البنوك شركاء 'القبيضة' لأنها تراخت في الإبلاغ عنهم وقد تكون شغلت هذه الأموال بقلم صالح الغنام

الاقتصاد الآن

718 مشاهدات 0


الغلط غلط, هذي ما فيها كلام. ومن اختلس 20 دينارا, كمن اختلس 20 ألف دينار. ومن ارتشى بألف, كالمرتشي بمئة ألف. كلهم في الحرام واحد, وضآلة الأرقام أو ضخامتها, لن تخفف من هول الجرم, ولن تغير من سواد الوجه شيئا. هذا طبعا في عرف القانون. أما في عرف العامة والإعلام, فالحسبة تختلف وتفرق. فلو اختلس 'كاشير' في جمعية تعاونية 12 دينارا من عهدته, لن تبرز الصحافة هذا الخبر, ولن يتابعه الناس - هذا إن تم نشره أصلا - بينما لو اختلس 'الكاشير' نفسه 12 مليون دينار, فسيكون خبر الاختلاس 'المانشيت' الرئيسي, وسيدفع الفضول بالناس لتتبع أدق تفاصيله! لاحظوا, في الحالتين الجريمة هي اختلاس أموال, ولكن أثر وتداعيات الاختلاس المليوني, كان أكبر وأعظم, رغم إن الجرم واحد!
 (سين) لماذا أقول هذا? (جيم) لأن الجهة التي نشرت فضيحة 'القبيضة' حرصت على أن تقرن الإيداعات التي تمت في حساباتهم ب¯ 'المليونية', حتى تضمن أكبر قدر من التفاعل والإثارة, وقد حصل. ولو إن تلك الجهة اكتفت بنشر الحقيقة وبأن حسابات عدد من النواب تضخمت ب¯ 'آلاف' من الدنانير, لما حظي ذلك الخبر بالزخم المخطط له. وأنا أشهد بدهاء الجهة الناشرة, فالأنباء المتواترة - بعد استدعاء 'القبيضة' - أن مبالغ الإيداعات التي تمت في حساب كل منهم, لم تصل إلى سقف المليون, ومع ذلك, لم يدقق الناس في هذه الجزئية, وإن حصل وتطوع أحدهم بسؤال الجهة الناشرة عن سبب تضخيمها للأرقام, فجوابها الحاضر سيكون: ليس مهما قيمة المبالغ المودعة, فالأهم إننا أثبتنا وجود حسابات متضخمة! 'شايفين النباهة'?
 الشاهد, فمع تأييدنا بإنزال أقصى العقوبة بحق من تثبت إدانتهم من 'القبيضة'. إلا أن العدل والإنصاف, يقتضيان مساءلة البنوك المعنية في أمرين, أولا: قبولها بإيداع مبالغ مالية من دون تحديد مصادرها - وفي هذا مخالفة جسيمة لقانون غسيل الأموال - وثانيا: تراخيها في الإبلاغ عن تضخم الحسابات في حينها. فالثابت أن تضخم حسابات 'القبيضة' تم قبل اشهر وربما سنوات, ومع ذلك لم تحرك البنوك المعنية ساكنا, إلا بعد تسرب الخبر إلى وسائل الإعلام. وهذا السلوك قد يدفع بسيئي الظن للارتياب في أن البنوك المعنية شاركت 'القبيضة' في اقتسام حلاوة الرشاوى... شخصيا, أربأ ببنوكنا أن تكون كذلك, لذلك لا مفر أمام البنك المركزي, غير إحالة البنوك المعنية إلى النيابة, للتحقيق معها, وبالمرة, معرفة ما إذا قامت بتشغيل المبالغ المشبوهة وتوزيع أرباحها على المساهمين!
 ***
 'عمي أحمد السعدون يسلم عليكم ويقول لكم: إن حل مجلس الأمة صحيح ولا تشوبه شائبة, وقد حدثت سابقة مشابهة, فرجاء صكُّوا حلوجكم, لأن الشارع سيد قراراته... عمي بوعبدالعزيز, ما قلت لنا متى بتزيد معاشاتنا'?

جريدة السياسة

تعليقات

اكتب تعليقك