د.شملان العيسى يستعرض سلبيات المعارضة ويتهمها بالغوغائية

زاوية الكتاب

كتب 1321 مشاهدات 0



الوطن

دعوة للمراجعة (إفلاس المعارضة)

د.شملان يوسف العيسى
< إننا وإن كنا نختلف مع الحكومة ورئيسها في العديد من القضايا إلا أننا نرفض أن يتحكم الغوغاء في مصير البلد

تحتفل الكويت هذه الأيام بمرور تسعة وأربعين عاماً على العمل بالدستور والممارسة الديموقراطية.. وهذه المناسبة تتيح لنا مراجعة تجربتنا الدستورية وإعادة تقييمها، ولقد تعرضنا في مقالات كثيرة لسلبيات الحكومة وانعدام رؤيتها وفقدانها للرؤية وللمبادرة وفشل إدارتها وفساد جهازها البيروقراطي.
سنحاول في هذا المقال التعرض الى سلبيات المعارضة خصوصاً النيابية منها، فهذه المعارضة قد نجحت في حشد بعض جموع من الشعب ضد رئيس الوزراء وممارسات الحكومة فإنها لم تعمل في حشودها الأسبوعية واجتماعاتها اليومية في المجلس أو خارجه على طرح رؤية بديلة للنهوض بالبلد وتحقيق أهداف معينة محددة لأنها بكل بساطة تفتقد الى خارطة طريق مسبقة يمكن بها إقناع أغلبية الشعب الكويتي بأن ما يطرحونه هو المطلوب للإصلاح. البلد لا تملك خارطة طريق مسبقة أو مرجعاً فكرياً متفق عليه أو نموذجاً يمكن اتباعه أو الاستفادة منه بل نستطيع أن ندّعي بأن المعارضة بسبب فشلها في إسقاط رئيس الحكومة وفشلها في كسب الشارع نجدها اليوم تصب كل تركيزها على كسب موظفي الدولة الى جانبها من خلال المطالبة بزيادة الرواتب والامتيازات والموافقة على الكوادر وغيرها من امتيازات كلها على حساب المال العام، وقد ساعدتها الحكومة على تحقيق ذلك من خلال موافقتها على كل المطالب غير العقلانية التي يطرحها النواب لكسب رضا الشارع..
حتى هذه اللحظة لم نقرأ أو نسمع في تجمعات النواب وندواتهم وصخبهم ومظاهراتهم عن خطوات أو دراسات قامت بها المعارضة تدفع في النهاية الى إدخال البلد في العصر الحديث وبناء دولة عصرية متميزة من خلال التغير الجذري في نظلم التعليم أو خلق ثورة إدارية جديدة تدخلنا في عصر المعلوماتية. لم نسمع من المعارضة أي أفكار جديدة لتحديث الجيش والأجهزة الأمنية حتى يكون لنا قوة وطنية رادعة ضد أي عدوان خارجي أو قلاقل من الداخل.. لم نقرأ من أقطاب المعارضة أية أفكار جديدة على الشعب بحيث تعمل على تغيير أولوية من مجتمع استهلاكي مفرط في الإنفاق الى مجتمع حر يعتمد على ذاته وعمله وإنتاجه بدلاً من التركيز على الماديات بدلاً من العمل والإنتاج..
من المفارقات الغريبة ان تتوحد المعارضة بتياراتها الفكرية والقبلية على نهج واحد.. فلا شيء مشترك يجمع بين التيارات الإسلامية سواء كانوا من السلف أو الإخوان المسلمين مع التيار الوطني ذي التوجه الليبرالي.. كل هذه القوى السياسية المؤدلجة كيف اتفقت مع التوجه القبلي؟.. لا شيء يجمع المعارضة سوى إسقاط رئيس الوزراء والمطالبة بتغييره.. المعارضة لم توضح لنا ما طبيعة الحكومة التي يرغبون في تكوينها رغم حقيقة أن ذلك ليس من اختصاصهم ولا من طبيعة عملهم خصوصاً وأنهم حاولوا طرح الثقة بسمو رئيس الوزراء أكثر من مرة وباءت كل محاولاتهم بالفشل لسبب بسيط وهو أنهم أقلية في المجلس.. لم توضح لنا قيادة المعارضة ما طبيعة الحكومة التي تريدها؟ هل مدنية أم دينية.. هل ستركز على مبدأ المواطنة والمجتمع المدني أم ستكون ذات توجه قبلي ديني تعمل على إقصاء الآخر.
إننا وإن كنا نختلف مع الحكومة ورئيسها في العديد من القضايا إلا أننا نرفض وبقوة أن يتحكم الشارع والغوغاء فيه بمصير البلد.. فنحن نعيش في بلد ديموقراطي ديموقراطيته حديثة ومؤسساته الدستورية لم تتطور وسيتم تحديثها.. حتى نصبح دولة قانون ومؤسسات وليس دولة قبائل وطوائف دعوات المعارضة ذات طابع شخصاني متعلق برئيس الحكومة، فالمعارضة التي أزعجتنا في السابق في التسعينيات بأهمية فصل ولاية العهد عن رئاسة الوزراء نجدها اليوم تطالب بحل مجلس الأمة والدعوة لانتخابات جديدة لا لشيء سوى أن الأغلبية النيابية لا تتفق مع أطروحاتهم.. توجه أعضاء المعارضة في المجلس الى الشارع بدلاً من قاعة عبدالله السالم بعد أن فشلوا في تحقيق مطالبهم وطموحاتهم خطوة خطيرة لأن النواب كسلطة تشريعية بنزولهم للشارع كمجال للتعبير عن آرائهم ومطالبهم ومشاركتهم في الإضرابات العمالية والطلابية وزج الشباب المغرر بهم بقضايا السياسة بدلاً من العلم والتحصيل العلمي يمثلون فوضى غير مقبولة وبذلك أصبحت الغوغاء من الجماهير غير المنظمة هي التي تتحكم بمصير البلد بدلاً من النخبة السياسية والعقلاء في السلطة التشريعية والتنفيذية…
وأخيراً على الحكومة ألا تلتفت الي غوغائية نواب المعارضة وعليها أن تقدم كل القوانين المتأخرة للمجلس لإقرارها.. لأن غياب المعارضة عن الجلسات واللجان فرصة تاريخية للإصلاح إذا كانت الحكومة جادة في الإصلاح.

د.شملان يوسف العيسى

الوطن

تعليقات

اكتب تعليقك