نواب أول.. فيهم طعم!..يوسف الشهاب يتذكر

زاوية الكتاب

كتب 840 مشاهدات 0



شرباكة ..
نواب أول.. فيهم طعم!
كتب يوسف الشهاب :

أمس، حين كانت مجالس الأمة يجلس على كراسيها الخضراء نواب فيهم طعم، ولهم رائحة زكية، غايتهم الكويت والإنسان فيها، وحين كان في تلك المجالس نواب يحاسبون للإصلاح وتقويم الاعوجاج بالمساءلة الهادئة الهادفة، ويستجوبون لغايات صافية نظيفة تحترم الطرف الآخر وتحافظ على سمعته وكرامته، ونواب يدركون ظروف المرحلة بكل تداعياتها ونتائجها السلبية والإيجابية، وانعكاسات كل ذلك على الوضع الاجتماعي العام، حينها كنا كناخبين ومواطنين قبل ذلك نشعر بوجود مجلس للأمة لديه يد نظيفة وقلب نقي ونوايا صافية.
وكنا نفتخر بنواب هم ملء السمع والبصر لدينا، كنا نضرب بهم الأمثال في وطنيتهم ودورهم ومشاعرهم التي لا ترى بغير الكويت عملا نيابيا يرفع من شأنها ويحقق غاياتها وتطلعاتها.
كنا وكنا، وحركة الزمان لا تعود إلى الوراء، لكنها ذكريات الأمس العالقة بالأذهان، كنا نرى صداما بين السلطتين، لكنه سرعان ما ينجلي لتعود حركة العلاقة من جديد سمنا وعسلا، هكذا وأكثر كانت الصورة اليومية لمجالس الأمة، وهي وإن شابها بعض المآخذ، لكنها بالتأكيد أفضل وأسمى، بل وأنظف من حالة الفوضى التي نراها في بعض نواب اليوم الذين استهوتهم الحصانة النيابية، وأغراهم الكرسي الأخضر والسيارة الفارهة مع السائق والهاتف المجاني، فشعروا بأنهم «طواويس» هذا الزمان، وأنهم لا غيرهم يملكون حق إشعال التوتر وخلق الأزمات، وصولا إلى غاية في نفوسهم لا تأخذ أي اعتبار لاستقرار البلاد ولا تلتفت لحالة المواطن النفسية، التي ضاقت ذرعا بكل ما تراه وتسمعه من أولئك النواب.
الاستجواب بالأمس كان له بريقه وقوته ومضمونه الرصين.. يحترم الوزير ويبتعد عن الشخصانية وعن التصريحات الزائفة، لأن الغاية كانت إصلاح الاعوجاج وتقويمه، لذا فقد كانت العلاقة بين الوزير ونواب الاستجواب طيبة، لأن النفوس كانت طيبة ونظيفة.. لكننا حين ننظر إلى استجوابات اليوم نرى فيها الشخصانية وتهديدا ووعيدا، ولا رباط حتى بالمحاور، ويمكن القول إن استجوابات اليوم ما هي إلا قصاصات ورق متناثرة، جمعت في عدة أوراق ليطلق عليها استجواب، أضف إلى ذلك أن نواب اليوم لا يأخذون أي اعتبار للوزير المستجوَب بل يذهبون بتصريحات بعيدة حتى عن الذوق والاحترام، ويصرّون على قوة استجوابه، ثم نكتشف في النهاية أنه خرطي في خرطي، ولا فائدة من ورائه سوى تحقيق غاية بعيدة عن المصلحة العامة وحتى عن السلوك والأدب.
ولو عاد نواب اليوم إلى جلسات الأمس وقرأوا المحاضر واستوعبوا مستوى النقاش وسلوك النائب لقدموا استقالاتهم من المجلس حفاظاً على سمعتهم، أو ما تبقى من هذه السمعة، لكنه غرور النفس والهوى الذي ما إن يسيطر على الإنسان إلا وألقاه بعيدا عن ذاكرة الناس، استوعبوا ولو قليلا ما تفعلون وتذكّروا أن الناخب يملك حق إعادتكم إلى المجلس وحق طردكم منه، كونوا عند حسن الظن قبل أن تكون في زوايا النسيان غدا.

نغزة
حرية الرأي مكفولة، ذلك أمر لا خلاف عليه، لكن هذه الحرية حين تخرج عن الحدود، كما في وسائل الاتصالات الحديثة والتواصل الاجتماعي، فإن هذه الحرية ليست مكفولة، وإلا لتطاول المغردون في بريطانيا، وهي أم الديموقراطية، على الملكة وأشبعوها كلاما قاسيا في «الهايد بارك»، لكنها مصونة من كل ذلك، لأنها «رمز» بريطانيا، ثم وما دام بعضهم يتحدثون عن حرية الرأي، فلماذا قضاياهم ضد الصحافة تملأ المحاكم.. على من تضحكون؟ لا أدري.. طال عمرك.

يوسف الشهاب

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك