حيثما ينمو الفساد ويزدهر تتراجع مؤشرات النمو الإقتصادي برأي د.حمد العصيدان

الاقتصاد الآن

4006 مشاهدات 0


يقول الله تعالى: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد، وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد} البقرة:204-206.

إنها صورة معبّرة عن نموذج من النّاس، يكاد لا يخلو منه زمان ولا مكان..النموذج المنافق الذي يستغل طيبة النّاس وصدقَهم، فيصوّر نفسه في صورة الانسان الطيب الصادق، الذي يحمل في قلبه كلّ النوايا الخالصة والأفكار الخيّرة التي تبني للنّاس حياتهم نحو الأفضل، في قضاياهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والروحية، كل ذلك من أجل ان يستسلموا لكلماته الحلوة، وأساليبه الماكرة، ومواثيقه المؤكدة..أما حقيقته فهو انسان شديد الجدال والعداوة للحق وللعدل.ولن يتعرف النّاس إليه الاَّ من خلال التجربة المرة.

وعندما تسنح له الفرصة، أو تستقيم له الأمور، ينطلق في الظلام وبقوة ليحقق مآربه الخبيثة التي تفسد واقع النّاس السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ليدمر بالتالي الحرث (الموارد الاقتصادية) والنسل (الموارد البشري).

هذه العلاقة الوثيقة بين الفساد وتدمير الحرث والنسل أكده تقرير برنامج الأمم المتحدة الانمائي في تقرير منذ سنوات معتبراً ان الدلائل تشير الى: (أن الفساد وضعف التنمية وثيقا الصلة ببعضهما البعض، ويعزز كل منهما الآخر)

وعن العلاقة العكسية بين الفساد والنمو الاقتصادي يقول: (يعيق الفسادُ النموَّ الاقتصادي بطرق شتى: فهو يضعف الاستثمار الأجنبي والمحلي عن طريق زيادة فرص السعي للحصول على مزايا اقتصادية دون مراعاة مصلحة المجتمع..ويقلل الفساد من جودة البنية الأساسية العامة عن طريق تحويل الموارد العامة الى استخدامات خاصة..

كما تنبه التقريرعن العلاقة بين الفساد وحقوق الانسان جاء في التقرير: (عندما تفشل حكومة احدى البلدان في قمع أو احتواء الفساد فانها تخفق أيضاً في تنفيذ التزاماتها بتعزيز وحماية حقوق الإنسان لمواطنيها..ويؤدي انتشار الفساد الى التمييز في الحصول على الخدمات العامة لصالح أولئك الذين بمقدورهم التأثير على السلطات لتحقيق مصالحهم الشخصية).ثم يتحدث التقرير أيضاً عن علاقة الفساد بنشوب النزاعات، يقول: (لا يساهم الفساد بالضرورة في حدوث النزاعات المسلحة، ولكن بمقدوره ان يؤدي الى نزاعات عنيفة ويعزز اشتعالها، ووفق هذا التقرير فان ألف مليار دولار تُدفع سنوياً كرشاوى من أجل تمرير المعاملات وغير ذلك، وكلها أموال تتجه في الاتجاه الخاطئ ولا تصب في المصلحة العامة، بل لجيوب خاصة يعود ضررها في النهاية على الصالح العام..وبالتالي فان ما قدّمه التقرير يمثل جزءاً مما عبرت عنه الآية القرآنية بعنوان {ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل}.

 وأود أن أشير في نهاية هذه الدلائل إلى أن تقرير منظمة الشفافية العالمية الصادر في هذا العام يفيد بأن %75 من الدول تصنّف باعتبارها شديدة الفساد.

وبين 22 دولة عربية جاءت الكويت في المرتبة الثامنة (كلما كبر الرقم كان مؤشراً سلبياً).وعلى المستوى العالمي وقعت الكويت في المرتبة السادسة والستين.

إذا ما حدث في الكويت من حل الحكومة.. واقتراب حل مجلس الأمة كان نتيجة طبيعية للشكوى الشديدة من الفساد .. وصدقت في ذلك الإرادة.. وساحة الإرادة . ولكن تأتي الخطوة الأهم بعد ذلك باختيار الشرفاء في المجلسين فكفانا فسادا ونهبا لموارد البلاد واستنزافا لخيرات الكويت التي ذهبت هباء منثورا.

إننا لا نقطع الأمل.. كما لا نفقد الرجاء .. فالكويت قادر على استعادة نهضته .. والله المستعان .

المستقبل

تعليقات

اكتب تعليقك