آثار وعقوبة جريمة غسيل الأموال

زاوية الكتاب

كتب 5117 مشاهدات 0


انتشرت في الآونة الأخيرة إحدي الجرائم الإقتصادية المرتبطة بالجريمة المنظمة ، وهي جريمة ذات نطاق دولي ، تلك الجريمة هي جريمة غسيل الأموال ، أو بعبارة أدق ' غسل المال القذر وتبييضه ' .

ماهية جريمة غسيل الأموال :
يعرف غسيل الأموال بأنه عملية يلجأ إليها من يعمل بتجارة المخدرات والجريمة المنظمة أو غير المنظمة لإخفاء المصدر الحقيقي للدخل غير المشروع والقيام بأعمال أخري للتمويه كي يتم أضفاء الشرعية علي الدخل الذي يتحقق .
وقد حدد المشرع الكويتي في المادة الأولي من القانون رقم 35 لسنة 2002 في شأن مكافحة عمليات غسيل الأموال ، مفهوم غسل الأموال في هذا القانون بأنه ' عمليات غسيل الأموال هي عملية أو مجموعة من عمليات مالية أو غير مالية ، تهدف إلي أخفاء أو تموية المصدر غير المشروع للأموال أو عائدات أي جريمة وأظهارها في صورة أموال أو عائدات متحصلة من مصدر مشروع ، ويعتبر من قبيل هذه العمليات كل فعل يساهم في عملية توظيف أو تحويل أموال أو عائدات ناتجة بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن جريمة أو أخفاء أو تمويه مصدرها ' .
ومفاد ذلك أن غسل الأموال القذرة هو عملية تمر بعدة مراحل حيث تقوم شبكات الإجرام الدولية المنظمة ذات الخبرة والاحتراف علي تخطيها مرحلة تلو الأخري ، آملة في تمويةالأساس الإجرامي لحصيلة أموالها الناجمة عن التجارة غير المشروعة وأخفائها وتسريبها ضمن الأنشطة التجارية المختلفة .
جريمة غسيل الأموال عبر الأنترنت :
أن غسل الأموال الذي يتم عبر شبكة الأنترنت هو أظهار الأموال المتحصلة من جرائم الإتجار بالتجارة غير المشروعة مثل المخدرات والأرهاب والقمار وغيرها بصورة أموال تتمتع بقانونية المصادر وشرعيتها عبر استخدامها لشبكة الأنترنت كأداة لإخفاء هذا المصدر غير المشروع أو ذاك والذي تحصلت عنه هذه الأموال .

وتتميز هذه الجريمة التي تتم عبر الأنترنت ، بسهولة ارتكابها نظرا لإستخدام الوسائل ذات الطابع التقني ، كما تتميز بسهولة اخفاء معالم الجريمة وصعوبة تتبع مرتكبيها وحرفية إرتكاب جريمة غسل الأموال عبر الأنترنت ، مما يتطلب قدرا كبيرا من الذكاء والمعرفة من جانب مرتكبها ، وقدرا أكبر من الحرفية من جانب من يتولي الإشراف علي جهود المكافحة ، إضافة إلي سرعة إرتكاب هذا النوع من الجرائم لأعتمادها علي وسائل الإتصال الحديثة .
وعملية غسل الأموال عبر الأنترنت تمر بثلاث مراحل:
1- مرحلة الأحلال :
وفيها يقوم غاسل الأموال بمحاولة إدخال الأموال المتأتية من نشاطه غير المشروع الى النظام المالى الألكترونى بمحاولة إجراء عمليات بيع وشراء الكترونى وتحويلات مصرفية والهدف منها التخلص من كمية النقود الكبيرة فى يدى مالكها وذلك بنقلها من صورة أرصدة الى مشتريات

2- مرحلة التغطية :
حيث يتم طمس علاقة تلك الأموال مع مصادرها غير المشروعة من خلال القيام بالعمليات المالية والمصرفية المتتالية عبر الأنترنت

3- مرحلة الدمج :
حيث يتم من خلالها دمج الأموال المغسولة فى الأقتصاد المتداول عبر الأنترنت والذ، يشكل نسبة كبيرة من التجارة الدولية بحيث يصبح من الصعوبة التمييز بينها وبين الأموال من مصادر مشروعة .
جرائم غسل الأموال على شبكة الأنترنت – د./ عبدالله عبد الكريم عبد الله
- طرق وأساليب غسيل (تبييض) الأموال :
تتعدد طرق وأساليب المخادعة والتموية التى يلجأ إليها أصحاب تلك الأموال ومن أبرز تلك الأساليب

1- شراء التحف والمجوهرات والسيارات والعقارات نقداً : حيث يقوم صاحب المال القذر بشراء التحف والمجوهرات والسيارات والعقارات بسعر أكبر من قميتها بكثير ونقداً ومن ثم بيعها من جديد بقيمتها الحقيقية ولو بخسارة


2- أستخدام بطاقات الأئتمان : وهذه الوسيلة تسهل عملية نقل المال من بلد لأخر دون خضوعها لإجراءات أو قيود التحويل المتبعة فى بعض البلاد حيث يقوم الجانى باستلام المال من أى ماكينة صرف الية فى بلد أجنبى فيقوم الفرع الزى صرف منه بطلب تحويل المبلغ إلية من البنك مصدر البطاقة فيقوم الأخر بالتحويل تلقائياً ويخصم القيمة على حساب عميلة وبهذه الطريقة يتهرب صاحب المال القذر من القيود التى تكون مفروضة على التحويلات .


3- انشاء الشركات الوهمية : فيعمد صاحب المال القذر الى أنشاء شركات أجنبية صورية لا تقوم بالغرض المذكور بعقد تأسيسها وأنما تقوم بالوساطة فى عمليات غسيل الأموال القذرة كشركات السياحة ومكاتب الأستيراد والتصدير والمطاعم والفنادق.... الخ .

4- الأثار المالية المترتبة على جرائم عسيل الأموال :

أولاً : من الناحية الأقتصادية :أن الدخل الناتج عن عمليات غسيل الأموال يؤدى الى إفساد المناخ الأستثمارى وأحتكار أصحاب تلك الأموال القذرة للسوق فلا تقوى المشروعات الناتجة عن مصدر مشروع على الصمود أو المنافسة أمام المشروعات الممولة بأموال قذرة .
بالأضافة الى ذلك أن أشتهار دولة بأنها متساهلة مع الأموال القذرة يفقدها الأستثمارات الجادة نظراً لخشية المستثمريين
أفراد أو شركات : ما قد يلحق بسمعتها من أضرار إذا أستثمرت فى تلك الدول .

ثانياً : من الناحية الأجتماعية :
1- أنتشار البطالة نتيجة لتهريب جزء كبير من الدخل القومى للبلاد الى الخارج لغسلها فتعجز الدول التى هرب منها رأس المال عن توفير فرص العمل لمواطنيها
2- أنهيار القيم فى المجتمع نتيجة الكسب غير المشروع وتزايد الفجوة بين طبقات المجتمع وأحتكار أصحاب الأموال القذرة للسواد الأعظم من المشروعات والعقارات ومصادر الدخل فى البلاد مما يزيد العداء بين الطبقات الدنيا فى المجتمع لتلك التى حصدت ثرواتها عن طرق غير مشروعة .

ثالثاً : من الناحية السياسية :
يتسلل أصحاب الأموال القذرة الى المجالس النيابية والتى تخولهم حصانة برلمانية ويؤثرون فى سن القوانيين التى تخدم مصالحهم غير المشروعه فينجم عن ذلك أنتشار الفساد فى الحياة السياسية والأجتماعية .

الإتفاقيات والمعاهدات الدولية لمنع غسيل الأموال:
نظراً لخطورة ظاهرة غسيل الأموال على المستوى المحلى والدولى وتأثيراتة الخطيرة على الأقتصاد الوطنى والدولى فقد تكاتفت الدول على محاربة هذة الظاهرة وأسفر ذلك عن إبرام عدة أتفاقيات منها :
1- أتفاقية فيينا سنة 1988 وذلك لمكافحة الأتجار غير المشروع فى المخدرات والمؤثرات العقلية .
2- بيان لجنة بازل بسويسرا عام 1988
3- لجنة فاتف سنة 1989 والمعدلة 1997
4- أتفاقية مجلس أوربا أستراسبور فى نوفمبر سنة 1995
5- أتفاقية باليرمو ديسمبر سنة 2000 (أتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية )

موقف المشرع الكويتى من هذة الجريمة :
أصدر المشرع الكويتى القانون رقم 35 لسنة 2002 فى شأن مكافحة عمليات غسيل الأموال  حيث حدد تعريف لعمليات غسيل الأموال وعقوبة مرتكبى هذه الجريمة وأحوال مضاعفة العقوبة والأعفاء من العقاب وذلك فيما يلى :

العقوبة المقررة :
حددت المادة ( 6 ) من القانون المذكور العقوبات التي يقع تحت طائلتها مرتكب الجريمة المذكورة علي النحو الآتي :
1- الحبس مدة لا تزيد سبع سنوات
2- غرامة لا تقل عن نصف قيمة الأموال محل الجريمة ولا تزيد علي كامل قيمة هذه الأموال .
3- مصادرة الأموال والممتلكات والعائدات والوسائط المستخدمة في ارتكاب الجريمة .


عقوبة الأشخاص الأعتبارية :
حددت المادة ( 12 ) من القانون المذكور أعلاه عقوبة الغرامة التي لا تجاوز مليون دينار اذا وقعت الجريمة لحساب الشركة أو بأسمها أو بواسطة أحد أجهزتها أو مديريها أو ممثليها أو أحد العاملين بها ، بالأضافة إلي إلغاء الترخيص  في مزاولة النشاط إذا كانت الشركة قد أنشئت بغرض أرتكاب إحدي الجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون .
وتتم مباشرة الدعوي الجزائية ضد الشركة في مواجهة ممثلها القانوني وقت اتخاذ الإجراءات .
مضاعفة العقوبة :
نصت المادة ( 7 ) من القانون المشار اليه  علي مضاعفة العقوبة المنصوص عليها في المادة السابقة في حالتين :
1- إذا تمت من خلال مجموعة منظمة .
2- إذا ارتكبها الجاني مستغلا سلطة وظيفته أو نفوذه .
الأعفاء من العقوبة :
أعفي المشرع في المادة ( 10 ) كل من بادر من الجناة بإبلاغ السلطات المختصة ومرتكبيها قبل علم السلطات بتلك الجريمة .
الأستثناءات علي قانون الجزاء :
خرج المشرع بقانون مكافحة غسيل الأموال عن القواعد التي تضمنها قانون الجزاء وذلك في مادته التاسعة ، ومن ذلك :
1- عدم سقوط الدعوي بمضي المدة .
2- عدم سقوط العقوبة بمضي المدة .
3- عدم جوازالقضاء بالأمتناع عن النطق بالعقاب .
4- عدم جواز الحكم بوقف تنفيذ العقوبة.


عز الدين عبد الرحمن   
مستشار بمكتب المحامي حمود فهد الهاجرى  

 

كتب: المستشار عز الدين عبد الرحمن

تعليقات

اكتب تعليقك