الأخرى هى عمليات السوق المفتوحة، التى يضخ أو يسحب البنك المركزى من خلالها السيولة النقدية وذلك عبر شراء أو بيع السندات، ومعدل الاحتياطى النقدى.

وتلتزم أغلب البنوك بهذا المعدل، كنسبة من ودائع العملاء من أجل ضمان السيولة للمودعين، وفى حالة الهند، ثبتت هذه النسبة عند 6% منذ مايو 2010، الأمر الذى قيّد 3.85 ترليونات روبية هندية (أى ما يقارب 77 مليار دولار أمريكى) لدى البنك المركزى الهندى ومنعتها من التداول فى النظام المالى، وسيساهم انخفاض 50 نقطة أساس من معدل الاحتياطى النقدى فى ضخ ما يعادل 6.5 مليارات دولار أمريكى فى الاقتصاد الهندى، ليزيد من السيولة المتوفرة للشركات والمستهلكين، مل سيدفع بدوره إلى ارتفاع مستويات الاستهلاك والاستثمار، وبالتالى ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى.

وقد خفض أغلب المحللين توقعاتهم عن الاقتصاد الهندى خلال عامى 2011 و2012، وتبعتهم لذلك الحكومة الهندية أيضاً عبر تخفيض النمو المتوقع للسنة المالية التى تنتهى فى مارس 2012 من 7.6% إلى 7% مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضى، وستستمر المخاطر السلبية فى 2012، ففى ظل ضعف الطلب العالمى، تزداد الحاجة إلى إصلاحات تنظيمية فيما يخص الاستثمار الأجنبي، ولايزال مستوى التضخم أعلى من المعدل الذى يفضله البنك المركزى والذى يقع بين 4% و5%.

فالوضع المالى الحالى لا يبدو جيداً، لكن أساسيات الاقتصاد الهندى ثابتة ولم تتغير، فقد نتج عن الفترة الطويلة من ارتفاع أسعار الفائدة معدلات ادخار عالية، التى ستزيد من الإنفاق الرأسمالى عند انخفاض أسعار الفائدة مجدداً، وقد وضعت الحكومة الهندية خطة خمسية تبدأ من عام 2012 إلى عام 2017، مع تركيزها على تحسين البنية التحتية السيئة للهند.

والأهم من ذلك هو أن الهند تمتع بعدد سكانى شبابى كبير على عكس الصين، وهم اليوم يتهيئون لدخول سوق العمل، إضافة إلى أن الجامعات الهندية أصبحت تخرّج اليوم محترفين طليقين باللغة الإنجليزية. ومع كل هذه العوامل الدافعة، تشهد الهند العديد من الفرص فى قطاعات البنية التحتية والقطاعات الاستهلاكية، وهى القطاعات التى بدأ المستثمرون النظر إلى الفرص التى توفرها على الرغم من الأداء السلبى للأسواق الهندية فى 2011.

وخصصت مؤخراً الهيئة العامة للاستثمار فى الكويت، وهى واحدة من أكبر الصناديق السيادية فى العالم، مليار دولار أمريكى لاستثمارها فى صناديق استثمار طويلة الأجل فى الهند، وسيكون تركيز هذه الاستثمارات على أسهم قطاعات مختلفة من السوق الهندى. كما تستثمر صناديق سيادية خليجية أخرى فى الاقتصاد الهندى، فجهاز أبو ظبى للاستثمار يملك حصص فى شركات تكنولوجية ومالية وكيميائية وشركات السيارات الهندية. وبالإضافة لذلك، تملك الصناديق الاستثمارية العمانية والقطرية مراكز مهمة فى سوق الأسهم الهندى، فكل هذه الدول تشترك بقناعة واحدة: أن الهند تمتلك عوامل ودوافع قوية للنمو، وهى بذلك تراهن على أن الاستثمار فى الهند سيكون مجدياً.


 

الان ووكالات

تعليقات

اكتب تعليقك