إبني بطل خارق وابنتي سندريلا
منوعاتديسمبر 22, 2011, 10:32 م 997 مشاهدات 0
أغلب المراهقين، إناثاً وذكوراً، يحوزهم نموذج البطل الخارق، فهذه السندريلا أو ذاك البطل الخارق، يحققان للمراهق الرغبة في اختراق الممنوعات، في حال كان سوبرمان مثلاً يقوم بما لا يجرؤ أحد في الواقع على القيام به مثلاً، أو حياز سندريلا أو الأميرة النائمة على الأمير الوسيم، الأمر الذي تحلم به كل فتاة مراهقة إجمالاً. وكم تغمر السعادة المراهق عندما يشاهد بطله الخارق في السينما أو التلفزيون وهو يقهر الأشرار، أو يقفز بين ناطحات السحاب ويقهر الأعداء من دون أن يصيبه أيّ مكروه، وكم يكون حلم المراهِقة جميلاً عندما يأتي فارس أحلامها على حصان أبيض، كما أتى في قصة ساندريلا، ليأخذها الى مكان أحلامها...
أفلام المجازفات والخيال جذابة أما الواقعية منها.. فلا!!
أشارت دراسة حول الإعلام المرئي والمسموع إلى أن البرامج الأكثر مشاهدة عند الأطفال بين 7 سنوات و14 سنة هي الأفلام. واللافت أنهم يفضلون الأفلام غير الملائمة لسنهم. وكشفت دراسة أميركية أن من بين 67 فيلمًا عُرضت بين عامي 2003 و2007 كانت الأفلام التي تحتوي على مشاهد فيها الكثير من المجازفات الخطرة والخيال العلمي أكثر شعبية ويشاهدها الجمهور مرّات عدة ، فيما الأفلام الواقعية لم تشاهد مرة ثانية. ويرى اختصاصيو علم نفس الطفل أنه مهما كان موضوع فيلم الخيال العلمي أو الأكشن وبغض النظر عن السن الموجّه إليها فإن هذا النوع من الأفلام يظهر عنف الأشخاص الأشرار أيضًا في شكل مبالغ فيه مما يؤثر سلبًا في الطفل. أما عن قصص الأميرات اللاتي يحققن الزواج أو الحب السعيدين مع الأمراء تركّز على الجمال والثروات وتحقيق الأحلام بسبب هذا الجمال...
كيف يتصرّف الطفل الى ان يصبح مراهقاً تجاه مشاهد الأكشن؟
يكمن الخطر الكبير في أن يقارن الطفل نفسه بشخصيات الفيلم. في هذه الحالة يمكن أن تتحوّل أفعال الأبطال إلى مثال يقتدي به ويقلده. كما يمكن القيام بعمل خطير يؤثر في صحته أو في حياته وحياة أصدقائه في المدرسة، فمثلاً قد يحاول تقليد سوبرمان وهو يطير. فضلاً عن أن صور العنف تثير عند بعض الأطفال اضطرابات سلوكية، تظهر في كوابيس وقلق وتوتر وعدائية في التصرّف.
الأطفال بين السادسة والعاشرة يكونون قادرين على التمييز بين الواقع والخيال، ويبدأون يفهمون معنى الصور، لذا يكون لديهم ميل إلى التحدث أثناء مشاهدة الفيلم والتعليق على المشاهد. ويحاولون أيضًا تقليد بعض الحركات كي يثبتوا أنهم فهموا فعلا معنى الصورة.
الأطفال فوق العاشرة لا يخضعون كثيرًا لرقابة الأهل ولديهم ميل إلى مشاهدة الأفلام التي لا تناسب سنهم. وبعضهم يمكن أن يكون غير قادر على السيطرة على انفعالاته عند مراقبة مشاهد العنف الموجودة في الفيلم.
حثوا مراهقكم ليسألكم بدل أن يسأل نفسه..
للوقاية وتجنّب التصرّفات الخطيرة عند الأطفال، على الأهل التنبّه إلى أن كل طفل يتلقى بشكل مختلف معنى الصور، فبعضهم يستطيع أن يدرك ما يراه ويسيطر على تفكيره، فيما قد يشعر طفل آخر باضطراب وتوتر ويسأل نفسه من دون أن يجرؤ على سؤال أهله. لذا من الضروري جدًا أن يراقب الأهل البرامج التي يشاهدها أطفالهم، فضلاً عن ضرورة التواصل معهم لتبيان ما إذا كانت الصورة توترّهم أم لا . فتحدّث الطفل مع راشد يجيبه عن تساؤلاته ويساعده في التعبير عن مخاوفه يمنحه الشعور بالطمأنينة.
مراهق يدرك الفرق بين أعمال البطولة على الشاشة والواقع..
من المعلوم أن المراهقة تكاد تكون ثورة نفسية وعقلية عند المراهق، يعبّر عنها أحياناً بسلوكيات وتصرفات لها طابع التجربة والمجازفة. فهو يريد اكتشاف العالم من حوله، وخوض التجارب، وإقحام نفسه في المجازفات التي تشكّل خطراً على حياته. وللإعلام، لا سيما التلفزيون والسينما، دور رئيسي في تشجيع المراهق على القيام بمجازفات. فالصورة الجميلة للبطل التي تقدمها أفلام السينما والمسلسلات التلفزيونية لها تأثير واضح عليه.
ورغم أن المراهق يدرك الفرق بين الخيال والواقع فإنه يميل إلى محاكاة بطله السينمائي، فالقليل من المجازفة والخطر يسمح له باختبار قدرته في التغلب على التحديات، ويمنحه الثقة بنفسه. ولكن هذا لا ينفي احتمال وجود آثار سلبية.
فإضافة إلى الأذى الجسدي الذي يكون نتيجة الإخفاق في المجازفة، هناك الأذى المعنوي الذي يؤثر سلباً في سلوكه ويزعزع ثقته بنفسه خصوصًا أمام أصدقاء الشلة الذين قد تتغير نظرتهم إليه. فبعدما كان بطل الشلة، صار فاشلاً يخفق في تحدياتهم التي تكون في نظرهم أعمالاً بطولية. وهذا الألم المعنوي قد يشكّل تجربة إيجابية بمعنى أنه يعلّم المراهق كيفية التعامل مع الفشل والإحباط. ويخدم الفشل المراهق بأن يضع صورة الذات لديه في إطار أكثر واقعية. وبدل الغرور السابق والاندفاع المبالغ فيه، تحل صورة أكثر واقعية.
ويبقى على الأهل دور مهم في مساعدة المراهق على التمييز بين الأفعال اللامسؤولة وغير الآمنة، وبين تلك التي تساعده على التطوّر الفكري. فاحتكاك المراهق بالخطر هو أيضاً بمثابة امتحان لوالديه ليتأكد ما إذا كان بإمكانهما وضع حدود لتصرفاته، إذ لا جدوى من وضع لائحة ممنوعات يتجاهلها في غيابهما، بل من الأفضل السماح له بمواجهة الخطر ومنحه بعض الحرية. فهو في حاجة إلى أن يشعر بنضوجه واستقلاليته، وبقدرته على تحمل مسؤولية نتائج أفعاله مهما كانت. فبعض من الحرية المسؤولة كفيل أن يجعل منه شخصاً مسؤولاً، قادراً على تقويم الأمور وتمييز الخطأ من الصواب.
المجازفة والطب النفسي
لفت الميل إلى المجازفة أعين أطباء النفس في العالم، لكن آراءهم اختلفت في تفسير هذه الظاهرة عند المراهقين. فذهب بعضهم إلى ربط المجازفة بالإحساس باللذة والإشباع النفسي والعاطفي الذي يرافق المراهقة. و رأوا أن المراهق يكرّر هذه المغامرة رغم خطورتها من أجل الحصول على تلك المتعة. في حين رأى البعض الآخر هذه الظاهرة من زاوية علاقتها بالدماغ و طريقة عمله، إذ وجدوا فيه مادة تسمى دوبامين (Dopamine) تفرز في ما يعرف 'مراكز النشوة' في الدماغ أو المخ. وتؤول المخاطرة إلى إفراز هذه المادة بقوة مما يعطي المراهق شعوراً ممتعاً جداً. وهكذا فسّروا المجازفة عبر علاقتها بالدوبامين ومراكز النشوة في المخ، وكأن المراهق يقدم على المخاطرة بحثاً عن المتعة التي تبعثها هذه المادة في دماغه.
تعليقات