عبدالله زمان يستنهض القوى المدنية والليبرالية والوطنية للوقوف فى وجه تحالف الإخوان والسلفيين

زاوية الكتاب

كتب 754 مشاهدات 0



الراى

بئس التزاوج... بين «السلفية» و«الإخوان»


| عبدالله زمان |

ابتداءً وجب الإقرار بأن أقوى تنظيم سياسي بالعالم العربي والإسلامي هو تنظيم الاخوان المسلمين لما يملكون من الخبرة والاقتدار في إدارة وتطبيق الاستراتيجيات العامة وتقسيم عمليات تنفيذها حسب المرسوم له في كل دولة وكل قضية.
ومن جانب آخر، كانت الحركات السلفية بالوطن العربي أقل منها حضورا في الساحة السياسية. وكانت السلفية السياسية تتمركز في الخليج العربي وتحديدا في السعودية والكويت، أمّا في بقية الأقطار العربية كانت شبه معدومة على الساحة السياسية.
وفي مقابلة مع الأستاذ ضياء رشوان مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال بأن الحركات السلفية ستظهر على الساحة السياسية بعد ثورات الربيع العربي، لكنها لن تستطيع البقاء على هويتها السلفية المعهودة، بل ستذوب تدريجياً بحركات وأيديولوجيات الاخوان المسلمين. وهذا فعلاً ما بدأ يحصل.
في تونس، حيث اعتلى الاخوان سدة الحكم، نرى تصدر الشخصيات السلفية للندوات والمؤتمرات التي تتحدث عن ثمرات الربيع العربي وكيفية تحويلها إلى ربيع إسلامي في سائر الأقطار العربية. ومن شواهد هذا الدليل هو مشاركة السلفي الخليجي النائب السابق الدكتور وليد الطبطبائي في مؤتمر ربيع الثورة العربية في تونس أخيرا، والكلام الخطير الذي قاله في نهاية كلمته يعتبر مؤشرا واضحا لما نذهب إليه بختام هذا المقال.
وفي سورية أيضاً، هناك تحالف واضح بين السلفية المتطرفة المتمثلة بالشيخ عدنان العرعور والمدعوم خليجياً أيضاً، وتحالفه مع الاخوان المسلمين الخليجيين في الشأن السوري، والإثنان في هذا الملف تحت الغطاء التركي والاخواني.
وأخيرا، في مصر تحالف رسمي من قبل الاخوان المسلمين والحركات السلفية السياسية الجديدة والمولودة بعد نجاح ثورة مصر. المهم أن نعرف هنا، بأن حركات الاخوان المسلمين تستمد قوتها السياسية ف مصر قديماً، وفي تونس حديثاً، وبغطاء تركي معلن ودعم إحدى الدول الخليجية. والتيارات السلفية تلقى دعماً قديماً أيضاً من دولة خليجية أخرى.
والجدير بالذكر، بأن هاتين المدرستين مختلفتان من حيث المتبنيات السياسية وفقهها بشكل جذري. وما يدلل على هذا الخلاف الجذري مثلاً، هو ما قاله أحد مفكري الاخوان المسلمين حينما أفتى بضرورة قيام كل الشعب اليمني على حاكمه الظالم، ليرد عليه العالم السلفي بأن هذا الشخص، أي المفكر الاخواني، ليس أهلاً للإفتاء في دم الحيض، فكيف له أن يفتي بدماء الشعب اليمني ورئيسه. والسؤال هنا، على الرغم من هكذا اختلاف بنيوي، فما المصلحة التي جمعتهما؟
ما أود استنتاجه، بأن التزاوج بين هاتين الكتلتين سيخلق بالتأكيد كتلة كبيرة جداً وقوة سياسية ضاربة لن تستطيع أي قوة سياسية أخرى الوقوف أمامها. والمولود المرتقب سيرث النفوذ الشعبي والعقلية الاخوانية البرغماتية والمال والغطرسة السلفية. ولكم أن تتخيلوا ما هي القوة التي سيمتلكها هذا المولود الجديد من فرض وتثبيت واقع يريده هو، وفقط هو، لأنه مَلَكَ الغالبية المالية والشعبية والسياسية النافذة.
لا أتصور بأن من يملك تلك القوة سيكتفي بالمطالبات «الإصلاحية» كما يزعم اليوم. لا سيّما وان بعضهم في الكويت مثلاً، لا يتورع بأن يمرر بعض أطروحاته في أسلمة الدولة برمتها لا فقط تعديل المادة الثانية. كما إن هذا التزاوج أتى بمباركة أميركية بشكل علني وصريح حينما صرّحت وزيرة الخارجية الأميركية بأنها ستتعامل مع أي سلطة إسلامية تصل للحكم في أي دولة عربية.
ولا أبالغ إن قلت بأن إنقضاض هذا المفترس الجديد على ما تبقى من نظام عربي يعتبر مسألة وقت، كما أشار له ضمنيا النائب السلفي د. وليد الطبطبائي في تونس.
وإن كان من يستحق اللوم وتحميل المسؤولية على ما آلت إليه الأمور، فهي الأنظمة العربية التي قرّبت تلك الحركتين منها في فترات زمنية متفاوتة بغية ضرب الواحدة بالثانية، وبالتالي استحوذت كل حركة على مكتسبات شعبية ونفوذ سياسي ما زالا يتمتعان به. وحتى أختم المقال بحل عام دون الولوج بالتفاصيل، أتوقع بأن تحالف القوى المدنية والليبرالية والوطنية في كل دولة عربية هو أمر حتمي للحيلولة دون إفساح المجال لهذا التزاوج أن يحصل وتتحقق أجنداتهم في الوصول للسلطة والحكم بطريقة أو أخرى...

 

تعليقات

اكتب تعليقك