التسويق الماكر!! بقلم د.عبدالعزيز بن علي المقوشي

الاقتصاد الآن

824 مشاهدات 0

التسويق

     قبل عدة سنوات زارني رجل غربي، وطرح عليّ مساعدته في مشاركة عدد من كبار رجال الأعمال وعدد من كبار المسئولين السعوديين في إصدار يعتزم نشره وطباعته ويحتوي ذلك الإصدار على مجموعة مميزة من كبار الشخصيات التي تُعد حسب وجهة نظره ضمن الشخصيات الأكثر تأثيراً في وطننا العزيز، وكان يشير إلى أنّ الهدف من ذلك الإصدار يتمثل في التعريف بالمملكة وبالكفاءات والقدرات الوطنية فيها، مؤكداً أنّ المشاركة في ذلك الإصدار تعد مشاركة وطنية وأنها أيضاً مشاركة مجانية 'غير مدفوعة التكاليف' بمعنى أنها لا تكلف المشترك أي تبعات مالية. وبدأت باقتراح مجموعة كبيرة من الشخصيات التي كنت أعتقد أنها تمثل بالفعل واجهة متميزة لوطننا العزيز كما بدأت في جهود التواصل مع تلك الشخصيات وإقناع البعض منهم للمشاركة في ذلك الإصدار.

وبعد حوارات مستفيضة ولقاءات متعددة أيضاً مع ذلك الرجل عرض عليّ إمكانية مشاركة آخرين ولكن بمقابل مالي هذه المرة! وأيقنت بعد صدورذلك الإصدار أنه لم يكن أكثرمن 'جمع' للمال بأسلوب تسويقي ماكر!! ذلك أنّه كان يستثمر الشخصيات المتميزة ويمنحها مساحات مجانية في إصداره من أجل اقتناص شخصيات بسيطة وضعيفة تدفع له المال مقابل أن تكون ضمن ذلك الدليل الذي يشير عنوانه إلى أنّ المشتركين فيه هم من قادة الفكر والرأي أوصنع القرار والتنمية في المملكة!!.

وبعد عدة سنوات زارني شخص آخر لكنه عربي هذه المرة، 'حيث تعلم من الغربيين هذا الأسلوب التسويقي الماكر' وعرض عليّ فكرة تأسيس جائزة تحت مسمى عالمي وطلب مني أن أشرف على تنفيذها وعندما تعمقت معه في كيفية التنفيذ وأسلوبه ووسائله والجهة المرخصة له أدركت يقيناً أنّ المسألة لم تتعد موضوع 'نهب المال' بأساليب مبتكرة!! فرفضت المشاركة في تلك الجائزة واعتقدت جازماً أنّه لن يتمكن من تنفيذها. لكن المفاجأة الأكبر كانت في اطلاعي على تلك الشخصيات الكبيرة التي منحتها الجائزة 'الوهمية' جوائزها في مجالاتها المبتكرة. وتلك التغطيات الإعلامية المكثفة للجائزة!! وتذكرت حينها ما كان 'وربما لا يزال' يقوم به كباررجال الأعمال عندما يشيدون مراكز تجارية ضخمة، حيث يقومون بمنح الأسماء التجارية الكبرى مساحات مجانية لفترات زمنية قد تتجاوز الثلاثة أعوام بهدف تسويق ما يتبقى من مساحات عندما يشيرون إلى أن المجمع يحمل بين جنباته الشركة 'الفلانية' و'المحل التجاري الشهير'!!. ومثلهم الممتهنين لمجالات الإعلان والدعاية وغيرها كثير!.

أعلم أنّ مثل هذه الممارسات قد لا يمكن السيطرة عليها لكنني أتمنى أن تتم السيطرة من قِبل وزارة الثقافة والإعلام 'على الأقل' على ما يتم من خلال أولئك الأجانب الذين يفدون إلى المملكة تحت مسميات مختلفة لإصدارات تبدو 'مضحكة' أحيانا وهم بهذا 'يشوهون' وجه الوطن أكثر من أن يساهموا في 'تجميله'.. والرأي لكم .

الآن: جريدة الرياض

تعليقات

اكتب تعليقك