ماذا اشترى الغزاويون من رفح والعريش المصريتين؟
عربي و دوليالأسعار التهبت والازدحام كان شديدا على الوقود والأدوية والسجائر
يناير 25, 2008, منتصف الليل 575 مشاهدات 0
صور ومواقف كثيرة يمكن للمراقب التقاطها خلال اليومين الماضيين على الحدود المصرية الفلسطينية، فالحالة تشبه موسم الحج نظرا للاكتظاظ الشديد الذي ساد تلك المنطقة، حيث تدفق عشرات آلاف الفلسطينيين من سكان قطاع غزة والخاضع لحصار إسرائيلي محكم للمدن المصرية المجاورة بعد قيام مسلحون بتفجير الحدود الفاصلة.
وشددت إسرائيل إغلاقها لحدود غزة في 17 كانون الثاني الجاري، مما تسبب بأزمة خانقة في الوقود وتوقف محطة الكهرباء الرئيسية في القطاع ومحطات البنزين، كما توقفت شحنات المساعدات بما في ذلك الأغذية والإمدادات الإنسانية الأخرى. وتتحجج إسرائيل بإطلاق فصائل المقاومة للصواريخ على مدينة 'سديروت'.
وقدرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) عدد الفلسطينيين الذين عبروا الحدود يومي الأربعاء والخميس إلى مصر من قطاع غزة أكثر من 700 ألف فلسطيني من أصل مليون ونصف المليون مواطن عدد سكان القطاع. موضحة أن هناك نحو 400 ألف شخص عبروا، الأربعاء، و300 ألف شخص على الأقل، عبروا أمس الخميس.
ووجهت 'الأونروا' مناشدة عاجلة للدول العربية للتبرع بمبلغ 8,9 مليون دولار، حتى تستطيع التعامل مع الأوضاع المتدهورة في قطاع غزة. وستقسم المساعدات لتغطية الاحتياجات الفورية للقطاع، وتشمل 6,5 مليون دولار للمساعدات الغذائية و9,0 مليون لإمدادات الوقود، و3,3 مليون دولار كمساعدات نقدية للأسر الأشد فقراً.
ولم يقف الأمر عند حدود تزود الغزاويين من مدينتي رفح والعريش المصريتين بالمواد الأساسية الغذائية والتموينية والبضائع والوقود التي يعانون من نقص شديد فيها نتيجة الحصار الإسرائيلي للقطاع، بل تعداه إلى شراء السجائر بكميات كبيرة والدراجات النارية، وبعض الكماليات كالعاب الأطفال وطيور الزينة والمواشي وغيرها. الأمر الذي تسبب بنقص تلك المواد في المدن المصرية واضطر التجار إلى جلب الإمدادات من القاهرة، مما أدى إلى ارتفاع هائل في الأسعار مدفوعة بقوى العرض والطلب. بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة وسائل النقل الخاص، مما دفع البعض إلى الاستعانة بعربات 'الكارو' التي يجرها حمار سواء للتنقل الشخصي أو لنقل البضائع والحاجيات.
ويسير الفلسطينيون القادمون إلى رفح المصرية نحو خمسة كيلومترات على الأقدام حتى يتمكنوا من الوصول إليها والبحث عن سيارات تقلهم إلى مدينة العريش لشراء البضائع.
وقضت أعداد كبيرة منهم الليلتين الماضيتين على المقاهي وفي المتنزهات وعلى كورنيش مدينة العريش المطل على ساحل البحر المتوسط واكتظت الفنادق على الجانب المصري من الحدود.
الغذاء والملابس والوقود
وشكلت مواد الغذاء كالطحين والأرز وحليب الأطفال والطعام بأنواعه المختلفة الهدف الأول في الساعات الأولى لدخول الغزيين لمصر، ما لبث أن دخلت بقية الحاجيات على قائمة المشتريات وخاصة الملابس والأحذية الشتوية المنتشرة بعد أن نفدت من أسواق غزة خلال الفترة الماضية.
ومع تهافت الفلسطينيين، شهدت محطات الوقود في مدينة رفح المصرية ازدحاما شديدا واكتظت بالمئات الذين كان يحمل بعضهم عبوات بلاستيكية للحصول على كميات من البنزين الذي ارتفع سعره بشكل كبيرا. ونقل عن أحدهم قوله 'اشتريت كل ما يمكن أن يحتاجه المنزل بما يكفيني لشهور. اشتريت طعاماً وسجائر وحتى جالونين من وقود الديزل لسيارتي، لكنني لاحظت ارتفاع سعره، فقد دفعت في لتر البنزين نحو عشرة جنيهات (8,1 دولار) والسولار خمسة جنيهات. أنا مضطر للحصول عليه بأي ثمن. ليس لدينا وقود للسيارات في غزة'.
وقال صاحب محطة بنزين: 'هنا يتدخل قانون العرض والطلب. عندما يكون هناك طلب متزايد يكون هناك ارتفاع في الأسعار. واختفى البنزين من معظم محطات الوقود'.
ويبلغ السعر الرسمي للبنزين في مصر 30, 1 جنيه للتر من البنزين العادي و57, 0 جنيه للتر من السولار.
السجائر في العلالي
وكانت السجائر من أكثر البضائع التي شهدت تهافتاً على الشراء، حيث زاد سعر العلبة المحلية الصنع لثلاثة أمثاله تقريبا من جنيهين ونصف الجنيه إلى سبعة جنيهات أو أكثر.
وتجمع حشد أمام شاحنة تبيع السجائر. حيث قال احدهم أثناء محاولته الحصول على الكمية التي كانت مع التاجر المصري: يجب أن احصل على احتياجات من السجائر لعدة أشهر قادمة.. هذه فرصة وهذا السعر مناسب لي للغاية.
الدراجات النارية
والغريب في الأمر أن معارض بيع الدراجات النارية شهدت إقبالا كبير على الشراء. حيث شوهدت شاحنات تتجه إلى غزة وهي محملة بالدراجات النارية.
وأوضح مواطن غزي أنه دفع نحو أربعة آلاف شيكل (دولار=4 شيكل) ثمناً لدراجته النارية الجديدة، قائلا 'هذا سعر اقل بكثير من الذي يمكن أن ادفعه في مدينة خان يونس حيث أقيم'.
وكان من الملاحظ أيضا أن التعامل كان بعملات مختلفة، أبزها الشيكل الإسرائيلي والدولار الأميركي والجنيه المصري. وكانت هناك تعاملات محدودة بالدينار الأردني.
الأدوية
وفي الوقت الذي تهافت فيه معظم الأهالي على شراء الوقود والسجائر والمواد الغذائية الأساسية، كان آخرون يجوبون الصيدليات في المدن المصرية الحدودية للبحث عن أدوية وأمصال يحتاجونها هم أو أحد أقاربهم. يقول أحد المواطنين وهو يهم بالخروج من إحدى الصيدليات التي فرغت: 'بمجرد أن احصل على الدواء لن أكون بحاجة إلى شيء آخر من هنا، فلا يعنيني سوى صحة ابني'.
ويثني صاحب الصيدلية على كلامه حيث يؤكد أن الفلسطينيين يطلبون كل أنواع الأدوية لأنه ليس لديهم شيء في غزة. ويضيف: 'كل ما تبقى لدي هو مستحضرات التجميل فقد نفدت المضادات الحيوية بسرعة كبيرة ومن بعدها أنواع الأدوية الأخرى وأنتظر إمدادات من القاهرة'.
صاحب صيدلية أخر أكد أنه باع أدوية قيمتها 5 آلاف دولار، وهو ما يفوق حجم مبيعاته العادية في شهر كامل. وتابع: 'أمنح تخفيضا للأشخاص الذين يبدو عليهم أنهم فقراء فعلا، وأكثر الأدوية المطلوبة هي تلك التي تستخدم لعلاج السرطان وعلاج ضغط الدم المرتفع وأمراض الكبد'.
صاحب صيدلية من غزة عبر الحدود ومعه ألف دولار لكي يشتري أدوية لصيدليته. قال: 'سأشتري اكبر كمية أدوية ممكنة فليس لدينا شيء في غزة.. الحصار اثر علينا بشدة'.
ويضيف: 'من قبل كنا نطلب الأدوية من إسرائيل فتصلنا بعد 24 ساعة أما الآن فان هذا الأمر يستغرق شهرا إذا ما سمحوا أصلا بتوريدها فهم يرفضون الكثير من الطلبات'.
قصص طريفة
وحملت الأحداث بعض القصص الطريفة كما نقلتها بعض وسائل الإعلام المحلية ومنها أن أحد الشبان عاد من الأراضي المصرية حاملاً فرشة كبيرة لغرفة نومه، حيث قال ضاحكا 'عجزت عن العثور على مثلها في غزة، مما أجبرني على تأجيل عرسي، خاصة أن عروستي أصرت على عدم الزواج إلا على فرشة جديدة'.
في حين كان أخر يقسم لأصدقائه أن كمية دخان 'المعسل' التي يحملها مع شقيقيه لم يجلبها بغرض الربح أو المتاجرة، مشيرا إلى أنه سيقوم بتخزينها لاستخدامه الشخصي خلال الفترة المقبلة، بعد الارتفاع الكبير الذي طرأ على أسعارها، إذ سجل ثمن كرتونة المعسل الصغيرة نحو 130 شيكلاً على الرغم من أن ثمنها لم يتجاوز يوما 15 شيكلا. وأضاف: سأخزنها وليرفع تجار غزة السعر كما يشاءون.
في حين رجع ثالث لغزة ومعه كمية كبيرة من الأسمنت ومواد البناء الأخرى، مشيراً إلى أنه وبمجرد علمه بفتح الحدود سارع إلى شراء كميات منها لاستكمال أعمال إنشاء في منزله، توقف عن تنفيذها منذ أشهر بسبب الحصار. ونُقل عنه خلال سيره إلى جانب ثلاث عربات 'كارو' مليئة بالأسمنت: أعلم أن فتح الحدود سيكون مؤقتا، لذلك حرصت على استغلال الفرصة، وسأقوم بتجميع كافة مواد البناء التي أحتاجها في المنزل قبل استئناف البناء مجددا، حتى لا أتوقف خلال التنفيذ كما حدث معي في المرة الماضية.
تعليقات