لماذا استثنى بوش الأردن من جولته في المنطقة ؟!
عربي و دولييناير 25, 2008, منتصف الليل 532 مشاهدات 0
لم تبد دوائر صنع القرار في الأردن مرتاحة البتة لتجاهل الرئيس الأمريكي جورج بوش المحطة الأردنية في جولته الشرق أوسطية بعد أن تسبب هذا التجاهل بتنامي مشاعر القلق لدى عمان- وهي احد اللاعبين الرئيسيين إقليميا- من سيناريوهات مجهولة للمنطقة.
التفسير الأولي للتجاهل الأمريكي قد يفصح عن رغبة أمريكية بتقنين الدور الأردني حاليا في مسألة الصراع العربي الإسرائيلي وإعادة الدور المصري إلى الواجهة مجددا مع شروع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني في مفاوضات الحل النهائي الناتجة عن مؤتمر انابوليس . خاصة بعدما ألحت عمان على واشنطن كثيرا بتبني تصورها للحل وهو تصور يقوم بالأساس على فكرة تغليب المصلحة الأردنية في أي حل نهائي .. فالأردن معني بعدم التضرر من التوافق على أي حل خاصة في مسألة اللاجئين والكنفدرالية .
مصادر متعددة تؤكد ان الأردن كانت مدرجة ضمن جولة بوش لكنها الغيت لاحقا بعدما علم الرئيس الأمريكي بردة فعل عمان الغاضبة من مواقفه المسبقة وتصريحاته التي شطب فيها حق العودة مطالبا بالبدء بإعداد آليات تعويض اللاجئين.
والى جانب قضية اللاجئين ثمة قضية أخرى أرغى فيها بوش وأزبد أثناء لقائه باولمرت ولم ترق للأردن وهي قضية القدس الشرقية والاعتراف باليهودية الكاملة للمدينة وهذا في حد ذاته تجاوز للدور الإشراف الأردني الديني على مدينة القدس منذ عام 67.
الأردن اذا أبدى امتعاضه من موقف بوش المعلن تجاه قضية اللاجئين وقضية القدس لان نتائج هذين الموقفين يعني بالضرورة مساسا بالسيادة الأردنية بالدرجة الأولى وتهيئة لهجرة فلسطينية مقبلة إلى عمان تخل بشكل اكيد بالتركيبة السكانية وتضاعف معاناة هذا البلد الاقتصادية والسياسية .
ورغم تنسيق الأردن الواضح مع الجانب الفلسطيني قبل زيارة بوش للمنطقة لدفع محمود عباس لتبني وجهة النظر الأردنية الا ان الجانب الفلسطيني خذل عمان ولم يبد أي حراك في زحمة الزيارة والقبلات والملاطفات أمام عدسات كاميرات التلفزة . عباس بدا مأخوذا ببوش ومرافقيه ولم يسعفه لا الوقت ولا اللسان لنقل تخوفات ومطالب عمان .
الأردن حليف استراتيجي للولايات المتحدة ورغم ذلك يتجاهله الرئيس الأمريكي جورج بوش متعمدا محاولا في ربع الساعة الأخيرة من ولايته ترتيب الأوراق الإقليمية بما لا يضر مصلحة إسرائيل .
وعلى هذا الأساس فان تحركات الأردن السياسية المقبلة ستأخذ طابعا استراتيجيا بحتا تغيب فيه المواقف الدبلوماسية لتحل محلها مواقف سياسية اكثر حدة وصرامة ، والمتوقع ان يباغت الأردن الرسمي الجميع بسلسلة قرارات داخلية مهمة خاصة تلك التي ترتبط بوحدة الحال مع الضفة الغربية والسلطة الفلسطينية وتقوم أساسا على الموقف الأردني الثابت والمعلن ومفاده ان لا كونفدرالية أردنية فلسطينية قبل قيام دولة حقيقية .
والثابت في السياسة الأردنية مبدأ توازن المصالح وهو ما سيفسر لاحقا وقوف عمان على مسافة واحدة من الفرقاء الفلسطينيين وهو ما فسر سابقا حملة العلاقات العامة المكثفة مع سوريا ، وفي السياق ذاته تؤكد مصادر مطلعة ان الأردن ألمحت إلى الرئيس الفرنسي ساركوزي بأنه موضع ترحيب في أي زيارة قد يقوم بها مستقبلا للمنطقة كما خاطبت الساسة الفرنسيين بخصوص رغبتها الاستفادة من الخبرة الفرنسية في تشغيل مشروع المفاعل النووي الأردني للأغراض السلمية ، فيما يبدو انه رد سريع على تجاهل بوش للأردن.
الدور الأردني يتعاظم ، وعمان مرشحة لقيادة الدبلوماسية العربية في قضايا الحل النهائي في الشرق الأوسط وثمة خطوات داخلية أردنية استباقية لتحويل عمان الى قبلة سياسية دولية مركزية يبدأ منها صنع القرار السياسي واليها ينتهي ، وهو ما حاول بوش تحجيمه مؤخرا تحاشيا لغضب إسرائيلي متوقع.
تعليقات