بمشاركة نخبة من المفكرين والباحثين

منوعات

ندوة القرين ترصد الواقع الجديد وتستشرف آفاق الثورات العربية

1558 مشاهدات 0


بحضور نخبة من المفكرين والباحثين الكويتيين والعرب، افتتحت أمس في مكتبة الكويت الوطنية فعاليات الندوة الرئيسية لمهرجان القرين الثقافي الثامن عشر والتي تعقد تحت عنوان «الواقع العربي الجديد: تأصيل واستشراف» بهدف النظر في مجريات الحراك الجماهيري في مختلف بقاع الوطن العربي في محاولة لفهم هذا الحراك ومعرفة أسبابه ودوافعه على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والحقوقية، كما تسعى الندوة من خلال وقائعها التي تستمر ثلاثة أيام في جلسات صباحية ومسائية إلى توصيف الأحداث الجارية على الساحة العربية اليوم، ومحاولة تقدير مدى التغير الذي أحدثته، ورسم ملامح القوى السياسية والاجتماعية الجديدة الفاعلة على الساحة، ثم تحاول في ضوء ما سيطرح من آراء استشراف ملامح المستقبل الجديد للوطن العربي بناء على معطيات واقعنا العربي، وعلى مدى إمكانيات التغير الحقيقي فيه وحدود هذا التغير.

الطريق إلى الآن
البداية كانت بمراسم الافتتاح الرسمي في مسرح مكتبة الكويت الوطنية، حيث تم عرض فيلم وثائقي تحت عنوان «الطريق إلى الآن»، والذي يرصد هذا الحراك محاولا إيجاد إجابات لكل ما يعتمل في النفوس من تساؤلات يثيرها الحراك الجماهيري العربي، وتحاول الندوة التصدي للإجابة عنها، وما سيكون عليه الحال في المستقبل العربي بكل أبعاده.
ثم دعا عريف الافتتاح الإعلامي محمد الحشمان الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحة لاعتلاء المسرح وإلقاء كلمته التي رحب فيها بضيوف الكويت، ومضى قائلا: ببالغ السعادة، يسرني أن أرحب بكم في افتتاح ندوة «الواقع العربي الجديد: تأصيل واستشراف»، متمنيا لكم باسم راعي الندوة  الشيخ حمد جابر العلي الصباح وزير الإعلام ورئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، كل النجاح في هذا الملتقى، وكل الإفادة والاستفادة منه، آملا للإخوة الضيوف طيب الإقامة في بلدهم الكويت، التي تعتز بلقاءات المثقفين العرب في رحابها، وسط أجواء الرعاية والإبداع والثقافة والفن، بناء على توجيهات سامية من  صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، وعناية سمو ولي عهده الشيخ نواف الأحمد.

وأضاف اليوحة: لعله من اللافت أن تنعقد وقائع هذه الندوة في وقت يتزامن مع استعدادات دولة الكويت للاحتفال بالعرس الديموقراطي الذي ستشهده كويتنا الحبيبة مع الانتخابات التشريعية، تلك الانتخابات التي أصبحت مثالا يحتذى في ترسيخ الشفافية، وحق المواطن في اختيار ممثليه، ويرجع ذلك إلى الإرادة السياسية الحكيمة التي تسير بخطى ثابتة نحو تكريس مبادئ الديموقراطية في شتى المجالات، وفي ظل هذه الأجواء الديموقراطية التي اعتادت عليها الكويت منذ استقلالها انتعشت الثقافة لتوفر هذا القدر من الحرية، لأنه لا ثقافة من دون الحرية، والدليل على ارتباط الثقافة بالحرية هو أن المجتمعات التي يتوافر فيها هامش جيد من الديموقراطية، يتوافر فيها تكوين ثقافي جيد ومبدع، أما المجتمعات التي تسودها الأنظمة الديكتاتورية القمعية، فتقتل فيها الثقافة ويتوقف الإبداع، ومن ثم تتوقف عجلة التطور.
وتابع: تقف أمتنا العربية اليوم على مفترق طرق في عصر العولمة الثقافية، وما أفرزه هذا العصر من متغيرات، أكاد أزعم أنها سبب رئيسي في الحراك الجماهيري الذي يحدث حاليا في بعض بقاع الوطن العربي، وهو أمر يفرض على كل مثقف، وكل مفكر، على امتداد وطننا العربي، أن يدلي بدلوه في هذا الشأن، وأن يقدم رؤيته عن أسباب هذا الحراك ودوافعه على مختلف المستويات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية، وكيف ينظر إلى ملامح المستقبل بناء على معطيات واقعنا اليوم، وهل يعتقد أن دور النخبة المثقفة ينبغي أن يكون مقصورا على الرصد والمتابعة والتحليل فقط، أم ينبغي أن يتجاوز هذه المرحلة إلى حد يركز فيه على رسم الطرق وتحديد التوجيهات والسيناريوهات المستقبلية، وتوجيهها الوجهة التي تحقق مصالح المجتمع وحمايته، إنها مجموعة من التساؤلات التي نطرحها على ندوتكم الكريمة، والتي نأمل أن تسفر عن نتائج إيجابية وتوصيات علمية، تساعد على فتح المزيد من الآفاق أمام محاور هذه الندوة، بشكل يتناسب مع المرحلة الراهنة التي تعيشها أمتنا العربية، والتي تطلب من المثقفين يقظة شديدة لما يحيط بنا من ظروف، كما تتطلب حسن الإعداد فكريا وثقافيا لما ينتظرنا من تحولات وسط عالم تسوده توجهات معقدة من عولمة وتدفق هائل للمعلومات عابر للحدود والحضارات، من خلال تكنولوجيا تتقدم يوما بعد يوم، وإننا على ثقة أن هذه الندوة ستنعكس إيجابا بمزيد من إسهامات دولة الكويت في معالجة قضايا الأمة العربية، تماما كثقتنا أن النقاش في الجلسات بين إخواننا المشاركين والحاضرين من الكويت والوطن العربي، هو ضمان لنجاح الندوة ونتائجها.
وأختتم اليوحة كلمته بالقول: وفي الختام، لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر العميق والتقدير العظيم للسادة المشاركين في هذه الندوة، ولكل من سيثريها بالحوار والنقاش.
سائلين المولى عز وجل أن يحفظ هذا الوطن من كل سوء تحت قيادة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، وولي عهده الأمين.

الجلسة الأولى: الخلفيات السياسية
استهلت الندوة أعمالها بجلسة صباحية تحت عنوان «الخلفيات السياسية» منطلقة من إطار عام يتساءل حول الجذور الحقيقية لما يحدث اليوم في العالم العربي، وفحص الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أدت إلى الأحداث الراهنة على الساحة العربية فيما أطلق عليه «الربيع العربي».
ترأس الجلسة الأولى الدكتور محمد الرميحي أستاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت، وشارك فيها كل من: الدكتور منصور بوخمسين أستاذ تاريخ أوروبا الحديث بجامعة الكويت والدكتور محمد بن سلامة أستاذ العلوم السياسية المقارنة بجامعة اليرموك - الأردن والدكتور شفيق الغبرا أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت.
أول المتحدثين كان الدكتور منصور بوخمسين الذي أكد في بداية حديثه على أن المجتمعات الإنسانية بمجملها هي دائما في تطور مستمر، لكن المجتمعات الإنسانية هي دائما في طور من أطوار التحول. كانت القفزة الأولى في تطور الإنسانية عندما تحولت المجتمعات المبكرة من مرحلة الجمع والالتقاط كوسيلة للعيش، وهو النمط الذي كان سائدا حتى فترة قريبة بين سكان أستراليا الأصليين وقبائل كالاهاري، إلى الزراعة والرعي كوسيلة للإنتاج، وحمل هذا التطور الإنسانية من البدائية والكفاف والمجموعات السكانية الصغيرة ذات التنظيم البسيط إلى مجمعات كبيرة ذات كثافة سكانية عالية، أنشأت المدن والكيانات السياسية الكبيرة كدولة المدينة والممالك والإمبراطوريات وما رافق ذلك من تطور ثقافي وقانوني وديني وسياسي.

وتابع: كانت المرحلة الثانية في تطور المجتمعات الإنسانية هي الانتقال من الزراعة إلى الصناعة، أي الانتقال من المجتمعات الزراعية الاقطاعية التقليدية إلى المجتمع الصناعي البورجوازي الحديث، وقد رافق هذه النقلة تغير شامل في أنماط الحياة وظروف المجتمع وتنظيماته، شملت كل جانب من جوانبه.
وأضاف بوخمسين: كان التغير الأكثر أهمية في هذه المرحلة، أي المرحلة الثانية، هو التغير الديموغرافي، الذي شمل الزيادة الهائلة في عدد السكان والتغيير الكبير في الهرم السكاني بنمو قاعدة ذلك الهرم التي تتمثل بزيادة كبيرة في نسبة الشباب ومن هم دون العشرين في المجموع السكاني، ونمو المدن من حيث العدد والطاقة الاستيعابية، وما رافق ذلك النمو من تزايد مطرد في حجم الطبقة الوسطى، وانتقال الكثافة السكانية من الريف والبادية إلى المدينة، أما التغير الثاني فكان انتقال الاقتصاد من اعتماده على الزراعة والرعي والحرف التقليدية إلى الاعتماد على الصناعة والخدمات والزراعة الكثيفة التي تعتمد الميكنة.

سياسيا، كان أهم التحولات التي رافقت التحديث هو ظهور ما يعرف بالدولة القومية المركزية والنمو الهائل لدور الدولة في حياة الأفراد إذا تعاظمت قدرة الدولة على السيطرة والتحكم، بسبب التطور الكبير في وسائل الاتصال وتوافر الإمكانيات المادية.
وتابع بوخمسين: إن ما يحدث الآن في العالم العربي ما هو إلا حراك يهدف إلى إضفاء بعض التوازن على الخلل الكبير الذي احدثته عملية الحداثة على تلك المجتمعات بأنحائها المختلفة، تلاشت أو اختفت عوامل الاستقرار التي كانت توفرها المؤسسات التقليدية، ولم تتمكن مؤسسات الدولة الحديثة من الحلول مكانها، كما تنامت المجتمعات المدنية وتزايد فيها العلم والثقافة، واتسعت وانتشرت وسائل الاتصال والانتقال وخرج الحراك الفكري والثقافي من عباءة الدولة والمؤسسات التقليدية، وانفصلت ثقافة الجيل الثاني والثالث ممن هاجروا إلى المدينة من الريف والبادية عن ثقافة الآباء والأجداد، وانعكس كل ذلك على الإطار السياسي.

الجذور الفكرية
وتحدث الدكتور محمد بن سلامة عن الجذور الفكرية للثورات الديموقراطية العربية، مؤكدا أن الثورات جميعا من البحرين إلى المغرب أسبابها واحدة وهي الفساد والاستبداد، وأهدافها واحدة وهي الخبز والحرية، ووسائلها واحدة وهي سلمية مدنية، وطبيعتها واحدة فهي شعبية وشبابية، ولا دور للقوى الخارجية والغربية على وجه الخصوص في قيامها، مشيرا إلى أن هذه القواسم المشتركة بين هذه الثورات في العالم العربي تجعلها ثورة ديموقراطية عربية برغم وجود بعض الاختلافات الطفيفة بين بعض الثورات ولكشف الجذور التاريخية للثورة الديموقراطية العربية، واستعرض بن سلامة ثلاث حقب تاريخية مرت على المنطقة العربية، مشددا على أن الحرية كانت على مر التاريخ جوهر وجود الإنسان، وأن الإنسان العربي شأنه شأن بقية الشعوب في ذلك.
وخلص بن سلامة إلى أبرز ملامح الثورة الديموقراطية العربية على النحو التالي:
1 - عنصر المفاجأة: فالتراكمات قديمة وقائمة، لكن لماذا وكيف قامت الآن؟ هذا سؤال الإجابة عنه تسقط عنصر المفاجأة، ومن دون المفاجأة لا تقوم الثورة، إذ أن أبسط شروط نجاحها هو عدم توقعها.
2 - غياب دور النخبة السياسية والشخصيات الكارزماتية، فالثورة شعبية قادها مواطنون عاديون والمواطن أصبح أعلى سلطة في النظام الديموقراطي الذي كان إحدى نتائج الثورة.
3 - غياب دور القوى الخارجية والغرب تحديدا، فهذه ثورة داخلية شعبية وإن حاولت القوى الخارجية في النهاية استمالة هذه الثورات من أجل مصالحها.
4 - إنها ثورة مطلبية من أجل الخبز والحرية وليست لأهداف أخرى أيديولوجية مثل الوحدة أو التحرر أو ما شابه ذلك.
5 - كشفت هذه الثورة عن حجم الفساد المستشري في أنظمة الحكم وذلك من خلال كشفها عن أرصدة فلكية للقادة العرب.
6 - استجابت الأنظمة التسلطية في البلاد العربية للمطالب الشعبية السلمية بأساليب تراوحت بين القمع الوحشي وتوجيه الجيوش ومختلف أنواع الأسلحة إلى صدور الشعب الأعزل إلى استخدام المرتزقة والبلطجية والشبيحة والزعران وغيرها من أساليب كشفت عن حالة الإفلاس والعجز السياسي التي وصلت إليها هذه الأنظمة.

لحظة جيل
من جانبه، وصف الدكتور شفيق الغبرا أحداث الربيع العربي بلحظة الجيل، لحظة جيل الشباب العربي الذي أغلقت في وجهه كل أبواب الأمل، والعمل، ولم يجدوا مدارس ولا مستشفيات تحفظ لهم آدميتهم، ذهبوا إلى السفارات الأجنبية بهدف الهجرة قيل لهم أنتم عرب، أنتم مسلمون، أنتم غير مرغوب فيكم، فركبوا السفن ليموتوا في عرض البحر، ومن نجا منهم واجه واقعا مريرا، وجد نخبة صغيرة تتحكم بكل الأمور ولا مكان للشباب، ورأوا أهاليهم يعيشون حياة بائسة فقرروا أن يغيروا واقعهم بأيديهم ونزلوا للساحات والميادين يطالبون بسقوط الأنظمة.
ورأى الدكتور الغبرا أن أحداث الثورات العربية تنسجم انسجاما مباشرا مع الطبيعة الإنسانية، فالإنسان يريد الحرية ويسعى إليها، والإنسان بطبعه يكره الدولة، والديموقراطية هي أقصى ما يصنع الدولة في حجمها الطبيعي ويحد من سلطة وتسلط الأجهزة الأمنية ويحولها من أداة قصرية إلى أدوات أكثر ارتباطا بالإنسان والمواطن.

المداخلات
عقب انتهاء المتحدثين، أعلن رئيس الجلسة د. محمد الرميحي عن فتح باب النقاش والمداخلات والتي جاءت على النحو التالي:
- د. صالح القلاب: قبل نحو 400 سنة لم نشعر بأننا مواطنون، كنا رعايا وأقل من رعايا خلال المرحلة العثمانية والاستعمار والانقلابات العسكرية وحكم الديكتاتوريات، وهذا الحراك ربما يؤدي إلى صراع تدميري أخشى أن نذهب بعده إلى استبداد جديد، نحن في فترة صعبة، لاسيما أننا نسمع أصواتا تتحدث باسم الوحي وتتكلم باسم الله.
- خالد شقران: ما يحدث في الوطن العربي الآن هو واحد من الأسباب التي أدت إلى انكماش الطبقة الوسطى بسبب فساد النخبة، واليوم كل الأنظمة مدعوة للتغيير.
- طالب الرفاعي: أضم صوتي للخوف الكبير من الوصول إلى ما هو أسوأ، وأتساءل: إلى أين سيأخذنا الطريق إلى الحرية؟ وهل سنسقط من التاريخ أم سندرك نهاية طريق الحرية؟
- د. شملان العيسى: الانتكاسات التي أعقبت الثورات الأوروبية هي بالنسبة لنا تقدم، وعلى الأقل لم يكن عندهم إخوان مسلمون ولا سلفيون، وأتساءل: من أين سيأتي التغيير إذا كان الشباب هم أنفسهم من اختاروا الإسلاميين ومكنوهم من الأغلبية في الانتخابات البرلمانية؟
- د. باقر النجار: الإسلاميون أنفسهم متخوفون، كيف سيترجمون شعاراته إلى واقع؟ والتخوف الحقيقي من أن تفلت الأمور في بعض الدول ونجد ارتدادات للحراك العربي في محاولة للتمسك بامتيازات الأنظمة السابقة.
- عبدالمحسن المظفر: للأسف نحن قصرنا في تطبيق بعض المبادئ التي آمنا بها منذ سنوات ولم نعطي أنفسنا فرصة لتمكين الإسلاميين من الحكم، لنرى هل سينجحون أم سيفشلون لتقوى حجتنا في الحكم عليهم

الجلسة الثانية: معضلات التنمية الاقتصادية
ترأس وزير المالية الأسبق الدكتور يوسف الإبراهيم الجلسة الصباحية الثانية والتي عقدت تحت عنوان «معضلات التنمية الاقتصادىة» وتحدث فيها كل من د. محمد كمشكي أستاذ إدارة الأعمال بجامعة البحرين ود. حامد العجلان الباحث والمتخصص في الاقتصاد الإسلامي، والدكتور حازم الببلاوي الخبير الاقتصادي والمتخصص في الاقتصاد السياسي.
استهل رئيس الجلسة الحديث بالإشارة إلى أنه خلال السنوات العشر  الماضية بلغ النمو الاقتصادي العربي ضعف النمو الاقتصادي في الدول الصناعية الغربية ولكن هذا النمو الاقتصادي العربي لم يستفد منه الإنسان العربي، مشيرا إلى أن ثلثي سكان العالم العربي تحت سن 29 سنة، وأن البطالة بين الشباب بلغت 25% وبين النساء بلغت 30%، وأن تكلفة البطالة بين الشباب بلغت 40 مليار دولار بما يقارب الناتج المحلي لتونس أو لبنان على سبيل المثال.
وتحدث د. حامد العجلان عن التمويل الإسلامي في الخليج، مشيرا إلى أن الاقتصاد الإسلامي على المدى الطويل سيؤدي إلى علمنة المجتمع، ويذكرنا ما حدث في أوروبا بهذا الاتجاه.
وقال العجلان إن حرب 1967 كانت نقطة تحول تاريخية وبداية للصحوة الإسلامية والفكر الاقتصادي والتمويل الإسلامي، وأدت كذلك إلى انكفاء الفكر العربي القومي، وحتى في إسرائيل عندما رأى بن جوريون اليهود يبكون على حائط المبكى قال في تشاؤم: لم نؤسس إسرائيل ليتحكم فيها هؤلاء.
وقال: الصحوة الإسلامية أدت إلى مظاهر مدمرة وأخرى حميدة، ومن المظاهر المدمرة ظهور التطرف الديني الذي أدى إلى عمليات إرهابية وانتحارية تجلت قمتها في أحداث 11 سبتمبر.
كذلك حدثت مظاهر إسلامية حميدة مثل نشوء الفكر الاقتصادي الذي أدى إلى نشوء البنوك الإسلامية في منتصف السبعينيات، واتخذت تفسيرا صارما فيما يتعلق بالربا وحدث خلاف بين المدارس الفكرية في الخليج والأزهر الشريف.

التنمية المستدامة
وتحدث الدكتور محمد كمشكي من البحرين عن التنمية المستدامة في الوطن العربي، مشيرا إلى غياب الرؤية المنهجية والأسس العلمية في توجيه المشاريع التنموية في الوطن العربي بعكس ما يحدث في دول العالم المتقدم التي تعتمد على مراكز البحوث العلمية التي تعرض البدائل وتطرح الرؤى وتساعد متخذ  القرار على اتخاذ القرار الصحيح، بينما في الوطن العربي، فهناك اجتهادات فردية وضعف في مراكز البحث العلمي لذلك كثير من المشاريع لا توازي حجم الموارد العينية المتوافرة، وهناك جدل حول التعامل مع الموارد الطبيعية العربية المتوافرة.

الإنسان والطبيعة
وتحدث الخبير الاقتصادي د. حازم الببلاوي عن علاقة الإنسان بالطبيعة وكيف أن الإنسان استخدم قوته وطاقته في المراحل الأولى من التنقل والرعي قبل الزراعة وحتى في عهد الزراعة شارك القوة الحيوانية وقوة الميكنة إلى أن استقر في عصر الصناعة وسخر قوة الآلة في استخدامات الصناعة.
وحول الأزمة الاقتصادية العالمية تحدث الببلاوي عن أن أخطر ما فيها ليس أن الإنتاج يتناقص ولكن تناقص الأموال السائلة، والعالم كله يتعامل بالأموال كرمز وحق على السلع، ومؤخرا باتت الأسهم والسندات في تداولاتها حول العالم رمزا للتعاملات الاقتصادية ولا أحد يعرف أين هذه الأموال في ظل العولمة التي تتعامل اقتصاديا بالرمز كالعملات أو الأسهم والسندات، ونحن في عالم يتقدم باستمرار ومرتبط بنتيجة الاقتصاد وحركة الرموز على مستوى العالم.

الثورة المصرية
واستعرض الببلاوي تجربته كوزير للمالية ونائبا لرئيس مجلس الوزراء المصري في أول حكومة بعد الثورة المصرية، مشيرا الى أنه ألف كتابا عنوانه «أربعة شهور في قفص الحكومة»، ويستعرض فيه تجربته باطلاعه من قرب على تفاصيل الحالة المصرية الاقتصادية، مشيرا الى ان مصر قادرة على تخطي أزمتها ولكنها ستتعرض لأزمات بطبيعة الحال في كل الثورات.
وانتقد الببلاوي موقف الدول العربية من عدم مساعدة مصر في محنتها الاقتصادية التي تستوجب التدخل السريع الآن وعدم انتظار وضوح الرؤى السياسية، مؤكدا أن المستثمرين ربما يكونون محقين في تخوفهم لكن يجب ألا تنتظر الدول العربية حتى تتحسن الأوضاع لأنه ساعتها لن يأتي النظام الذي نريد.

المداخلات
وعقب انتهاء المتحدثين أعلن رئيس الجلسة د. يوسف الإبراهيم فتح باب النقاش والمداخلات.
فقالت منى فياض: لن تنجح الثورات العربية ما لم يتعاون العرب، ولدينا كل الإمكانيات التي تؤهلنا لوحدة عربية حقيقية.
محمد الحمد: أتحفظ على ربط الفقر بالارهاب لأن أكبر عملية إرهاب عالمية شارك فيها أثرياء من أغنى دولة عربية - خليجية.
د. ابتسام الكتبي: إذا سلمنا بأن العامل الاقتصادي كان أحد المتغيرات الرئيسية في قيام الثورات العربية فهل سيستمر هذا العامل فاعلا ورئيسيا في المرحلة اللاحقة لقيام الثورات.
د. خالد شقران: ليس هناك ضير من بيع المؤسسات الضعيفة للقطاع الخاص لإعادة جودتها وإنتاجيتها، لكن المصيبة في الخصخصة هو الاستغلال اللامحدود للنخب في جميع الوطن العربي.
د. شملان العيسى: كيف نقيم التجربة الإسلامية في البنوك الإسلامية الكويتية وهي لا تخضع لرقابة البنك المركزي.
صالح القلاب: إذا لم تتحرك الدول العربية لمساعدة الدول التي حدثت فيها ثوراغت وبالأخص مصر، فالساحة ستكون خالية لاستقطاب البديل، والبديل هذا لن نختاره، بل هو الذي سيفرض نفسه.

الآن-ثقافة

تعليقات

اكتب تعليقك