الأوقاف نظمت الملتقى الثالث لمشروع تنادي الحضارات

مقالات وأخبار أرشيفية

الفلاح: الحوار الهادف إلى الوحدة الإنسانية مستقبل مختلف الشعوب والأديان والطوائف والمذاهب

2523 مشاهدات 0

القراوي

ذكر وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الدكتور عادل عبد الله الفلاح إن ملتقى تنادي الحضارات الثالث تحت عنوان :' الهوية الكونية .. جسر للتواصل الحضاري' هو الملتقى الثالث من نوعه  الذي تقيمه الوزارة ممثلة في قطاع العلاقات الخارجية، لاسيما من حيث طبيعة تنظيمها والأطراف المتحاورة فيها، والغايات والأهداف المرجوة منها في مجال التقارب والتفاهم والحوار الحضاري .

وأوضح الفلاح ، ضمن الملتقى الثالث لمشروع تنادي الحضارات في الجلسة الخاصة للمهتمين والمختصين التي أقيمت أول من أمس الأربعاء على مسرح مكتبة البابطين المركزية ، إن هذا الملتقى يعقد بعد ورشة العمل الأولى التي جمعت نخبة من المفكرين والمستشرقين ضمن مشروع 'صلة' وذلك للتباحث والتدارس والتوافق على إيجاد ميثاق شرف  ينمي العمل الاستشراقي، ويجعله رافداً من روافد التواصل الحضاري بين المسلمين وغيرهم ، مشيراً إلى أن ذلك يدل ، وبقوة ، على أن عقلاء العالم  متفقون على ضرورة إيجاد مناخ ثقافي وفكري جديد يمهد لتأصيل مفاهيم التواصل والتقارب والتعايش، مؤكداً أنه سيكون لذلك فائدة كبيرة على  العديد من المقولات والتصورات، وفي مقدمتها  محور ندوة ' الهوية الكونية '، فهو من المفاهيم المحتاجة إلى كثير من البيان والتوضيح.

                              معطيات حاسمة

وتابع : إن المتأمل في موضوع ' الهوية الكونية.. جسر للتواصل الحضاري' يقف على معطيات حاسمة ، لعل أهمها:

- لا قوة ولا اعتبار لمفاهيم التعايش والتفاهم والحوار بين الشعوب والحضارات ما لم تتأسس على قواعد ثابتة من الإخوة الإنسانية والوحدة البشرية التي تمثل أساس الهوية الكونية.

- إن ما يشهده العالم اليوم من صراعات وحروب واحتكاك حضاري سلبي قائم على الكراهية والعنف والتشويه والإساءة والإقصاء  يعتبر حجة قوية على حتمية الحوار الحضاري وضرورته الواقعية وأولويته الاستراتيجية. وفي مقدمة ذلك معالجة  مفهوم ' الهوية الكونية'، والتوافق حول تأكيد أهميته ودوره في التقليص من أشكال التوتر والصدام المتأججة نيرانها في العديد من المناطق والمواقع.

- لقد صارت قاعدة ذهبية في الحضارة الإسلامية ، تلك المقولة التي أطلقها  الإمام علي رضي الله عنه حين  جعل الأخوة  متجاوزة للقرابة ، ومتحدة بأخوة  الإنسانية ، وذلك في قوله:' الناس إما أخ لك في القرابة أو أخ لك في الخلق' ، هذه الأخوة الثانية ، إضافة إلى العديد من النصوص في هذا المجال ، هي التي نحتاج اليوم إلى إبرازها والتأكيد عليها، والانطلاق من مقتضياتها في التعامل مع ' الهوية الكونية'، وإشهاد العالمين على أن الإسلام يمتلك مخزونا معرفيا وقيميا  من شأنه أن يثري حركة التنوير الإنساني ، ويساعد الإنسانية في استرجاع وعيها الأخوي الإنساني  الذي تفتقده  في ظل فلسفات  الصراع والإقصاء  والمصالح المادية الضيقة، والمفاهيم الخاطئة عن الأديان ودورها في الحياة.

 

-إن الكسب الحقيقي للإنسانية اليوم لا ينحصر في المنجزات المادية التي بلغت حد المعجزات في العلوم والتكنولوجيا، وإنما يتقوم  الكسب الحقيقي للإنسانية في ما تضيفه إلى النوع البشري من وعي بذاته وهويته الكونية ، وفي ما تمنحه من الوسائل والآليات لتحقيق إنسانية مطمئنة متعايشة متعاونة على البر والتقوى والتعارف، بالاصطلاح القرآني، متآزرة من أجل تخليص عالمنا من بذور الصراع والإقصاء والاستعلاء.

                               الوحدة الإنسانية

وأوضح الفلاح ، في الملتقى الذي أقيم لمدة يوم واحد فقط ، إنه من المؤكد أن الاشتغال بمثل مفهوم ' الهوية الكونية ' من شأنه أن يدعم هذا التوجه ، إيمانا منا بأن  الحوار الحضاري الهادف إلى الوحدة الإنسانية في المنشأ والمصير والعمران يبقى هو مستقبل مختلف الشعوب والأديان والطوائف والمذاهب والحضارات، لأنه ضامن أمانها ومحقق تعايشها وسبيل سلامها .

وزاد : إننا لا نريد لمثل هذه الندوات النوعية أن تتوقف عند حدود التحسيس بأهمية مفهوم ' الهوية الكونية' ودوره في مجال الحوار الحضــاري أو التنصيص على ضرورته وكونه الخيار المستقبلي الوحيد القائم على الحكمة والعقل والرشاد، وإنما نأمل في أن تتواصل هذه الندوات  محليا وعالميا، وأن يتنادى إليها مختلف القيادات الفكرية والسياسية والتربوية والاقتصادية ، وأن يصدر عنها مشاريع عمل تشمل التربية والثقافة والإعلام والسياسة والاقتصاد، ويشترك فيها الفرد والأسرة والمجتمع بمختلف مؤسساته الرسمية والأهلية.

وأردف قائلاً : إذا كان محور الملتقى الأول من هذا المشروع وقف على مختلف الإشكالات المرتبطة بموضوع الحوار الحضاري من حيث طبيعته ومجالاته وآفاقه وعوائقه،  وإذا اختص الملتقى الثاني  بمعالجة موضوع: 'احترام الأديان ورموزها من أسس التواصل الحضاري'، فإن الملتقى الثالث  يشق طريقه في المجال نفسه، من خلال تبادل النظر في موضوع ' الهوية الكونية' واستثمارها في تحقيق التواصل الحضاري الفعال بين الأمم والشعوب.

وأضاف : إنها لمسؤولية عظيمة ملقاة على رجال الفكر والعلم والأدب والفنون والسياسة والإعلام والقانون, من أجل أن يشاركوا جميعا في البحث عن وسائل لتفعيل ذلك المفهوم والارتقاء به نحو القواعد الداعمة للحوار الحضاري.

 

                                   اشكالات متعددة

ومن جانبه أكد الوكيل المساعد للتنسيق والعلاقات الخارجية في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية الدكتور مطلق راشد القراوي أن اللجنة العلمية لملتقى تنادي الحضارات حرصت على أن تخصص الملتقى الثالث الذي يأتي بعنوان:' الهوية الكونية .. جسر للتواصل الحضاري'  للحوار في موضوع حساس يثير العديد من الإشكالات ، ويستدعي العديد من المواقف ألا وهو ' الهوية الكونية ' وسبل استثمارها لتحقيق التواصل الحضاري الفعال.

 وشدد في كلمته التي ألقاها خلال الملتقى في جامعة الخليج ضمن الجلسة المخصصة للطلبة ، على أنه من المفيد أن نقرر منذ البداية أن النصوص المؤسسة لنظرة المسلمين إلى الوحدة الإنسانية والأخوة البشرية  تؤول إلى آيات القرآن الكريم وسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام، وهذا يدل على أن تلك الرؤية لم تترك لاجتهادات المجتهدين وتأويلات المؤولين، وإنما هي نصوص محكمة واضحة في معانيها ودلالاتها وأحكامها، مثل قوله تعالى:' يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ..' وقوله تعالى ' الذي خلقكم من نفس واحدة ..' ، وقول الرسول عليه الصلاة والسلام' إنما أنتم لآدم وآدم من تراب'.

 

                         الإيمان بالأنبياء

ولفت إلى أنه حين تحدث القرآن عن النبوات السابقة، فقد أوجب الإيمان بكل الأنبياء، وجعل شمول الإيمان بهم مقوماً من مقومات العقيدة الإسلامية إذ يقول تعالى :' كلٌ آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من  رسله '.[سورة البقرة 285] وذلك استناداً إلى أن الإيمان بهم جميعاً إنما يمثل أحسن مدخل لتحقيق الهوية الكونية. مشيراً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أكد أخوة الأنبياء ، باعتبارها رمزا للأخوة الإنسانية جمعاء وسبيلا إلى تحقيق تلك الوحدة ، فقال عليه السلام :' الأنبياء إخوة من علات وأمهاتهم شتى ودينهم واحد'.( الحديث موجود في صحيح مسلم في باب طريف سماه:' باب فضائل عيسى عليه السلام').

وأشار إلى أن هذه المبادئ القرآنية والنبوية كفيلة بأن تقدم رؤية متوازنة إلى مفهوم 'الهوية الكونية' التي من المؤمل أن تسهم في تحقيق نوع من الشعور الإنساني الموحد القادر على التخلص من فلسفات الصراع والإقصاء والحروب التي يفني فيها الإنسان أخاه الإنسان  دون اعتبار لقيم دينية أو أخلاقية أو قانونية.

 

                             مراجعات فكرية

واختتم القراوي كلمته بقوله إن اختيار موضوع :' الهوية الكونية جسر للتواصل الحضاري' يعني أن العالم معني بالشروع في مراجعات  فكرية وثقافية وسياسية، وليس ذلك ممكنا إلا إذ أخذ أهل العلم والفكر زمام المبادرة، وعملوا على تحليل مفهوم ' الهوية الكونية'، ورصد العوامل المحفزة ، داعياً الإنسانية اليوم بأن تراجع مفاهيمها المتعلقة بالوحدة الإنسانية والمرجعية الأخلاقية التي يحتكم إليها في نزع فتيل الصراع بين الشعوب والحضارات، فضلاً عن البحث في الأسباب النفسية والدينية والتاريخية التي تقف وراء مختلف أنواع إضفاء الشرعيات الدينية والسياسية  للصراع التي تتنافى مع مبادئ الأديان والعقلانية والتسامح والقبول بالآخر، والتي تقضي على فرص مد جسور التواصل والتعاون وتحقيق السلام العالمي المنشود.

 

الآن: مجتمع

تعليقات

اكتب تعليقك