الرئيس عطَّل عبر “ثلثه الوزاري المعطِّل” المادة 102 من الدستور.. الديين

زاوية الكتاب

كتب 1643 مشاهدات 0



عالم اليوم

الثلث الضامن للثقة بالرئيس!
كتب أحمد الديين
 
من بين المصطلحات التي راجت في لبنان خلال أزمة تشكيل الحكومة في العام 2009 مصطلح “الثلث المعطِّل” وفق تسمية الموالاة حينذاك، أو “الثلث الضامن” وفق تسمية المعارضة حينها، وهذا “الثلث المعطِّل أو الضامن” كان مطلب نواب المعارضة لتمثيلها في عضوية مجلس الوزراء بثلث عدد الوزراء، بما يمنحها القدرة على تعطيل جلسات الحكومة وقراراتها في حال عدم التوافق... وذلك ضمن ما يُسمى صيغة “الديمقراطية التوافقية” في لبنان!
وفي الكويت لدينا “ثلث معطِّل” أو “ثلث ضامن” ولكنه داخل مجلس الأمة وليس داخل مجلس الوزراء مثلما هو المصطلح اللبناني، بل أنّ مجلس الوزراء ذاته هو الذي يمثّل هذا “الثلث المعطِّل أو الضامن” حيث يشكّل عدد الوزراء ثلث عدد النواب المنتخبين في مجلس الأمة، وغالبية هؤلاء الوزراء من غير النواب المنتخبين وهم مع هذا أعضاء في مجلس الأمة بحكم وظائفهم، وذلك على خلاف الأصل في النظم البرلمانية، بل حتى على خلاف المشروع الأول للدستور، الذي كان يمنح مثل هؤلاء الوزراء حقّ حضور الجلسات البرلمانية والمشاركة في النقاش دون أن يمنحهم حقّ المشاركة في التصويت... والمفارقة أنّ السلطة عندما انفردت بالقرار في أعقاب الانقلاب الثاني على الدستور في العام 1986 وشكّلت في العام 1990 ما يُسمى “المجلس الوطني” غير الدستوري بديلا لمجلس الأمة فقد حرمت الوزراء من غير الأعضاء المنتخبين لذلك المجلس المسخ من حقّ التصويت!
وبالطبع فإنّ هناك سجلا طويلا وحافلا من التصويتات داخل مجلس الأمة التي حسمتها أصوات “الثلث الوزاري المعطِّل أو الضامن” سواء في انتخابات رئاسة المجلس، أو انتخابات اللجان البرلمانية، أو في إقرار الاقتراحات والتقارير والقوانين أو رفضها... ولكن ما حدث في جلسة مجلس الأمة المنعقدة يوم الثلاثاء كان نقلة نوعية على مستوى دور هذا “الثلث” إذ تحوّل إلى “ثلث ضامن للثقة في رئيس مجلس الوزراء”، حيث أسقطت أصوات الوزراء الاستجواب الموجّه إلى رئيسهم من النائبين أحمد السعدون وعبدالرحمن العنجري والمؤجّل منذ دور الانعقاد السابق للمجلس وشطبته من جدول أعمال مجلس الأمة، وهذا ما سيتكرر على هذا النحو أو غيره مع الاستجواب الأخير الموجّه إلى الشيخ ناصر المحمد في شأن فضيحتي الإيداعات والتحويلات، بل هذا هو الأسلوب الذي سيُتّبع ويُعتَمَد في التعامل الحكومي مع أي استجواب لاحق يمكن أن يتم توجيهه إلى “الرئيس المحصّن” بأصوات “الثلث الوزاري المعطِّل” لأي استجواب للرئيس و”الضامن” لحصانته المطلقة!
ولا حاجة إلى التفصيل بأننا عندما نعود إلى روح الدستور ومبادئ النظام الديمقراطي فسنجد أنّ رئيس مجلس الوزراء الحالي الشيخ ناصر المحمد لم يعد يحظى الآن بثقة غالبية نواب الأمة المنتخبين، وهو يدرك هذه الحقيقة جيدا ولكنه يحاول تعطيلها عبر أصوات وزرائه ونوابه الموالين والممولين وذلك بشطب الاستجوابات الموجّهة إليه من على جدول أعمال مجلس الأمة، بما يقطع الطريق أمام تقديم طلب عدم إمكان التعاون معه، بعدما أصبح معروفا أنّ هناك 25 نائبا على الأقل سيصوتون لصالح مثل هذا الطلب في حال تقديمه... وبذلك فقد عطَّل الرئيس عبر “ثلثه الوزاري المعطِّل” المادة 102 من الدستور... وبالتالي فلم يعد هناك الآن أي معنى للحديث عن الآليات الدستورية والتصويت البرلماني والغالبية النيابية والمساءلة السياسية إذ غدت جميعها في “جيب الرئيس المحصّن”!


 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك