في دراسة خص بها ((الآن))
محليات وبرلماند.بدر بجاد يعلق على دستورية مرسوم الحل ومدى وجود الرقابة القضائية
ديسمبر 7, 2011, 5:37 م 4772 مشاهدات 0
خص الدكتور بدر بجاد المطيري- أستاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق في جامعة الكويت بدراسة علق فيها على إجراءات صدور مرسوم حل مجلس الأمة من الناحية الدستورية ومدى وجود الرقابة القضائية، وفي ما يلي نص الدارسة:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمدالله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ,,,
تثور في الوقت الحالي المسألة المتعقلة بمدى صحة إجراءات صدور مرسوم حل مجلس الأمة من الناحية الدستورية وومدى إمكانية الطعن بدستورية المرسوم الأميري وبسط الرقابة القضائية على مرسوم حل مجلس الأمة , وسبب إثارة هذه المسألة لكون أن صدور الأمر الأميري بتعيين رئيس مجلس الوزراء الجديد الشيخ جابر المبارك والذي أعقبه صدور مرسوم أميري بحل مجلس الأمة كان بناءا على موافقة مجلس الوزراء المستقيل كما جاء في نص المرسوم رقم 443 لسنة 2011 ودون أن يقوم رئيس مجلس الوزراء بتشكيل حكومته ومن ثم أخذ موافقة مجلس وزرائه الجديد. ونبين في هذه الدراسة المختصرة الرأي الدستوري الذي نراه في تعليقنا على إجراءات صدور مرسوم الحل وبعد ذلك الإجابة على التساؤل المطروح حول مسألة الرقابة القضائية على مرسوم حل مجلس الأمة.
نبين بداية أن حل مجلس الأمة إحدى الصلاحيات المناط بها بالأمير استنادا للمادة 107 من الدستور إلا أن هذه السلطة يستلزم ممارستها بأداة المرسوم الأميري لكون أن الأمير ذاته مصونة لا تمس و يباشر سلطاته الدستورية بواسطة وزرائه , والمرسوم الأميري هو الذي يحمل توقيع الأمير ورئيس مجلس الوزراء والوزير المختص إن وجد , وفي مرسوم الحل فإنه يكتفى بتوقيع الأمير ورئيس مجلس الوزراء فحسب دون توقيع أي من الوزراء .
ولو أردنا تطبيق النص الدستوري على الحالة الماضية لوجدنا أن أن حل مجلس الأمة قد صدر بالأداة التي استلزم صدورها الدستور الكويتي وهي المرسوم الأميري والمذيل بتوقيع الأمير ورئيس مجلس الوزراء الجديد والذي تم تعينه بإجراءات دستورية سليمة تتمثل بقيام الأمير بإجراء مشاورات تقليدية ومن ثم صدور أمر أميري بتعينه ولكن الإشكالية تكمن في كون أخذ موافقة مجلس الوزراء قد تم أخذه من الحكومة المستقيلة ,ومع تفهمنا للصعوبة العملية من قيام رئيس مجلس الوزراء الجديد بتشكيل حكومة جديدة لكون أن هذه الحكومة الجديدة لن تكون سوى .
حكومة مؤقته لمدة ما يقارب شهرين , حيث أن الحكومة الجديدة يجب أن تقدم إستقالتها بعد إعلان نتائج الإنتخابات وبدء الفصل التشريعي الجديد إستنادا للمادة 57 من الدستور الكويتي والتي تنص على ( يعاد تشكيل الوزارة على النحو المبين بالمادة السابقة عند بدء كل فصل تشريعي جديد ) وبالتالي من يقبل الوزارة سيكون وزيرا مؤقتا لمدة شهرين ويقدم بعدها إستقالته وتشكل وزارة جديدة مع بدء مجلس الأمة الجديد وهذا ما سوف يلاقي رفض الكثيرين من الكفاءات ممن ستعرض عليهم الحقيبة الوزارية.
ولكن مع ذلك فإن أخذ موافقة مجلس الوزراء المستقيل في مرسوم حل مجلس الأمة لا يسقيم دستوريا ولنا عليه الماخذ التالية :
أولا: أن الحكومة المستقيلة هي حكومة رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد وبالتالي فالقول بأخذ رأي مجلس مجلس الوزراء أي الحكومة المستقيلة فإنه يعني ذلك أن رئيس الوزراء السابق لا يزال موجودا مما يعني وجود رئيسان لمجلس الوزراء وهذا ما لا يستقيم مع النظام الدستوري الكويتي.
ثانيا: أن الحكومة بتقديم رئيس مجلس الوزراء استقالته تصبح الحكومة جميعها مستقيلة وفقا لنص المادة 129 ( استقالة رئيس مجلس الوزراء أو إعفاؤه من منصبه يتضمن استقالة سائر الوزراء أو إعفاؤهم من منصبهم) وهذه الحكومة المستقيلة والتي يقتصر مهمتها على تصريف العاجل من الأمور ينتهي وجودها تماما في تعيين رئيس الوزراء الجديد فوفقا للمادة 103 من الدستور ( إذا تخلى رئيس مجلس الوزراء أو الوزير من منصبه لأي سبب من الأسباب يستمر في تصريف العاجل من شؤون منصبه لحيين تعين خلفه) وهذا يعني أنه بمجرد تعيين الشيخ جابر المبارك رئيسا لمجلس الوزراء فقد انتهى الوجود الدستوري لحكومة الشيخ ناصر المحمد.
ثالثا: القول بوجود الحكومة المستقيلة وجواز أخذ موافقة مجلس الوزراء المستقيل يجعلنا أمام مطب دستوري اخر وهو وجود رئيس وزراء جديد يحمل في ذات الوقت حقيبة وزارية مستقيلة أي رئيس وزراء جديد ووزير لوزارة داخلية مستقيلة يقوم بتصريف العاجل من الأمور,وهذا ما يخالف نص المادة 102 من الدستور الكويتي التي نصت على الآتي ( لا يتولى رئيس مجلس الوزراء أي وزارة ..) .
ولكل ما سبق فإن عرض مرسوم الحل على مجلس الوزراء المستقيل لا يصح دستوريا , فلا وجود أصلا للحكومة المستقيلة بمجرد تعيين رئيس الوزراء الجديد , والقول بوجودها يعني وجود رئيسان للحكومة في نفس الوقت , ووجود رئيس مجلس وزراء جديد يتولى وزارة مستقيلة في الوقت نفسه.
الرقابة القضائيىة على مرسوم حل مجلس الأمة:
يقودنا ما سبق لطرح التساؤل التالي : هل يجوز الطعن في دستورية مرسوم حل مجلس الأمة وهل توجد رقابة قضائية على مرسوم حل البرلمان؟
في البداية نؤكد أنه لا يمكن الطعن في دستورية حل مجلس الأمة لكون أن الجهة المختصة بالنظر في منازعات الدستورية لا يدخل في اختصاصاتها نظر دستورية المراسيم الأميرية , حيث حددت المادة 173 من الدستور الكويتي وقانون إنشاء المحكمة الدستورية ا سنة 1973ختصاصات المحكمة الدستورية على سبيل الحصر وهي ( تفسير النصوص الدستورية و الفصل في المنازعات المتعلقة بدستورية القوانين , وفي المراسيم بقوانين وفي اللوائح وفي الطعون الخاصة بانتخاب أعضاء مجلس الأمة أو صحة عضويتهم.) وبالتالي لا نجد في أي من الاختصاصات السابقة المنصوص عليها في الدستور وقانون إنشاء المحكمة الدستورية النظر في دستورية المراسيم الأميرية.
الأمر الأخر : لا يستطيع القضاء الكويتي النظر في مراسيم حل مجلس الأمة لكونها من أعمال السيادة وفقا لنظرية السيادة التي نشأت في فرنسا في ملكية يوليو سنة في أول تطبيق لها في سنة 1822 سنة وتبناها المشرع المصري ثم المشرع الكويتي , ورددتها الأحكام القضائية في كل من فرنسا ومصر والكويت ,
وفي الكويت نجد في مرسوم بقانون سنة 1990 الخاص بتنظيم السلطة القضائية قد نص على انتفاء ولاية القضاء من نظر أعمال السيادة , ففي المادة الثانية من المرسوم بقانون رقم 13 -1990 ( ليس للمحاكم أن تنظر في أعمال السيادة) , وقد جاء في المذكرة الإيضاحية للمرسوم (. خروج أعمال السيادة من ولاية القضاء عموما لاتصالها بسيادة الدولة, وهو مبدأ مستقر في الفقه والقضاء منذ أمد بعيد , وليس للقضاء أن ينظر طلبا يمس أعمال السيادة سواء قصد به إلغاء العمل أو تفسيره أو وقف تنفيذه أو التعويض عنه ).
ومفهوم أعمال السيادة وفقا للمعيار التعداد القضائي يدخل فيها أعمال العلاقة بين الحكومة والبرلمان ومثالها حل البرلمان واستجواب الوزير أو رئيس الوزراء , ومرسوم دعوة المجلس للانعقاد ومرسوم تقديم مشروع قانون ومرسوم الاعتراض على الاقتراح بقانون . وبالتالي يخرج عن اختصاص القضاء الكويتي الرقابة القضائية على مراسيم حل مجلس الأمة لكونها تدخل في أعمال السيادة.
تعليقات