نحو استراتيجية وطنية لتنمية الاقتصاد البحري الأزرق بقلم الدكتور أسعد السعدون
الاقتصاد الآنديسمبر 15, 2011, 11:24 ص 1409 مشاهدات 0
بدءا لابد من الاشارة الى ان المقصود بالاقتصاد الازرق جميع مكونات الاقتصاد البحري من صناعات وخدمات وتجارة ونقل وسياحة وبيئة بحرية، ويعد معرض البحرين الدولي الثالث للقوارب واليخوت جزءا منه،الذي نظمته شركة نوتيكا القابضة للسنة الثالثة بالاشتراك مع مجلس التنمية الاقتصادية على مدى اربعة ايام من (23 نوفمبر 2011 حتى 26 منه) في جزيرة امواج - البحرين، وبرعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة الممثل الشخصي لجلالة الملك المفدى . وشهد مشاركة نحو (100) شركة من بلدان عدة، وتجاوز عدد زوار المعرض (15) ألف زائر من جميع دول مجلس التعاون الخليجي، وبلغت مساحة العرض (150 ) الف متر مربع، فيما بلغ عدد الشركات البحرينية العارضة (50) شركة وبتخصصات صناعية وتجارية وخدمية بحرية متنوعة. وقد قدمت تمكين زهاء (130) الف دينار لدعم مشاركة (30) شركة منها .
ولتنظيم المعرض هذا العام دلالاته وابعاده الوطنية فضلا عن الاقتصادية، ففي الجانب الوطني جاء ليعبر عن اصرار قيادة البحرين على تنظيمه في هذا العام متجاوزة الظروف والتداعيات الناجمة عن الفتنة والمؤامرة التي تعرضت لها المملكة وما تبعها من احداث واعمال تخريب ليبرهن على الاستقرارين الامني والسياسي اللذين تنعم بهما البلاد، وان المحاولات اليائسة لبعض القوى لزعزعة الامن لن تؤثر في مسيرة البناء والنهوض والاصلاح، كما ان المشاركة الواسعة للشركات المتخصصة والوفود التجارية التي حضرت للمعرض تبرهن على ان الثقة الاقليمية والدولية باستقرار الوضع الامني وبمتانة الاقتصاد البحريني لن تهزها رياح التخريب. ومما اضفى مزيدا من الروعة والاطمئنان الى المعرض مشاركة سلاح البحرية الملكية البحرينية بعروض تبعث الامل بقدراتها وامكاناتها في تعزيز الامن البحري والتصدي لمحاولات التوغل او التجاوز على مياهنا الاقليمية، سيما ان الأمن البحري قد اصبح أمراً في غاية الأهمية، واحد الانشغالات العالمية الراهنة بسبب تزايد التهديدات التي تواجه النقل البحري من عمليات اختطاف وقرصنة بحرية واغلاق للمنافذ البحرية وغيرها.
فالأمن البحري الذي هو نوع من الامن التخصصي المرتبط بالبحر كوسط مائي، يعد احد اهم ركائز الامنين العسكري والاقتصادي في البلدان التي تمتلك شواطئ بحرية طويلة اذ انه يرتبط بامن جميع اراضي الدولة الداخلية وأمن أجوائها، بما تحتوي من ثروات ونشاطات، ارتباطا وثيقا، خاصة في مجالات التخطيط والاعداد والتحليل والعمل المشترك الخاص بالاهداف النهائية المتعلقة بامن الدولة ككل.
ومن الناحية التسويقية فإن المعرض يمثل نافذة مثالية للشركات العاملة في مجال الصناعات البحرية للاطلال على أسواق دول مجلس التعاون الخليجي ودول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وشبه القارة الهندية، انطلاقا من الموقع الاستراتيجي للمملكة. ومن الناحية السياحية فإن المعرض جاء ليعزز الثقة بمستقبل السياحة البحرية في المملكة، وان الحجم الكبير للزائرين للمعرض يعبر عن مستوى الوعي باهمية السياحة البحرية وبالتالي امكانات توطنها في المملكة بما يدعم قطاع السياحة ويوسع من مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي.
ومن الناحية الصناعية فان المعرض جاء ليعبر عن اهمية الالتفات الى الصناعة البحرية ودورها المرتقب في النمو الاقتصادي، ليس لمملكتنا فحسب بل للعديد من دول العالم فمثلا العملاق الصيني الذي حقق معدلات نمو فاقت مختلف دول العالم، احتضن المنتدى الدولي لتنمية «الاقتصاد الأزرق» في المدة (28 - 29 أكتوبر/ 2011 ) حيث ناقش المسؤولون والخبراء المشاركون في المنتدى استراتيجية البحار العميقة وتحويل التكنولوجيات البحرية إلى صناعات وحماية البيئة البحرية والنمو المستدام للاقتصاد البحري وبناء المناطق الاقتصادية البحرية الاقليمية وغيرها من الموضوعات المتعلقة بتنمية وتطوير الاقتصاد البحري، وراح الصينيون يعدون لاطلاق مناطق اقتصادية خاصة متخصصة بالصناعات البحرية.
هذه الابعاد والدلالات لمعرض البحرين للقوارب واليخوت تضمنتها كلمة راعي المعرض سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة بقوله «ان صناعة القوارب عامل رئيس لجذب السياح والمستثمرين إلى المملكة، بما يسهم في تحريك عجلة الاستثمارات وأوضح سموه أن المعرض له نتائج إيجابية تصب في الاقتصاد الوطني بجميع قطاعاته وخاصة قطاعي السياحة والتجارة باعتبارهما من الوجهات الرئيسية الداعمة لصناعة القوارب وتعزيز الوجهة التجارية للمملكة ودعم رؤية البحرين الاقتصادية 2030»، وفي الاتجاه نفسه صرح المدير التنفيذي لشركة يونيتا حينما قال «هدف المنظمون للمعرض الى ترسيخ مفهوم البحرين عاصمة لصناعة وعرض اليخوت في المنطقة» ..وحيث ان الاستراتيجية الصناعية في المملكة هدفت الى دعم القطاع الصناعي وتشجيعه على الاستثمار في مجالات جديدة تحقق قيمة مضافة عالية وتوفر فرص عمل جديدة لأكبر عدد ممكن من المواطنين،وبرواتب عالية وكما اشارت الى ذلك الرؤية الاقتصادية لمملكة البحرين 2030 وحيث إن قطاع الصناعات البحرية من القطاعات الكثيفة العمالة التي تسهم بشكل فاعل في تحقيق اهداف تلك الاستراتيجية فالشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص والشركات العالمية في مجال الصناعات البحرية سوف تجذب عمالة ماهرة وبرواتب مرتفعة اعتماداً على الإنتاجية الراقية والكفاءة العالية التي يتمتع بها شعب البحرين في هذا الميدان.
فهل يكون المعرض فرصة مناسبة لاطلاق استراتيجية وطنية لتنمية الاقتصاد الازرق ؟ هذا ما نأمله وندعو اليه منذ سنوات وما سنتناول ابعاده وامكانات تحقيقه في مقالات قادمة ان شاءالله خدمة ومواكبة للنهج الاصلاحي التنموي المتواصل الذي تشهده مملكتنا الحبيبة.
تعليقات