محمد عبدالقادر الجاسم يدعو الحكومة إلى استغلال جرأة الراشد والصقر والشايع لفك ارتباطها 'السياسي' بالجماعات الدينية

زاوية الكتاب

كتب 806 مشاهدات 0



 

تحرير المجتمع ..! 
 
كتب محمد عبدالقادر الجاسم

لا أظن أن هناك فرصة واقعية لموافقة مجلس الأمة على الاقتراح بقانون المقدم من النواب محمد الصقر وعلي الراشد وفيصل الشايع في شأن إلغاء قانون منع الاختلاط. فالأغلبية النيابية، ومعها الحكومة، لن تجرؤ على تمرير هذا الاقتراح لأسباب عدة. ولست هنا مهتما بمستقبل الاقتراح ولا بأسباب توقع فشله، لكنني مهتم جدا في الاقتراح كونه يشكل سابقة مهمة جدا في بروز صوت لديه الجرأة في تحدي التوجه العاطفي العام السائد في المجتمع. أقول توجه عاطفي لإدراكي أن الموقف من الاختلاط في المدارس والجامعات هو موقف عاطفي لا موقف عقلانيا. وقد جرت العادة على خضوع أعضاء مجلس الأمة والحكومة أيضا في القضايا ذات البعد الديني حتى وإن كان هذا البعد قد تم حشره حشرا في المسألة المطروحة.
إنني أحيي النواب الصقر والراشد والشايع على جرأتهم بغض النظر عن مصير اقتراحهم، فهم في تقديم هذا الاقتراح ربما يواجهون حملات شرسة ضدهم تتهمهم بالكفر والزندقة وغير ذلك من تهم تمتلأ بها عقول خصومهم.
والآن يجب على الحكومة قبل غيرها أن تستغل جرأة النواب الثلاثة وتعمل على فك ارتباطها “السياسي” بالجماعات الدينية. وعليها تحديدا أن تتوقف عن محاولات تغيير هوية المجتمع بالتواطؤ مع تلك الجماعات من أجل مكاسب سياسية آنية كما فعلت وهي في سبيل الدفاع عن نورية الصبيح. كما يجب على كل من يؤيد توجه النواب الثلاثة من كتاب ومؤسسات المجتمع المدني المبادرة في إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح بأن نجعل الدستور مرجعيتنا الوحيدة في إصدار القوانين. فالدستور هو الذي يحدد هوية المجتمع وهو الذي يجب علينا التقيد بنصوصه وروحه وجوهره، ودستورنا لم يجعل الدين مرجعية سياسية أو قانونية.
إن النقاش حول منع الاختلاط يأخذ دائما البعد الديني، أو بعبارة أخرى ما يجري الآن هو مناقشة الاختلاط وقضايا أخرى من ذات الفصيلة على طاولة الدين، في حين أن النقاش الجدي يجب أن يتم على طاولة الدستور. أي لابد من إخضاع أي اقتراح أو قانون لحكم الدستور، فإن كان مخالفا له فلا حياة لهذا القانون، وإن كان متوافقا معه فالأمر يحسمه التصويت في مجلس الأمة. إن دستورنا دستور مدني، وهو يتعامل مع الحرية وحق الاختيار باعتبارها من المقومات الأساسية للمجتمع التي لا يجوز العبث فيها تحت أي حجة أو ذريعة.
أعود فأقول أنه يجب استغلال اقتراح الصقر والراشد والشايع لإعادة الاعتبار للمجتمع المدني الذي أسسه الدستور، وعلينا أن ندعم أي محاولة تمرد على هيمنة الجماعات الدينية التي خضعت لها الحكومة. لقد نجحت الجماعات الدينية المتطرفة والمعتدلة في فرض رؤاها على المجتمع بعد أن عرفت كيف تتلاعب في الحكومة، كما نجحت تلك التيارات في إخراج قضايانا من دائرة المشروعية والدستورية إلى دائرة الرأي الديني وهذا ما يدفعنا إلى المطالبة بتصحيح الوضع وطرح قضايانا ومناقشتها وتشريحها على طاولة الدستور فقط. أي تحرير المجتمع.
إن مصداقية الجماعات الدينية «مضروبة».. فهم، حين لزم الأمر، وافقوا على الفوائد الربوية، وهم أيضا يلتزمون الصمت أمام المخالفات«الشرعية» الجسيمة التي ترتكبها مؤسساتهم التجارية، بل هم من بين أكبر المستفيدين منها! كما أن «المسحة» الدينية التي يتخفون فيها تتساقط حاليا مع انتشار الكثير من الفضائح لبعض«رموزهم»!
 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك