عمليات الاستدانة الخارجية لسد العجز في الميزانية تعتبر سياسة مالية خطرة برأي الدكتور محمود ملحم
الاقتصاد الآننوفمبر 16, 2011, 1:30 ص 684 مشاهدات 0
عملة العرب السياسة والاقتصاد
المستشار د. محمود ملحم
تمر الدول العربية في الوقت الحاضر بمرحلة عصيبة تنعكس سلبا على الأوضاع السياسية والاقتصادية والمالية والتي أقل ما يمكن أن يقال عنها انها كانت السبب الرئيسي في تأخر هذه الدول ولو كان هذا التعبير موجزا، وهذا ما سيؤدي وبشكل لا يقبل الجدل إلى دخولها في زوبعة التأثيرات الخارجية ولكن وبعد طول انتظار لا نزال ننتظر الحلول التي تدور الحكومات في فلكها سواء كانت ايجابية أو سلبية ولكن يجب التنبه إلى أن معظم الحلول هي عمليات جراحية موضعية، فالكل يتسابق إلى الأمام.
كنا نحذر من الأدوار الاقتصادية المشبوهة للدول الرأسمالية خاصة بعد التنبه إلى لعب دور الدائن المنقذ دون أن تراعي مدى قدرة هذه البلاد على السداد في المستقبل، ولعبت حكومات الدول العربية دورا كبيرا في تشجيع البنوك التجارية العالمية على عمليات الإقراض غير المحسوبة لأنها تغطى بالسياسة المرنة ولما كانت تحدثه هذه القروض من تنشيط حركة التصدير والإنتاج.
إن عمليات الاستدانة من الخارج تعتبر سياسة مالية خطرة تلجأ إليها الدول ذات الدخول الضعيفة والفقيرة من أجل استمرار وجودها وبقائها ولكن هذه الاستدانة وصلت إلى خواتيمها فالدول الغنية استنفدت الوقت والبقرة الحلوب أصبحت بحاجة ماسة إلى المأكل بعد أن نضب المرعى فقد وصلنا إلى وقت السداد خاصة في ظل وقت سياسي عاصف فالالتزام بالوفاء أمر ضروري والمدين غارق في ظروفه السياسية.
ولقد بدأت أزمة ديون العالم تظهر إلى العلن، عبر مراحل زمنية متفاوتة والكل يرزح تحت وطأتها والحل الوحيد إما السداد المباشر عبر دفع فاتورة تتكفل بها دولنا لتجنيب الغرب أزمة الشارع وإما السداد غير المباشر فتسأل عندها «الذهب إلى أين؟».
ذكرنا أن الديون شر لابد منه للدول المتعثرة، وأن الديون ذات فائدة متبادلة بين الطرف الدائن والطرف المدين، إلى غير ذلك من الآراء الاقتصادية التي تم التعليق عليها، وخاصة إزاء الديون الخارجية من حيث انها المصدر الأهم لمعالجة الصعوبات الاقتصادية في الدول النامية، فقد أدى كثرة تناول هذا الموضوع بالبحث والتحليل إلى خفوت الاهتمام به في السنوات الأخيرة ويعود هذا الموضوع إلى الظهور خاصة لمعالجة المشاكل السياسية التي سوف تنعكس على مجتمعنا والتي من الممكن أن يتولد عنها نتائج كارثية.
ونظرا لضخامة ديون الدول العربية، فإنه لا تتوافر المعلومات الكافية والإحصاءات الموثقة حول ديون هذه الدول، وإن كانت الدول الدائنة تعلم مبدئيا موقفها حيال الدول المدينة إلا أن ذلك لا يعني أنها تعلم وضع هذه الدول المدينة والمخاطر التي تتعرض لها وأوضاعها الاقتصادية ولم تفكر في الصعوبات التي قد تعترض السداد أو أنها تجاهلت ذلك عمدا وقد وصلنا إلى المحظور، فالأوضاع السياسية في الدول العربية دفعتها وفي الفترة الأخيرة إلى عمليات الاقتراض غير المحسوبة والسداد للمبالغ المؤجلة استوفي.
والمصادر الإحصائية الرئيسية لمعطيات الديون الخارجية لبلدان العالم الثالث هي النشرات الدورية التي يصدرها البنك الدولي ومصرف التسويات الدولية وصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، ويعتبر البنك الدولي المصدر الرئيسي الإعلامي الذي يتبنى سياسة إخطار البلدان المدينة وهذا النظام أنشئ عام 1951م وهو يقوم على معلومات إحصائية مقدمة من 116 دولة مقترضة.
وإذا كان الهرم لهذا البنك قد تعرض لمحاولة التسييس في الفترة الأخيرة فكيف سيكون الرأي المستقر عليه من اللوائح الصادرة عن هذا البنك.وفي ظل هذا الكم الهائل من الدخان السياسي المتصاعد من دولنا العربية، لا يسعنا سوى الرجاء من تخفيف الاقتراض وإلا إذا بقينا على ما نحن عليه فسنفتش في المزادات يوما، علنا نجد أوطانا ضاعت في خضم السياسات الدخانية وكانت تأمل يوما الرجاء من دول لا رجاء فيها.
تعليقات