محمد العوضي ينتقد مشايخ «الموز والكوسة»

زاوية الكتاب

كتب 6169 مشاهدات 0



الراى

خواطر قلم / مشايخ الموز والكوسة

مشايخ «الموز والكوسة»، هكذا أسمتهم الدكتورة آمنة نصير أستاذة الفلسفة الإسلامية بجامعة الأزهر.
ولقد أصابت الدكتورة في وصفها لهؤلاء المفتين وليتها زادت «الخيار والجَزَر»!!
خلاصة القصة ان أحد المشايخ المسلمين في أوروبا أصدر فتوى تناقلتها المواقع الإلكترونية، حرمت تداول المرأة «الموز والخيار» تجنبا لإثارتها جنسيا، وأكدت الفتوى على ضرورة وجود محرم مع المرأة في حال رغبتها في تناول «الموز والخيار».
وقالت الفتوى ان «الموز والخيار والجزر والكوسة» تشبه (...)، وهو ما يمكن ان يستدعي الى ذهن المرأة تخيلات جنسية تقودها للإثارة وربما الشعور بالرغبة.
وقد نشرت جريدة «الراي» الاربعاء 28 ديسمبر 2011 الخبر، وقام مراسلها بالقاهرة مشكورا بعرض هذا «الهوس» الذي سماه «فتوى» على أساتذة الأزهر فكان خلاصة كلام الأزهريين «ان هذه الفتوى لا أصل لها في الدين الإسلامي ووصفتها بـ (الكلام الفارغ) و(تهريج الحشاشين) الذي يشوه صورة الإسلام ما يجب على المسلمين التبرؤ منها ومن الفتاوى المشابهة».
ولعل أستاذ الفقه في جامعة الأزهر الدكتو عبد الحليم الصعيدي كان أكثرهم دقة في تشخيص صاحب الفتوى عندما قال لـ «الراي»: «ان صاحب هذه الفتوى مريض جنسيا وعليه أن يحرم أدوات النظافة المنزلية أو يفتي بألا تراها المرأة لأن الكثير منها يشبه...».
أمر عجيب وغريب ومريب ان يختم أحد المحسوبين على الفتوى وفي أوروبا عام 2011 بهذه الفتوى الجنسية السخيفة، في زمن يعرف فيه تعطش وسائل الإعلام ومواقع الاتصال الجديدة لكل مثير ليخلقوا جواً من الانتعاش للإعلام وللتشويه لهذا الدين الذي لا ينقصه المتربصون.
قبل يومين كتبت تغريدة بتويتر قلت فيها: «مشايخ، كرههم الناس وأقاربهم، ليس لأنهم يدعون للحق ويصدعون به وإنما لأنهم قساة غلاظ، حتى رواد المساجد نفروا منهم، هم قلة ولكنهم أساؤوا للدين»...
نعم أعرف من هجر الدين أو تمرد عليه بسبب ممارسات وشطحات وتناقضات بل و«دجل» من عُرف بالتدين والدعوة فأعطى أسوأ مثل للمتدين زوراً وبهتاناً.
وصاحب هذه الفتوى الجنسية أو سلة الفواكه التناسلية يعرض الدين للهزء والازدراء.
وفقهاء الطواغيت والجبارين يزيدون الطين بلة... لذا وجدنا علماءنا منذ زمن بعيد كتبوا في مدونات الفقه الكبرى أحكاما وآدابا وشروطا للمفتي. ولم يغفلوا عن التطرق الى الفتوى الشاذة والمفتي الماجن، بعد تعريف معنى المجنون في الفتوى، كما جاء في «درر الأحكام شرح مجلة الأحكام».
وذكر الفقهاء المحجور عليه، فنصوا على: «المفلس، والمدين، والطبيب الجاهل، والمكاري المفلس، والمفتي الماجن... بل ان أبوحنيفة، رحمه الله - الذي يرى عدم الحجر على السفيه احتراما لآدميته، يقول بوجوب الحجر على المفتي الماجن المتلاعب بأحكام الشرع. وللعلماء تفصيل في هذا الباب لأهميته وفي رسالة الدكتوراه الثمينة «أحكام السجن ومعاملة السجناء في الإسلام» للدكتور حسن أبوغدة مبحث كامل تحت عنوان «الحبس للتساهل في الفتوى ونحوه نقل فيه نصوصا عديدة للمجتهدين».
وفي 2010 أصدر الدكتور القرضاوي كتابا بعنوان «الفتوى الشاذة: معاييرها وتطبيقاتها وأسبابها وكيف نعالجها ونتوقاها».
وفي 2011 ألف أحمد العرفج كتابا بعنوان «الغثاء الأحوى في لم طرائف وغرائب الفتوى».
ومن عجيب المفارقات انني قضيت يومين مع مسلمين أوروبيين من هولندا وبلجيكا وايطاليا... في فندق الريجنسي حلوا ضيوفا على مركز التواصل الحضاري... رأيت فيهم النضج والحرص على فهم الإسلام في مقاصده الكبرى وعقيدته الشاملة الكاملة في تصورها للكون والإنسان والحياة... وهذا الفارق الكبير بين لعب بعض المشايخ وإشغال الناس وتشويه الإسلام وبين جيل غربي اعتنق الإسلام بوعي وصدق وحب وعرف مسؤوليته تجاه مشواره الجديد.


محمد العوضي

تعليقات

اكتب تعليقك