لم يحتج الماليزيون إلى معجزة أو أسطورة لأن يصبحوا ضمن الدول المتقدمة صناعياًَبرأي فهد الدهيش
الاقتصاد الآنديسمبر 7, 2011, 10:21 ص 1330 مشاهدات 0
في احد أيام الخريف الجميل بألمانيا كنت جالسا مع صديق ألماني من الرجال الذين عرفوا الصناعة والنظم المالية والتقدم الذي تحتاجه الدول والأمم, وكانت الجلسة على أحد التلال في مدينة ( شتوتقارت) ذات الطبيعة الخلابة حيث تتلون الأشجار بألوان زاهية وجميلة في فصل الخريف، فقلت له: ما أجمل مدنكم ومصادركم الطبيعية الكثيرة؟ فقال لي ألا تعلم أن أهل هذه المدينة أنتجوا منتجا كل البشر يعرفونه ونحن الألمان نفتخر به، هم من صنعوا سيارة المرسيدس التي لا تخلو مدينة في الدنيا منها، وهناك العديد من الصناعات الذي نفتخر بها ونقدمها للعالم كل هذا الإنتاج والتصنيع لم يأت من فراغ بل من التنظيم والعدل والتعليم فأجبته على الفور: أجواؤكم الحلوة وعندكم أمطار وأنهار فمن الطبيعي أن يكون إنتاجكم بهذه الصورة! فقال لي على رسلك ها هي جارتنا أحسن منا جوا وأكثر أمطارا وليس عندهم قساوة البرد الذي نواجهه في فصل الشتاء وهي الآن تتجه نحو الهاوية والإفلاس ألا تعلم أنه خلال أسبوع (وكان هذا الحوار في 10/10/2011) سوف يتم التصويت في الاتحاد الأوروبي لإعلان إفلاسها ونحن الألمان نساعدها وننتشلها وما ذلك إلا بجهدنا وجهد أولادنا الذين يعملون لينقذوا دولة مثل اليونان ألا تعلم أن اليونان لها تاريخ طويل من الحضارة والرقي ولكن سنن الكون لا تتبدل ولا تتغير الذي يعمل وينتظم ويخلص يحصد الخير والرقي والتقدم وإلا كانت المصيبة. أنظر إلى حالكم أنتم العرب مصادر عظيمة وشعوب كثيرة وأراضٍ واسعة ولكن ما هو وضعكم في العالم الصناعي والتقني وحتى الزراعي (قلت والله انه صادق من جرف لدحديرا). هناك تخبطات كثيرة تجعلني أشفق عليكم وأنا لست منكم، تريدون دولتكم وحكومتكم تعمل لكم كل شيء وتعطيكم كل شيء, كل حدث وكل تقدم وكل خطوة تريدونها معلبة ومغلفة وجاهزة. أنظر إلي إخوانكم الماليزيين! أليسوا من المسلمين؟ يا صاحبي إن دولة ماليزيا دخلت مستوى العالم المتقدم صناعياً. أنظر إلى الصناعة عندهم تجد الماليزيين وقد صنعوا ونافسوا في صناعة السيارات وكذلك في صناعة السفن وصناعة الأجهزة الكهربائية وصناعة النسيج وصناعة الخدمات بكل أنواعها من المستشفيات المتميزة للخدمات الفندقية الراقية, كذلك انظر إلى التعليم وهو أرقى مستويات التعليم في العالم أنظر إلى الخدمات البنكية والمالية انظر إلى التطوير العمراني والتنقل البري والجوي والبحري وكل هذا العمل بإتقان وجودة عالية ينافسون بها العالم لم ينتظر الماليزيين إلى معجزة أو أسطورة ليوجههم ويقودهم إلي التقنية والتقدم؟ فإنهم لم يحتاجوا لذلك. فقلت له إذًا كيف عملوا وكيف وصلوا إلى هذا المستوى الذي جعل العالم المتقدم يبارك لهم هذا الجهد والعمل الجيد؟ فقال يا صاحبي لقد نظر الماليزيون إلي جميع أحوال العالم ووجدوا أن هناك عاملين فقط إذا أتقنوها فقد أنضموا إلى العالم المتقدم وسعدوا وأسعدوا.
أما الأولى فهي صناعة القانون المحلي والعالمي وصنعوا نظاما قانونيا عظيما يضمن الحقوق والواجبات ويراقب الفساد والمفسدين وينظم العلاقات الدولية والمبادلات المالية الداخلية والخارجية. قلت عظيم ورائع اعطنا الأخرى؟ قال أما الثانية فهم نظروا إلى جميع العوائق والسدود التي تعيق وتؤخر التقدم فأزالوها يعني مثلا قانون يحرم موظف الدولة من إنشاء مؤسسة أو شركة أزالوها. قانون لمنع الاستثمار الأجنبي أزالوها. إدارة أو هيئة حكومية تعتبر عائقاً في مسيرة التقدم أزالوها أو دمجوها مع جهة أخرى. لأن العقل البشري إذا وجد حرية العمل أبدع وقدم المزيد لأن الاقتصاد الحر والرأسمالي ينموا ويترعرع ويتطور في هذه الأجواء. فقلت له وما هي حالتنا؟ فقال أنتم من الدول الممتازة الذي لو تم تعديل وإزالة بعض العوائق لكان هو الأفضل! قلت له مثل ماذا؟
قال سوف أرجعك إلى المثل الأول في اليونان حيث أن الدول الأوروبية وخصوصا ألمانيا سوف تقرض اليونان ما يقارب 350 مليار يورو على مدار ثلاث سنوات! ولكن المصيبة أن هذه الأموال سوف تكون مرتبات ومعاشات تقاعد وبعد ثلاث سنوات سوف يبكون مرة أخرى والبطالة تزداد والإضرابات تتصاعد. قلت (والله الورطة) وما هي بنظركم العوائق الكثيرة؟ فقال لي إن أهم العوائق يا صاحبي هي وزاراتكم الضخمة يعني وزارة الصناعة والتجارة ووزارة العمل. فقلت له كيف؟ هذه هي التي تحل المشاكل من تأسيس الشركات وتوظيف الناس فقال على رسلك أقصد وضعها كوزارة مشرفة على جميع أنحاء المملكة أنظر إلى البلدين فقط (ماليزيا – ألمانيا ) لم تكن وزارة الصناعة والتجارة والعمل مسؤولة عن كل شيء! هذه الوزارات في هذه الدول هي مُنظِمه ومُشرِعة فقط ومقدمة للنصح والتوجيه! (فقلت سريعا لمن؟) فقال إن كل محافظة أو منطقة يجب أن يكون لها وزارة أو دائرة سمها ما شئت تكون مثلا وزارة التجارة والصناعة والعمل ويديرها مجلس إدارة مكون من 10 -15 شخصاً من أبناء المنطقة وتتصل مباشرة بمحافظ المنطقة وقد يكون أحد أعضاء مجلس الإدارة من الوزارة الأم يعني أن موظفي الوزارة الأم لا يتجاوز عددهم (200 ) موظف فقط حيث أن كل وزارة أو دائرة في المنطقة هي المسؤولة عن الصناعة والتجارة والعمل لأبناء المنطقة ولذالك يسهل الإشراف والتوجيه والمنافسة لكل منطقة, كذلك سوف تراقب نسبة البطالة وهي المسؤولة عن توفير الأعمال الجديدة بمنطقتها بحيث هذا الأسلوب من أعظم أساليب خفض نسب البطالة.
تعليقات