هزيمة التعصب الديني ستكون اصعب كثيرا من هزيمة التعصب القبلي، فى اعتقاد الدعيج
زاوية الكتابكتب ديسمبر 15, 2011, 12:59 ص 964 مشاهدات 0
خسر المتدينون سياسيا ولو نجحوا
كتب عبداللطيف الدعيج :
الآن وبعد ان تم طرح امر «التعصب» القبلي على بساط البحث، وبعد ان اصبح الولاء «السياسي» للقبيلة موضع شك ومجال نظر لدى العديد من الشباب، هل يمكن عطفا على هذا ان نتوقع ضمورا مماثلا في الولاء الديني او الطائفي؟ مع ملاحظة ان الانعتاق من الولاء السياسي للقبيلة لم يكتمل بعد، ولم يصبح ظاهرة او اغلبية، اذ لا يزال اغلب المنتمين قبليا «يفضلونها فرعية».
اعتقد ان هزيمة التعصب الديني ستكون اصعب كثيرا من هزيمة التعصب القبلي. فالدين يتم طرحه على انه خيار، بل قدر لكل انسان، بينما القبيلة هي حكر على فئة دون اخرى. بل ان الاغلبية هم ممن يفتقد الانتماء القبلين بينما في الغالب كل الناس، فرضا، متدينون.. ومن ليس متدينا من الصعب عليه ان لم يكن من المحرم او الممنوع اعلان عدم تدينه.
ليس هذا وحسب، بل ان المتدينين سياسياً، متلونون ويجيدون المناورة والتأقلم مع الظروف. بينما القبيلة المفرزة للتعصب القبلي محصورة بزمان ومكان وعلاقات اجتماعية محددة، هي في الغالب في طريقها للاضمحلال وربما الزوال ـــ دون عناء او استقصاد ـــ بفعل التطور الاجتماعي والاقتصادي.
على الجانب الآخر يملك المتدينون سياسياً ميدانا واسعا للمناورة والتأقلم مع الظروف. فشعار الدين «صالح لكل زمان ومكان» الذي كان يرفعه المتزمتون الدينيون قبل سنوات، وفي الواقع قبل اشهر، تحول اليوم في بعض الدول التي تقدم الاسلاميون الجماعات السياسية فيها، تحول الى اننا «لن نتشدد» ولن نفرض على الناس ما لا يقبلون. هذا يعني ان التدين السياسي خسر ولم يكسب كما يروج البعض، والجماعات الاسلامية، بالذات اضطرت الى التخلي عن تشددها وتعصبها كي يقبلها الشارع وكي تتأقلم وتتطوع مع الانظمة والقواعد السياسية التي مال اليها الناس.
ربما فازت الجماعات الدينية بالانتخابات، وربما كسبت الصناديق الانتخابية، لكنها تخلت في المقابل عن تشددها، ونبذت تعصبها و«اضطرت» الى مجاراة الاوضاع السياسية والانصياع الى متطلبات التطور والتحضر الاجتماعي التي تتعارض وسعيها السابق في العودة الى علاقات القرون السابقة وتقاليدها، او المحافظة على الاوضاع الحالية على الأقل. هذا يعني ان التعصب الديني يضمحل وينحسر ولم يتقدم كما يزعم الكثيرون.
عبداللطيف الدعيج
تعليقات