هناك قرارا سلطويا بتعطيل أي صورة من صور المساءلة السياسية للرئيس، برأى الديين

زاوية الكتاب

كتب 682 مشاهدات 0


 


عالم اليوم

تعطيل المساءلة!
كتب أحمد الديين

أصبح واضحا أنّ هناك قرارا سلطويا بتعطيل أي صورة من صور المساءلة السياسية لرئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد وذلك بالاستناد إلى أصوات الحكومة والنواب الموالين لها والممولين منها، بل يمكن القول إنّ مثل هذا القرار يشمل من بين ما يشمل توفير التغطية الكافية تجاه المساءلة المستحقة لفضيحتي الإيداعات المليونية في الحسابات المصرفية لعدد من أعضاء مجلس الأمة والتحويلات المالية عبر وزارة الخارجية.
وفي الغالب فإنّ الأمر لن يقتصر على شطب استجواب النائبين أحمد السعدون وعبدالرحمن العنجري المؤجّل منذ دور الانعقاد الماضي من جدول أعمال مجلس الأمة، كما لن يتم الاكتفاء بإحالة الاستجواب الجديد حول فضيحتي الإيداعات والتحويلات إلى لجنة الشؤون التشريعية والقانونية لتعلن موقفها المقرر مسبقا في شأنه تمهيدا لتكرار التصويت على شطبه هو الآخر، وهذا ما سيكون مصير أي استجواب مقبل يتم توجيهه إلى رئيس مجلس الوزراء، وإنما سيمتد تطبيق قرار تعطيل المساءلة السياسية للرئيس ليشمل كذلك كيفية التعامل مع طلب تشكيل لجنة تحقيق برلمانية أو تكليف نائب بالتحقيق في فضيحة الإيداعات، حيث تمتلك الحكومة ونوابها الموالون لها والممولون منها ما يكفي من الأصوات لضمان إسقاط مثل هذا الطلب، أو اتخاذ ما هو أسوأ من ذلك لتشويه تطبيقه وإفساده عبر التحكّم في تشكيل أعضاء لجنة التحقيق أو تحديد مَنْ سيتم تكليفه من النواب بالقيام بذلك بما يفقد التحقيق البرلماني صدقيته، وسيمتد هذا بالضرورة ليشمل تفصيل القوانين المطروحة لمكافحة الفساد وفق القياس الحكومي الفضفاض!
وبالطبع فإنّ هذا التعطيل المتعمّد لمساءلة رئيس مجلس الوزراء وكذلك قرار التغطية على فضيحتي الإيداعات والتحويلات سيضعان النواب المعارضين في مواجهة تحدٍّ جدّيّ وخيارات صعبة، ولن يكون أفضل منهم حالا حال أولئك النفر من النواب الذين يعولون على تشكيل لجنة تحقيق برلمانية أو تكليف أحد النواب بذلك وإقرار قوانين رادعة لمكافحة الفساد... وهنا؛ فإما أن يتقبّل هؤلاء النواب مثل هذا الوضع المختل ليواصلوا التعايش معه مجبرين إلى نهاية الفصل التشريعي الحالي، أو أن يقرّ هؤلاء النواب بحقيقة عجزهم عن القيام بأداء أبسط مسؤولياتهم الدستورية، وبالتالي لن يكون أمامهم من خيار سوى التقدّم باستقالات جماعية من عضوية مجلس الأمة... أما خيار تصيّد الوزراء فرادى واحدا بعد الآخر في استجوابات متلاحقة فلن يؤدي إلى إحداث أي تغيير في ظل هذا الوضع، خصوصا بعد طريقة التعامل مع استقالة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد صباح السالم المتمثلة في الإسراع بتعيين بديل له في منصبه الوزاري الشاغر لضمان استمرار التشكيلة الحكومية وكذلك تعيين وزير جديد آخر ينتمي إلى أبناء عمومته فرع آل سالم لسدّ أي ثغرة، وهذا ما يعني أنّ هناك توجّها متخذا باستبدال أي وزير من الأسرة أو من خارجها يضطر إلى الاستقالة أو ربما يفقد الثقة النيابية بافتراض تحقق مثل هذا الاحتمال، ناهيك عن أنّه سيكون من الصعب ضمان استمرار الحفاظ على تماسك موقف نواب كتلة المعارضة الحالية في التصويتات على طلبات طرح الثقة في عدد من الوزراء بعد استجوابهم!
باختصار، فإنّ الأيام والأسابيع القليلة المقبلة ستكشف بالملموس مدى شدة انسداد أفق الحراك البرلماني في مواجهة الإفساد السلطوي، وهو انسداد لا يمكن تجاوزه أو اختراقه بالتعويل على الأدوات البرلمانية القاصرة والمشلولة، بل إنّه يتطلب البحث عن مخارج استثنائية وبدائل أخرى لتغيير المعادلة وتصحيح الاختلال بالاعتماد على الحراك السياسي والتحرك الشعبي.

 

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك