المحامي النمشان: فيصل المسلم ليس سيء السمعة

زاوية الكتاب

كتب 1225 مشاهدات 0

حمدان النمشان

' حرية ' الفرد في الترشح لانتخابات مجلس الأمة .. كفلها الدستور بموجب المـادة ( 82 ) منـه ، ومتى تـم قيد الفرد في كشوف المرشحين نشـأت لـه ' رخصة ' خوض غمار الانتخابات أو الانسحاب منها ، أما حين يفوز بالكرسي الأخضر تحت قبة عبدالله السالم تصبح عضوية المجلس ' حق ' له .

ورخصة الفرد في خوض سباق الانتخابات – بعد القيد في كشوف المرشحين – مرهونة بألا يكون قد حُكم عليه بعقوبة ارتكاب جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة ، ولم يُرد إليه اعتباره وفقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 35 لسنة 1962 في شأن انتخابات أعضاء مجلس الأمة .

كما أنه ليس كشف كل ' الأسرار ' يعتبر جريمة مخلة بالشرف والأمانة ، ودليل ذلك أن جريمة كشف ' السر الانتخابي ' المنصوص عليه في المادة ( 43 /7 ) من قانون الانتخابات رقم 35 لسنة 1962 ، لا تعتبر جريمة مخلة بالشرف والأمانة ، رغم أن عقوبتها قد تصل إلى الحبس ستة أشهر ( وهى عقوبة أغلظ من عقوبة جريمة إفشاء سر بنكي ) .

كما أن ' الفعل ' الواحد قد يعتبر جريمة مخلة بالشرف والأمانة لشخص ، ولا يعتبر كذلك لشخص أخر ، بدليل أنه قد يسلم موظف عام مستند هام لصحافي ، وينشره الصحافي ، ويعتبر الفعل بالنسبة للموظف العام جريمة مخلة بالشرف والأمانة ، وبالنسبة للصحفي من إحدى جرائم المطبوعات والنشر ، وهى غير مخلة بالشرف والأمانة .

وكل ما سبق ينطبق على ' فيصل المسلم ' ، فهو ليس سيء السمعة ، بدليل :

1- أنه بعد أن أصبح فيصل المسلم نائباً ، ' حق ' له كشف أي مستند تحت قبة عبد الله السالم ، طالما لم يتعسف في استعمال هذا الحق ، وهو ما لم يحدث ، ومن غير المقبول سلبه هذا ' الحق ' ، واعتبار الحكم الصادر ضده مخل بالشرف والأمانة ، لأن استعمال الحق دون تعسف لا يُسأل عنه الفرد العادي ، فما بال عضو مجلس الأمة ! !

2- إنه وإن كان قضاء الحكم قد أدان ' فيصل المسلم ' نهائياً بالاشتراك في جريمة كشف ' سر بنكي ' ، إلا أن كشف هذا ' السر ' من غير من أؤتمن عليه لا يعتبر جريمة مخلة بالشرف والأمانة ، ومن المعلوم أن فيصل المسلم لم يُسلم إليه هذا الشيك بصفته موظف عام في البنـك ، كما أنه لم يؤتمن عليه ، وخير دليل على ذلك قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ' آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان ' . متفقٌ عليه ، وفيصل المسلم لم يؤتمن على ' صورة الشيك ' حتى يمكن القول أنه خان الأمانة ، وبدليل أنه ُبريء من جريمة خيانة الأمانة .

3- أنه لو قلنا بأن ما أرتكبه ' فيصل المسلم ' جريمة مخلة بالشرف والأمانة ، لجعلناه في مركز قانوني أسوأ – وهو عضو مجلس الأمة – من الصحفي الذي يصل إلى يديه ' مستند ' وينشره ويُعاقب عن جريمة مطبوعات ونشر ، فهذا لا تعتبر جريمته مخلة بالشرف والأمانة ، وذاك تعتبر جريمته كذلك ! !

4- لا ينكر أحد أن نشر خبر ' الإيداعات المليونية ' ، فعل أقسى مما فعله فيصل المسلم ، وإن في نشره كشف لأسرار بنكية ، واهتزاز لائتمان البنوك ، ولم يقل أحد أن نشره كان جريمة ، أو إن فيه إفشاء لسر بنكي ! !

5- أن القانون لم يُعرِِ ف من هو سيء السمعة ، وأن الأمر محل اجتهاد قضائي ، يختلف من واقعة لأخرى ، ومن شخص إلى أخر ، بل ومن مجتمع إلى أخر ، والمُستقر عليه قضاءً أن الجرائم المخلة بالشرف والأمانة هي تلك التي ترجع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع ، مع الأخذ في الاعتبار الظروف التي ارُتكبت فيها والأفعال المكونة لها ومدى كشفها عن التأثر بالشهوات والنزوات وسوء السيرة .

6- أن المشرع الدستوري قد نظم الحقوق والحريات بمبادئ أصولية حاكمة ، أخصها هو التمتع بهذه الحقوق والحريات ، وأن الحظر والحرمان منها هو الاستثناء ، وأنه لا يكفى لحرمان المواطن من مباشرة هذه الحقوق – ومنها حق الترشيح – مجرد معاقبته بموجب حكم جزائي نهائي بعقوبة – وحتى وإن وصلت إلى سلب الحرية وليس مجرد الغرامة – وإنما لا بد أن يكون الحكم الموجب للحرمان صادراً في جناية أو جنحة من الجنح المخلة بالشرف والاعتبار .
 


صفوة القول أن ' القضاء الإداري ' قضاء ' خلاق ' ، ومن ثم فإن ' إشكالية ' فيصل المسلم يجب أن تُعرض على القضاء الإداري ليقول فيها كلمته بحسبان أن الجريمة التي أرتكبها سلفاً لا تدخل في عداد الجرائم المخلة بالشرف والأمانة ، ونناشد المشرع التدخل لوضع نص قانوني واضح ووصف جامع ومانع يتم على أساسه تحديد من هو ' سيء السمعة ' ، لا أن يُترك الأمر هكذا في يد الجهات الإدارية ، لأن ' الفرد ' قد يقع ضحية لعملية ' ابتزاز ' من آخرين في تحرير عشرات قضايا ' التبديد ' الوهمية والتي يمكن بعد ذلك اعتبارها من الأفعال التي يوصف صاحبها بأنه سيء السمعة .


المحامى

حمدان النمشان

الآن - رأي: المحامي حمدان النمشان

تعليقات

اكتب تعليقك